شيعة مصر..عملاء !!!!!!-لمياء السلمان-مصر

Thu, 15 Mar 2012 الساعة : 14:13

استغاث بي في مركز ابن خلدون، إخوة مصريون مسلمون، غيّروا مذهبهم الديني من الإسلام السُني إلى الإسلام الشيعي. ولهذا السبب يتعرض هؤلاء المسلمون الشيعة للاضطهاد السافر، أو الازدراء المُستتر. بل وبدأت تطالهم شُبهة التعامل أو العمالة لإيران!
إن الاختلاف والتنوع هو من طبيعة الكون والخلق. فقد خلقنا الله من ذكر وأنثى، وجعلنا قبائل وشعوبًا، لنتعارف ونتعايش، ولو أراد الله سبحانه، لخلقنا أمة واحدة مُتجانسة مُتماثلة. لذلك تنوعت الألوان، والأجناس، واللغات، والمشارب، والأديان، والمذاهب، والملل والنِحل، والأعراق.
وفي التنوع الديني، قال أحمد شوقي، أمير الشُعراء، بيته الرائع، الذي تغنى به المصريون في ثورة 1919: الدين للديّان جل جلاله... لو شاء ربك وحّد الأقواما.
نعم، كان المُحتلون الإنجليز، يُريدون إضعاف روح الوطنية المصرية، بالتفريق بين مُسلمي مصر وأقباطها، جريًا على سياستهم الاستعمارية العتيدة "فرّق تسُد" (Divide and Rule). وهو ما أبطله زُعماء ثورة 1919. فقد كان وليام مكرم عبيد (القبطي) رفيقًا، مُلازمًا لسعد زغلول (المُسلم) لحظة بلحظة، من ميادين مصر الثائرة، إلى أمواج سيرلانكا الهادرة.

المهم، هو أن مصر المؤمنة لم تعرف التعصب في تاريخها الطويل إلا لحظات قصيرة ومُتباعدة، ولم تعرف أبدًا الحروب الدينية بين طوائفها. كما كان الحال في أوروبا. وقد تعاقبت على مصر ديانات عديدة، ومع كل ديانة، كان يتبقى بين أهل مصر مؤمنون ومؤمنات من أتباع ديانات سابقة، يعيشون ويتعايشون مع المُتحولين إلى الديانة اللاحقة. وما كان لذلك أن يحدث على مر العصور إلا بسبب الجذور العميقة للتسامح في المصريين وثقافتهم.

لذلك، نستغرب أن تظهر من جديد، في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين نزعات مُتطرفة ضد شُركاء الوطن من أصحاب الديانات الأخرى. بل والأقبح من ذلك أن تطغى بعض هذه النزعات ضد المؤمنين بنفس الديانة المُحمدية، من أنصار آل البيت، من المسلمين "الشيعة".

وينسى أصحاب هذه النزعات المُتعصبة أن مصر كانت شيعية قلبًا ووجهًا لعدة قرون، وأن الشيعة هم الذين بنوا مدينة القاهرة، وشيّدوا "الجامع الأزهر"، ليكون مدرسة لتعليم أصول المذهب الشيعي. ورغم انتهاء ذلك على يد "الدولة الأيوبية"، إلا أنه، كما يقول عالم الاجتماع الراحل د. سيد عويس، ربما تحوّل وجه مصر إلى المذهب السُني مع صلاح الدين الأيوبي. ولكن قلب مصر ظل "شيعيًا". ويُلاحظ د. سيد عويس أنه لا توجد مزارات دينية إسلامية في مصر، سوى تلك المُرتبطة "بآل البيت".. مثل الحُسين، والسيدة زينب، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة.

بل ويذهب بعض الدارسين إلى أن مُعظم الطقوس والاحتفالات الدينية الشعبية، هي تلك التي توارثها المصريون من العصر الفاطمي، مثل الاحتفال "بعاشوراء"، و"المولد النبوي"، والاحتفال "بآل البيت"، مثل الحُسين، والسيدة زينب، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة.
أما والأمر كذلك، فكيف، ولماذا تضطهد أجهزة الدولة المصرية من تبقى من المصريين الشيعة، أو من أرادوا طواعية أن يعتنقوا المذهب الشيعي؟

إن مثل هذه المُمارسات الاضطهادية، هي مُخالفة صريحة للدساتير المصرية المُتعاقبة، منذ 1923 إلى الإعلان الدستوري عام 2011. هذا فضلاً عن أن هذه المُمارسات هي تجاهل صريح "للإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، الذي كانت مصر، تمثله بالدكتور محمود عزمي، أحد من أعدوا مسودته، وإقراره يوم 10 ديسمبر 1948، وهو يُقر حُرية الاعتقاد، كأحد الحقوق الأساسية للإنسان.

وحُرية الاعتقاد، في الإعلان العالمي، لا تنحصر في الأديان السماوية الثلاثة (اليهودية، والمسيحية، والإسلامية). بل وتشمل الحق في "الإلحاد"، وفي تغيير المُعتقدات، بما في ذلك تغيير الديانة.

إن عدد المسلمين الشيعة في العالم لا يتجاوز مائة وخمسين مليونًا، أي حوالي عشرة في المائة من جملة مسلمي العالم، الذين يصل عددهم إلى حوالي مليار ونصف. ويتركز المسلمون الشيعة في كل من إيران، والعراق، والبحرين، ولبنان، وشرق السعودية.

وربما مع انفجار ثورات الربيع العربي، وكان ضمنها "البحرين"، بدأت الهواجس والمخاوف تتزايد، من انتفاضات، الشيعة. ولذلك، سارعت الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية في الاستجابة لاستغاثة الأسرة الحاكمة (آل خليفة) بالبحرين في استخدام القوة المُفرطة لإخماد انتفاضة ديمقراطية اجتماعية بالبحرين، رغم أن تلك الانتفاضة كانت تضم بحرينيين من المسلمين الشيعة والمسلمين السُنّة، على السواء. وكانت تلك المطالب هي "الحُرية" و"الخُبز"، ولم تكن لا دعوة لتغيير النظام، ولا لإسقاط الأسرة المالكة. أي أنها كانت مطالب مشروعة، مثلها مثل المطالب المشروعة لثورات تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والأردن.

ولكن ما شأن الشيعة في مصر، والذين لا يتجاوز عددهم مليون شخص، وانتفاضة البحرين، والتي شارك فيها، طبعًا، الشيعة هناك؟
لا توجد أي علاقة عضوية أو تنظيمية مُباشرة، وإن كان الأمر لا يخلو من تعاطف روحي ومعنوي، بحُكم "الأخوة المذهبية".

ولكن هواجس الأسرتين المالكتين في السعودية والبحرين، انتقلت إلى السُلطات المصرية، التي ما زال يُسيطر عليها جهازا الأمن الوطني (أمن الدول سابقًا) والمُخابرات العامة. فالجهازان على علاقة تنسيقية مع أقرانهما في السعودية. ويبدو أنهما ابتلعتا نفس الطُعم، بأن الشيعة العرب، بما فيهم الشيعة المصريون، هم جميعًا "عُملاء" لإيران!

فما هذا الهوس، الذي يُذكّرنا بنفس هوس الأجهزة أيام عهد حسني مُبارك ـ وهو اتهام كل المُخالفين له "بالعمالة" للخارج، وهو نفس الهوس الذي اتهم من قاموا بثورة يناير بالعمالة للخارج، وتشويه سُمعة حركة 6 أبريل بنفس التهمة بتلقيهم تدريبًا على الثورات في صربيا وشرق أوروبا؟!

فيا أهل الحُكم في المجلس العسكري أو في برلمان الإخوان، اتقوا الله في أبناء الوطن، ولا تُزايدوا على أحد باسم الوطنية أو الدين أو المذهب، وإلا ستدور عليكم الدوائر.
اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد

Share |