ظلم الحصار وكيد السحرة الفجار-ابراهيم عفراوي-بغداد

Sun, 11 Mar 2012 الساعة : 15:26

لايخفى عليكم ايها الاخوة والاخوات الكثير من التفاصيل والوقائع عن تلك الحقبة الزمنية الماساوية التي لايمكن نسيانها التي مر بها العراق و عانى الشعب خلالها بمختلف طبقاته ومستوياته من تردي اوضاعه المادية والمعيشية ومصاعب لاتعد ولاتحصى اصبحت لاتكاد تفارق حياته اليومية نتيجة ذلك القرار الجائر الذي اتفقت وصوتت على بنوده وقرراته الغالبية العظمى من دول العالم , والتي ادت الى تقليل الواردات الممنوحة لهذا البلد وارتفاع مستمر في اسعار المواد اللازمة والضرورية لحياة الانسان وخاصة المواد الغذائية , واكتمل الامر بتدني دخله اليومي وفقدان الدينار العراقي لقيمته في السوق مقارنة بقيمته في العهود السابقة , ولم يقتصر الامر على تردي الوضع المعيشي الذي كان نتيجته ظهور عدد من المشاكل الاجتماعية فيما بين افراد هذا المجتمع الذي تجرع كاس المرارة والذل والهوان على مدار السنين نتيجة تسلط حاكمه وزبانيته , بل شمل كافة الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها كخدمات الكهرباء والماء والخدمات التعليمية والصحية وغيرها .
كان لتلك الظروف القاهرة نتائج سلبية اخرى تمثلت في اجبار العديد من ذوي الشهادات واصحاب الاختصاص من استاذة جامعات ومهندسين واطباء وغيرهم من اصحاب الخبرة والعلم والمعرفة على البحث عن امكنة وبلدان اخرى تنقذهم من هذا الظلم الذي لاتطيقه النفس , وتوفر لهم العيش الرغيد بحرية وكرامة وتكفل لهم التقدم والتطور ضمن مجال اختصاصهم وبعيدا عن تلك المنغصات والمعوقات الداخلية والخارجية والتي ارجعتهم الى الوراء . ويجب الا ننسى المنهج الاستبدادي والتسلطي الذي مارسه النظام وزبانيته في ذلك الوقت على ابناء شعبه والتي ارهقت كاهل المواطنين وليضيف عبئا وهما اخر مضافا لهم الحصار الاقتصادي الذي ارهق فكره وجيبه وسلبه قوته وصحته وعافيته , والذي لم يكن عقابا للنظام بل كان عقابا و انتقاما من شعب باكلمه بمختلف طبقاته ومذاهبه واديانه , اذ انه لو كانت تلك الدول لاترغب في هذا النظام لما يشكله من خطر وتهديد للعديد من الدول المجاورة , وكما كانت تدعي وتقول تلك الدول التي خططت ونفذت مؤامرة الحصار , لكانت قد دعمت تلك الارادات الحرة والصلبة التي اعلنت رفضها له وثورتها العارمة عليه ( الانتفاضة الشعبانية المباركة ) والتي شارك فيها ابناء هذا البلد من شماله الى جنوبه والتي ارادت وبملك ارادتها تخليص نفسها وغيرها من هذا النظام المستبد الفاسد والتحرر من قيوده وجبروته وحكمه الجائر . لو فرضنا بان الذي استطاع الهروب من هذا الجحيم الى بلدان اخرى ونجا وتكلم عما يعاني منه هذا الشعب من تسلط حاكمه وزبانيته على الرقاب وما يخلفه الحصار الظالم من ترسبات واثار خطيرة على كيان هذا المجتمع وحياته ومستقبله , فانه سوف لن يجد ذلك الفهم والاستيعاب المناسب لادراك حقيقة تلك المشكلة الخطيرة وعواقبها في السنوات اللاحقة , وان وجدها فما الفائدة من حديثه ونقله لتلك الالام و المعاناة التي يعاني منها الملايين خاصة وان الكثير من الدول قد اتخذت موقفا ظالما لارجعة فيه بتنفيذ وتطبيق قرراتها الجائرة حتى لو طالت فترة تطبيقه واستمرت لسنوات , فهي لاتهمها مصالح الشعوب وحياتها وامنها واستقرارها بالقدر الذي تفكر فيه للوصول الى مبتغاها حتى وان اقتضى الامر ازهاق حياة وارواح الكثيرين . ومثل هذا الامر يحدث عندما يتعرض انسان ما او عائلة ما لظلم وعدوان وقع عليها من قبل فرد متسلط داخل البيت , فان شعور واحساس الطرف المستمع لايرقى الى المستوى الذي يطمح اليه ذلك الانسان من اجل فهم اوادراك حجم تلك المشكلة واثارها الخطيرة عليه وعلى غيره ممن تعرضوا لظلم وعدوان هذا الظالم في حالة التهاون فيها , ولنا في غض النظر وتجاهل الكثير من الدول عما حصل في العراق طيلة فترة الحصار كل العبر والمواعظ لما خلفه والذي يحتاج لجهود سنين طويلة من العمل الدوؤب لاصلاحه وهذا الامر نفسه هو ماسيعانيه هذا الفرد او تلك العائلة .
وفي تلك الظروف الغير عتيادية , عانينا حصارا وظلما وعدوانا من قبل فرد ارتبط روحا وفكرا وقلبا وقالبا بهذا النظام الطاغي والمستبد الذي حكم العراق بالنار والحديد والتسلط والاستعباد , ولازال مرتبطا به وجزءا لايتجزا منه , هذا الشخص تعلم من مدرسة البعث الكافر الكيفية التي يتمكن فيها من اذية ومضرة غيره بشتى الطرق والوسائل التي تعلموها و درسوها في منظماتهم وفرقهم الحزبية , ومن ثم الخروج من جرائمهم التي ارتكبوها بحق الابرياء بفنونهم والاعيبهم الملتوية والتي تستند اغلبها على العلاقات والروابط الاجتماعية المبنية على المصالح الدنيوية , ففي تلك الفترة الاكثر ظلما وظلاما في تاريخ العراق انقلب الصحيح المعافى الذي كان ينبغي له ان يمارس حقه المشروع في بناء حياته ومستقبله وتكوين اسرته كالاخرين الى انسان اخر , يعاني من الانطواء والعزلة والافكار والتصرفات الغريبة والى غير ذلك والتي توحي لمن ينظر اليه او يطلع على حالته بانه مرض نفسيا , علما بانه تعرض لتلك الاصابة بعد اسبوع واحد من استلام دفتر خدمته التي اتمها كبقية زملائه وهو بكامل قواه الذهنية والصحية والجسدية وهو في بداية الطريق لشق دربه في الحياة ( المرحوم التشكيلي اسماعيل عفراوي ) . ولم تكن حالته الوحيدة التي ارهقت كاهل انسان اخر كان بالقرب منه تعرض هو ايضا دون علمه وادراكه لتلك الهجمة الشريرة وتاثيرات القوى الغيبية المسيرة من قبل شخص لتحقيق هدف وغاية مستقبلية وجد في طريق الشر والظلام وسيلته المثلى لتحقيقها , اذ ان الذي ازاد الطين بلة عليه ماتعرضت له تلك الام العظيمة و التي كان نعم العون والسند لهم في محنتهم لتصبح طريحة الفراش , وفي ظل تاثيرات تلك القوى التي تحاول تشويه الحقيقة وقلبها ولتغطية على مسببها ساروا في تلك الطرق التي جردها الحصار من كل مقوماتها في شفاء الامراض التي هي من ضمن ميدان اختصاصها , نتيجة رداءة العلاج وانتهاء صلاحيته وعدم توفره في الاسواق وان توفر فهو ذو قيمة ترهق كاهل المريض وعائلته , فكيف بتلك العائلة المسحورة التي اوقعوها في حالة الوهم بانها تعاني امرضا نفسية , والتي اخذت تنفق اموالا من الصعوبة الحصول عليها الا بجهد ومشقة لعلاج وشفاء نفسها بطريق خاطي , لم تلفت لمقدار خطئه الا بعد مرور 8 سنوات بكل مرارتها وعذاباتها المستمرة في الليل والنهار . وكيف الامر بهذا الشخص المصاب والذي انقلبت حياته جحيما لايطاق ليعاني هو وعائلته من تلك الاصابات الغريبة حتى اصبح المكان المخصص لهم للعيش والبقاء اشبه بمستشفى لعناية ورعاية المصابين وبجهده ونفقته الخاصة , وكان يتوجب عليه العمل لتوفير لقمة العيش وتهيئتها لهم بنفسه وغسل ملابسهم وتنظيفهم من النجاسات التي تحصل لهم نتيجة فقدانهم لكل شعور واحساس وسيطرة الرعب والخوف والفزع في انفسهم , هذا فضلا عن مراجعة الاطباء وتوفير العلاج وغيرها من الامور المتعبة والمرهقة التي خطط لها ضعاف النفوس لتدمير حياته وجعله منشغلا عن مواصلة مسيرته في الحياة وبنائها بشكلها الطبيعي والصحيح , انها لمن تكن امراضا طبيعية بل كانت ابتلاءا بافعال اناس تجردوا من تربيتهم واخلاقهم وكل القيم والاعراف الانسانية فضلا عن تخليهم عن دينهم الذي حرم منذ نزوله من السماء الاضرار بالمسلم في نفسه وماله ودينه وعرضه , وهم يعيشون حياتهم بصورتها الطبيعية بالقرب منهم ويراقبون تاثيرات افعالهم المهلكة على ضحاياهم كمراقبة تلك الدول الظالمة لاثار الحصار الذي فرضته على العراق ومتابعتها له يوميا بالتقارير المرفوعة والاخبار المنشورة لتشفي حقدها الدفين من هذا الشعب المسكين .
و بعد تلك السنين الطويلة كشف الله كيدهم ومكرهم وسحرهم اللعين , ولكن مالفائدة من ذلك فقد تحملنا وصبرنا انفسنا وفوضنا امرنا الى الله وتوكلنا عليه , ونبذنا خلف ظهورنا كل الطرق الغير سليمة التي يمكن ان يلجا اليها الانسان لحل مشاكله وقضاياه , ولجائنا الى العقل والتفاهم وطرحنا تلك القضية الماساوية بدلائلها الثبوتية على من هو اكبر منا سنا واكثر فهما وادراكا لتلك القضايا وعواقبها المستقبلية على حياة وارواح الناس وحقوقهم وخاصة شيخ العشيرة والمقربون , وهنا السؤال الذي يطرح نفسه مالذي حصل بعدها وكم الفترة الزمنية التي صبرنا فيها على هولاء وظلمهم وتجاوزهم على كيانه الانسان وحياته وحقوقه ؟ وماهي الحلول التي قدمها المجتمع المحيط بتلك القضية منذ تلك الفترة وحتى هذه اللحظة ؟ نقول ان قوى الشر والظلام قد استنفرت كل قوتها وطاقاتها في تلك الفترة الزمنية ( 2002 ) ومابعدها للتاثير على تلك النفوس التي اطلعت على دليل تلك القضية , وقلبت موازين القوى لصالحها وشوهت الكثير من الحقائق عنها وانكرت دورها الفاعل في اذية ومضرة تلك النفوس البريئة بتلك الطرق المحرمة , وكان هذا الامر ظاهريا امام الناس في حين انها ان خلت بنفسها عادت لمكرها وخبثها وسحرها وشمرت سواعدها لاكمال مابداته لاذية ومضرة تلك العائلة البريئة من اجل الوصول الى غايتها وهدفها المنشود وبمعنى اصح انهم اصروا على مافعلوا وهم يعلمون فطريقهم لارجعة فيها مهما كانت الظروف والاسباب . ومن جانب اخر سعت للماطلة والتسويف والوعود الكاذبة بتحقيق ماوعدت الاخرين به في حين انها كانت قد قررت مسبقا وفي داخل نفسها عدم التخلي عنه حتى لو اقتضى الامر منها قتل الاخرين . وقد يتسائل البعض ماهي التغيرات التي طراءات على احداث تلك القضية بعد سقوط النظام ؟ نقول بان ماحدث قد اتاح لهم حرية ومجالا اوسع لممارسة نشاطاتهم العدوانية وخاصة بعد ان فقد القانون مكانته ودورة في تنظيم الحياة وهو ذلك الطريق الذي لازلنا نشعر بالندم القاتل لعدم لجوئنا اليه في ذلك الوقت الذي اكتشفنا فيه امرهم بدلا من اللجوء الى الوساطات الاجتماعية والعشائرية التي كانت نتيجتها الاستمرار في اذية عباد الله والتجاوز على حقوقهم ومن ثم ازهاق ارواحهم البريئة ظلما وعدوانا والسعي المتواصل لتدمير ادلة القضية وتحطيمها . ان تلك العائلة عرفت كل معاني الارهاب واثاره المدمرة قبل ان يدخل العراق وياخذ ارواح ابنائنا واخواننا واصدقائنا وجيراننا واحبائنا سواءا اكانوا اطفالا او شيوخا نساءا او رجالا , وعانت من التهجير القسري نتيجة الظلم والعدوان الواقع عليها مررا وتكررا قبل ان يجرب و يذوق مرراته من ذاقها بعد ان اشتعلت نار فتنة التفريق والحقد والكراهية , واذا كان العراق قد تخلص من ذلك الظالم المستبد الطاغي والمتعجرف وعاش هذا الشعب المظلوم فيما بعد ولو لاشهر قليلة فرحة سقوطه وزواله من ارض العراق الحبيب , فهذه العائلة البريئة لم تشعر او تذوق حلاوة تلك التغيرات وذلك لان النسخة الاخرى لهذا النظام والصورة المصغرة له لازالت باقية حتى هذه اللحظة وهي تمارس افعالها ونشاطها بحرية وهي تستغل بخبث ومكر ودهاء طيبة وكرم الاخرين وشعارهم ( عفى الله عما سلف ) لترتكب جرائمها بحق الابرياء , فهل من مجيب اجابنا او يجيبنا على هذا النداء ؟

Share |