حـــــذارِ مــــن الوقـــــــوع فــــــي الفــــخ-عـــادل حاشـــوش الركابــــي

Sun, 11 Mar 2012 الساعة : 16:28

إستبشر العراقيون خيراً في الايام القليلة الماضية عندما أدرك العرب أخيراً بحاجتهم الى العراق وحاجة العراق اليهم وكذلك تناهى إلى اسماعنا بأن المملكة السعودية قد عينت سفيرها في الاردن سفيراً ( غير مقيم ) لها في العراق بالاضافة الى تاكيد غالبية الدول العربية مشاركتها في قمة بغداد المرتقبة والى الآن تبدو هذه الاخبار طبيعية خاصة اذا ما عملنا ان القمة العربية قرر لها ان تعقد سنوياً في احدى الدول العربية ويشكل دوري وإن الدولة المضيفة تبدأ بتوجيه الدعوات الى باقي الدول العربية وقبل وقت مناسب من الموعد المقرر لإنعقاد القمة وبالفعل ينتهي الأمر بإنعقاد القمة.
الا ان القمة المقرر انعقادها من العام 2010 في بغداد لم تعقد والسبب نعلمه جيداً نحن العراقيون وهو تأثير اللوبي  الخليجي على جامعة الدول العربيــة وباقي الدول العربية وإن الوقائع تشيـر الـــى ان ( مجلس التعاون الخليجي  ) هو من يتحكم اليوم بالشأن العربي وبالقرار العربي بسبب غياب الدول العربيــــة الكبرى والمؤثرة بسبـب ظروفهـــا الداخليـــة وما اصطلـــح علـــى تسميتـــه ( بالربيع العربي ) . لكننا نشهد اليوم استعداد معظم الدول العربية للحضور إلى قمة بغداد وتحديداً ما بدا من تغيراً  في الموقف السعودي تجاه العراق والذي تمثل بإستقبال وفد أمني عراقي وإعلان السعودية بإنها سوف تعين سفيراً لها في العراق بالإضافة الى زيارة ممثل للحكومة العراقية إلى الرياض لتسليمها دعوة لحضور مؤتمر القمة نهاية آذار الحالي .
وبالعودة الى الموقف السعودي تحديداً من النظام السياسي الذي تشكل في العراق بعد انهيار النظام السابق في العام 2003 بإنه موقف قد تميز عن مواقف سائر الدول العربية والدول الإقليمية فقد إتخذت المملكة موقفاً سلبياً جداً تمثل بمقاطعة ومحاصرة الحكومة العراقية والتشكيك بمواقفها والطعن بالاسس التي قامت عليها الدولة العراقية بعد العام 2003 هذا بالنسبة للمواقف الرسمية أمام المواقف غير المعلنة فهي كثيرة فغالبية المعتقلين من العرب في السجون العراقية والذين يديرون العمليات الارهابية الاجرامية في العراق هم سعوديون اضافة الى فتاوى التكفير والتحريض ومروراً بملف الديون ورفض السعودية اسقاط ديونها في حين بادرت دول بعيدة عن العراق الى اسقاط ديونها بينما ترفض السعودية ودول عربية آخرى حتى مناقشة مثل هذا الأمر ورفضت كذلك فتح سفارة لها في العراق طيلة اكثر من ثمان سنوات بحجة الوضع الأمني .
والآن وبعد ان قررت السعودية تعيين سفير لها في العراق واستقبلت وفداً عراقياً فإن ما نخشاه أن تكون هذه الخطوات قد فرضتها التطورات الجارية في المنطقة الآن حيث ان العراق وبحكم موقعه وعلاقاته مع مختلف مراكز القوى والاستقطاب في المنطقة بات يشكل محوراً ونقطة التقاء لا يمكن تجاهلها خاصة وان السعودية وحلفائها الإقليميين وبعض الدول العربية لديهم ملفاً ساخناً الآن وهو الوضع في سوريا حيث أن السعودية ترمي بكل ثقلها من اجل اسقاط نظام الحكم في سوريا وبات اللعب كما يقول على المكشوف وليس من وراء الكواليس وإن هدف اسقاط النظام السوري اصبح هدفاً استراتيجياً تسعى السعودية وحلفائها الى تحقيقه وبأي ثمن . والحقيقة ان هدف اسقاط النظام السوري هو جزء من لعبة المحاور والتحالفات التي يجري اعادة تشكيلها في المنطقة بحيث اصبحت سوريا ساحة للصراع الإقليمي والدولي كذلك .
ومن هنا يجب ان تكون الحكومة العراقية على حذر من ان التقارب الخليجي والسعودي تحديداً مع العراق قد يكون مرحلياً فرضه مطلب تحييد الموقف العراقي في المسائل الاقليمية وبالذات الازمة في سوريا لان العراق اليوم يمكن ان يلعب دوراً مؤثراً ازاء الوضع في سوريا وبذلك تكون هناك مصلحة في كسب الموقف العراقي ولو مؤقتاً من خلال الايحاء بعودة العلاقات مع العراق وتجاوز صفحة الماضي ومن ثم حضور القمة المزمع عقدها نهاية هذا الشهر والتي يخطط لها ان تكون غير فاعلة من خلال مستوى التمثيل او وضع الشروط مقابل التئام هذه القمة لكن الهدف قد يكون ليس هو عقد القمة بحد ذاته وانما خلق واقع جديد من خلال فرض عزلة اقوى على النظام السوري خاصة اذا ما علمنا ان هذه اول قمة لا تدعى لها سوريا وان انعقادها في بغداد تحديداً دون دعوة سوريا هو مكسب كبير لدول التحالف الخليجي الغربي لكون هذا الأمر فيه رسائل قوية موجهة للنظام السوري وحلفائه الآخرين , أما اذا صدقت النوايا من الآخرين فسيجدون العراق كبيراً ويتسامى على جراحه ويسعى الى اقامة اقوى اواصر الآخوة والتعاون مع اشقائه العرب .
ما اردنا قوله ان العراق من مصلحته ان تعقد القمة العربية في بغداد ولكن علينا ان نضع المكاسب التي ستعود على العراق  في كفة وما متوقع ان يخسره العراق الآن او في المستقبل في كفة آخرى ونسلك الطريق الذي فيه مصلحة العراق وشعبه حاضراً ومستقبلاً دون السعي لإرضاء هذا الطرف أو ذاك على حساب الثوابت الوطنية والمصلحة العليا لبلدنا وشعبنا وان نكون على حذر من اعطاء الآخرين مكاسب ومواقف بخصوص القضايا الإقليمية والعربية الملحة ومنها الموقف من سوريا  دون ان يكون هناك ثمناً نعزز به دور العراق الإقليمي والدولي ونقوي به تجربتنا الديمقراطية ووحدتنا الوطنية . 

Share |