الحكمة والموعظة الالهية في الابتلاءات الدنيوية - ابراهيم عفراوي- بغداد

Wed, 7 Mar 2012 الساعة : 17:36

بسم الله الرحمن الرحيم ( الم . احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا ءامنا وهم لايفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) صدق الله العلي العظيم
انها قصة الصبر والايمان الخالدة في الحياة و التي ذكرها الله تعالى بين طيات قرانه المجيد و بين من خلالها الكثير من الدروس والعبر والمواعظ والحكم وما يجب ان يقوم و يلتزم به الانسان عند تعرضه لتلك الامتحانات الالهية العظيمة التي قد يتعرض لها في هذه الحياة, وهي اختبارات وابتلاءات امتدت لتشمل الاعظم مكانة ومنزلة عند الله تعالى اولئك الذين اختارهم من البشرية ليكونوا لهم دعاة وهداة الى دينه الحق وصراطه القويم الا وهم الانبياء والرسل صوات الله وسلامه عليهم اجمعين . سئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن بليّة أَيُّوبَ التي ابتلي بها في الدنيا لأيّ علّة كانت؟
فقال (عليه السلام): لنعمة أنعم الله عزّوجلّ عليه بها في الدنيا وأدّى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلمّا صعد ورأى شكر نعمة أَيُّوبَ (عليه السلام) حسده إبليس.
فقال: يا ربّ، إنّ أَيُّوبَ لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة إلاّ بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدّى إليه شكر نعمة أبداً، فسلّطني على دنياه حتى تعلم أنّه لم يؤدّ إليك شكر نعمة أبداً.
فقال له الباري عزّوجلّ: قد سلّطتك على ماله وولده.
قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولداً إلاّ أعطبه (أي أهلكه) فإزداد أَيُّوبَ لله شكراً وحمداً.
قال: فسلّطني على زرعه يا ربّ.
قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أَيُّوبَ لله شكراً وحمداً.
فقال: يا ربّ سلّطني على غنمه، فسلّطه على غنمه فأهلكها، فإزداد أَيُّوبَ لله شكراً وحمداً.
فقال: يا ربّ سلّطني على بدنه فسلّطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهراً طويلاً يحمد الله ويشكره ولكن وقعت حادثة كسرت قلبه وجرحت روحه جرحاً عميقاً، وذلك عندما زارته مجموعة من رهبان بني إسرائيل وقالوا له: يا أَيُّوبَ لو أخبرتنا بذنبك لعلّ الله كان يهلكنا إذا سألناه، وما نرى إبتلاك بهذا الإبتلاء الذي لم يبتل به أحد إلاّ من أمر كنت تستره؟
فقال أَيُّوبَ (عليه السلام): وعزّة ربّي لم أرتكب أي ذنب، وما أكلت طعاماً إلاّ ويتيم أو ضعيف يأكل معي.
وفي رواية اخرى سئل أَيُّوبَ بعد ما عافاه الله: أي شيء كان أشد عليك مما مر؟
فقال: شماتة الأعداء. ( نص مقتبس )
لقد عاشت تجربة نبي الصبر والايمان والتمسك بالله في دمي وعقلي , لدرجة انني كلما قرأتها او استحضرتها في عقلي ونفسي فان روحي تنتقل ذاتيا من عالمها الذي تعيشه الى تلك الفترة الزمنية التي حصلت فيها تلك الواقعة الانسانية العظيمة لاجد نفسي اعيش الما وعذابا ومرارة لامثيل لها ليس لما اصاب نبي الله ايوب ( عليه السلام ) فحسب بل لموقف الناس منه وتغير نظرتهم اليهم على انه لم يكن نبيا او عبدا مطيعا لله فلو كان كذلك مااصابه مااصابه من ابتلاء عظيم ومن ثم اتخاذهم ذلك الموقف الاشد قسوة والاكثر ظلما بنبذه والتخلي عنه وطرده بعيدا خلف اسوار المدينة خوفا على انفسهم واجسادهم من ان يصيبها ما اصاب جسده الشريف من داء عظيم لاشفاء له الابالموت حسب تفكيرهم , في حين انه كان اليد الرحيمة العطوفة الكريمة التي لم تقصر معهم يوما ما اذ كان بيته مفتوحا للسائل والمحروم وكل فقير وضعيف ومحتاج , ان كل مايتعرض له الانسان يهون في نفسه عند الابتلاء الا شماتة الاعداء به وبمصيبته والاشد من هذا قسوة عليه تلك التهم الظالمة والباطلة التي لااساس لها من الصحة في انه ليس عبدا مطيعا شاكرا لانعم الله وفضله , وانى لتلك النفوس الجاهلة ان تستوعب وتدرك ان الابتلاء قد يكون اختبارا لمقدار ايمانه بالله تعالى وتمسكه به ولغاية وحكمة ارادها رب العرش في السماء حتى وان فقد اهله وماله وامتدت اثاره الى جسده الطاهر الشريف , ولكنه الشيطان اللعين الخبيث وافكاره المريضة التي وجدت في تلك النفوس الدنيوية البعيدة عن الايمان بالله تعالى بيئة خصبة ومكانا ملائما لافكاره الخبيثة التي امتلئت حقدا وكراهية لادم وذريته وخصوصا الانبياء والرسل ( عليهم السلام ) فهو بشتى الطرق والوسائل يحاول النيل منهم والتقليل من مكانتهم وشانهم في اعين ونفوس الناس , فهو ان عجز في مكره وخبثه ووساوسه للمبتلين بافعاله وبهدف زعزعة الايمان بالله ونزعه من قلوبهم ومن ثم التخلي عنه والاستسلام له , فانه ان فشل في هذا يتوجه الى المجتمع المحيط بهم ليبث افكاره وسمومه القاتلة التي سوف يصدق ويؤمن بها من ضعفت نفوسهم في ايمانها وتقواها وتمسكها بالله في سرها وعلانيتها مما يؤدي الى تغير افكارهم ونظرتهم الى المبتلى ومايعاني منه وبالتالي يميلون لااردايا الى نصرة الشيطان في تلك المواقف التي يقفونها والخطوات الظالمة التي يتخذونها بعزله اجتماعيا وعدم التقرب اليه او معونته ونصرته والوقوف الى جانبه في محتنه , وبلاشك ان هذا الامر سيزيد من شدة الابتلاء وقسوته وطول فترته . ان كان هذا الابتلاء والاختبار العظيم الذي لعب الشيطان الدور الاكبر فيه بعد اخذ الاذن من الله تعالى في هذا الامر , والتي جعلت الانسان يفقد اعز واغلى مالديه في الحياة البنين والبنات وماله وكل املاكه ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل امتد ليؤثر على صحته وعافيته ليصاب جسده بمختلف الامراض والعلل التي جعلته طريح الفراش لايكاد يقضي حاجته حتى تخلى عنه كل اهله واقربائه واصدقاءه واحبائه ماعدا تلك المراءة العظيمة الشان والرفيعة المنزلة عند الله تعالى زوجته , تلك القصة هي النموذج الاول في قصص الابتلاء والصبر عليه , والانبياء والرسل هم المثل الاعلى للانسانية جمعاء في كل مايعترضهم من ابتلاءات ومصاعب ومحن في هذه الحياة التي هي ليست دار خلود وبقاء ثم ينزل السلم الى الادنى فالادنى , لنجد هنا او هنالك بعض القصص الواقعية لعباد الله في الارض تعرضوا فيها لابتلاء قد يكون صورة مصغرة و مشابهة بجزء بسيط لما مر به هذا النبي الكريم ( عليه السلام ) ولعب الشيطان فيه ايضا دوره وبنفس الطريقة والاسلوب الذي اتبعه في احداث وووقائع تلك القصة ولكن عن طريق بعض السحرة والمشعوذين ومن يستعين بهم من اصحاب النفوس البعيدة الايمان ليعلنوا حرب التدمير والتحطيم والانتقام عليهم ظلما وعدوانا ودون وجه حق مما ادى الى خسارة في انفسهم واهليهم واموالهم وكل مايمتلكون وتخلى عنهم القريب والبعيد فاصبحوا منبوذين ومعزولين اجتماعيا بفعل كيد الشيطان واتباعه الحاقدين .
نقول بعون الله تعالى : - عندما يكون الانسان سليما معافى من كل داء وعلة فانه يعيش حياته طبيعيا كغيره من البشر فهو ينهض في الصباح الباكر ليودي ماعليه من فروض وطاعات ومن ثم يتوجه لكسب رزقه وعيشه اليومي ومصدرحياته وبقائه والوسيلة التي يمكنه من خلالها بناء حياته الاسرية فيما بعد , وبلاشك ان لديه علاقاته الاسرية الخاصة والتي تربطه بين افردها جميعا وعلاقاته بالمقربين او اصدقائه وزملائه المفضلين اضافة الى العلاقات الاجتماعية التي تنشا فيما بينه وبين افراد اخرين يلتقي بهم في مسيرة الحياة , فخلال تلك الفترة التي يكون فيها سليما معافى من جميع النواحي النفسية والصحية والجسدية تكون نظرة الناس اليه وتعاملهم بشكل طبيعي وبغض النظر ان كان هذا الانسان يصلي ام لا , ولكن ان اصيب بابتلاء اومرض او علة اثرت فيه بشكل كبير واخرجته عن خطه الانساني الطبيعي الى خط اخر بعيد كل البعد عن العالم الواقعي فاننا نرى تغيرا واضحا في موقف ونظرة الناس اليه وعلاقاتهم بهم ولايقتصر هذا الامر على المقربين اليه بل تمتد لتشمل المجتمع عامة وكل من يلتقي بهم , وبالاخص تلك الاصابات التي توحي لناظرها بان هذا الانسان مريض نفسيا او مختل او مجنون او ماشاكل ذلك والتي تبدر خلالها عن الشخص المصاب ولااردايا بعض التصرفات الغريبة والغير سوية او مالوفة , نحن سوف لن نتكلم عن السخرية والاستهزاء التي يتعرض له المبتلى ( المرحوم الفنان التشكيلي اسماعيل عفراوي ) عند تواجده فيما بين تلك النفوس الضعيفة ضاربين عرض الحائط ان هذا ابتلاء بافعال الاخرين قد يتعرض له اي انسان , وهذا قد يهون علينا ولكن المصيبة الاعظم منه تلك النظرة الخاطئة عن تلك الحالات والتي تثير في النفس الاسى والحزن والالم بان هذا الانسان لو كان عبدا مطيعا لله ويؤدي ماعليه من فروض وطاعات مااصيب بهذا المرض او تلك العلة او هذا الداء , وبعض مواقف الناس وكلامهم عليه قد تخرج عن حدودها الاخلاقية والانسانية الى مستوى اتهام هذا المبتلى البرئ بالكفر وعصيان الله , ولاادري ماهي الطريقة التي اتبعها هؤلاء واستطاعوا من خلالها الوصول الى تلك النتيجة المتعلقة بامور غيبية لايعلمها الا الله , فما هو العلم الذي استندوا عليه بان الاصابة والعلة التي اصابته كانت نتيجة كونه لم يكن يصلي مثلا ؟ وكيف استطاعوا الحكم عليه انه لم يكن يصلي في حين انهم لم يكونوا على الاقل اقرباء له ؟ ولكم ايها الاخوة والاخوات ان تتصوروا الموقف في عقولكم النيرة بان هذا المجتمع الفريد من نوعه يعيش فيما بينهم وبالقرب منهم من كان سببا في ماساتنا ولازال يتابع تلك القضية ( الساحر ومن استعان به ) وهم يدافعون عنهم دفاعا لامثيل في حين ان المبتلى اصبح عدوا لدودا في نظرهم وتفكيرهم , وهنا السوال الذي يطرح نفسه عليهم لماذا تظلمون ضحايا السحر بموقفكم هذا وتمدوا ايديكم لتصافحوا اؤلئك المجرمين الذين استعانوا بالشيطان واعوانه ان كنتم مؤمنين بالله واليوم الاخر كما تقولون وتدعون ؟ ولاتقولوا لي بانكم لاتعرفونهم او ان الله تعالى علام الغيوب او غيرها من الححج والاعذار التي تسعون فيها للتغطية على نفوس امتلاءت قذارة وخسة ونذالة في افعالها التي اصبحت واضحة وضوح الشمس في السماء فالاناء نضح بمافيه وبانت حقيقته وانتهى الامر , في حين انكم كنتم ولازلتم تنهشون في لحوم المبتلين المظلومين بكلامكم عليهم وموقفكم وتصرفاتكم واستهزائكم وسخريتكم بهم لتزيدوا من الامهم ومعاناتهم وبؤسهم وشقائهم وحرمانهم وطول فترة ابتلائهم ان لم يؤد الامر لهلاكهم , ولتشاركوا مع الشيطان واعوانه في جرائمهم الكبرى ليس بحق فرد او عائلة ما بل بحق الانسانية جمعاء.
http://www.youtube.com/watch?v=19KiqKViwOU
 

Share |