محاور الارهاب وترابط الأمن والإعلام التظيف-المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني
Wed, 7 Mar 2012 الساعة : 16:35

إن من حق الإعلام ممارسة دوره ومهامه بشكل مستقل بعيدا عن أي تأثيرات أيا كان مصدرها مؤكدين احترامهم وتقديرهم لدور الأجهزة الأمنية المتبادل في بسط سلطة القانون والنظام العام للعمل بشكل مشترك من أجل إعداد دليل عملي للتغطية الإعلامية المستقلة في مناطق التوتر والأزمات وإيجاد آليات تنسيق تضمن سلامة تطبيق قواعد العلاقة بين الطرفين دون ألمداخله في ممارسة العمل الإعلامي الوطني المعروف بولائه للاراده ألوطنيه الخالصة. إلا أن ألحاله تختلف عندما تكون المشكلة الرئيسية تكمن في عدم تفهم الطرفين لدور كل منهما والمسؤوليات التي تترتب على ذلك عندما يتواجد الإعلام الأجنبي على الأرض ألوطنيه فلا يهمه سوى نقل الخبر والتغطية لأهداف شريرة مكشوفه لغرض الاثاره وخلق حاله من التوتر في أكثر الأحيان وخاصة عندما لاتوجد مواثيق دولية ومعاهدات للتغطية الإعلامية المستقلة في مناطق التوتر والأزمات فالتجاوزات والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون من قبل بعض رجال الأمن خلال تغطيتهم الإعلامية ليست منهجا بل ممارسات فردية، وأن التعامل معها يكون بإدانتها بشكل واضح والمساءلة لمن يرتكبها وعدم التزام بعض الصحفيين بمدونات السلوك المهني خلال تغطيتهم الإعلامية أحد أسباب التصادم والاشتباك مع الأجهزة الأمنية. لضعف التنسيق والتواصل بين الإعلاميين والأجهزة الأمنية وبث الاخبار المشبوهه قد يكون عاملا في حدوث سوء الفهم. الحاجة الملحة لتطوير وعي رجال الأمن بمدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين التي اعتمدت من الأمم المتحدة، وكذلك القوانين الوطنيه الاسمى في التنفيذ وحق ايصال الخبر الصحفي شريطة ان لايكون مأجورا التزاما للشرف المهني وبالتالي وفقا للمبادى ألعامه سيمكن رجال الأمن الإعلاميين والصحفيين من الوصول بيسر إلى أماكن التوتر بهدف القيام بواجبهم المهني لتغطيتها وتوفير أماكن مناسبة للإعلاميين خلال الأزمات وتقديم التسهيلات اللازمة لهم وتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها وتمكينهم من الحصول على المعلومات من مصادرها وحمايتهم من الأذى الشخصي وعدم التضييق عليهم أو التعرض لهم وعدم التدخل في عملهم المهني خلال أو بعد تغطيتهم للأحداث وعدم مصادرة معدات الإعلاميين. وفي المقابل على الإعلاميين التعريف بهويتهم لدى الأجهزة الأمنية وارتداء ما يشير إلى هويتهم الإعلامية ويميزهم عن الجمهور والالتزام بالدور المهني في تغطية الأحداث وعدم المشاركة في الأحداث والابتعاد عن مناطق الخطر وتجنب مناطق الصدام بين الجمهور ورجال الأمن قدر الإمكان وكلما كان ذلك ممكنا وعدم إعاقة عمل رجال الأمن واحترام دورهم وعدم العبث بالأدلة في مواقع الأحداث والجرائم. إضافة إلى الالتزام بتوفير بيئة إيجابية للإعلاميين لتغطية صحفية مستقلة.ووالتشديد على أن الإعلام والأمن يلتقيان في قاسم مشترك الهدف هوالالتزام بالقانون والتعليمات ومصلحة الجمهور الخبر الأمين الصادق إلا أن الاختلاف قد يكمن في أن كلا ينظر لهذه المصلحة من زاوية مختلفة تستند إلى طبيعة الدور الذي يؤديه. وعلى ضوء ما للإعلام الدور الوضاء الساطع لإظهار كل الحقائق كما هي لذلك نرى الإعلام الملتزم وهاج لا ينظر إلى الوراء أو ألمجامله ولايستخدم كسفينة غارقة لهلاك الإنسان وقتله من قبل الإرهاب القذر أو أن يغرق الحقيقة بأوساخ القمامة التكفيرية وترويج الأفكار الباليه ألمستهلكه وعليه فان كل الأيادي النظيفة ترى أن على الإعلام أن يلعب دورا هاما ومؤثرا في توجهات الرأي العام وصياغة مواقف وسلوك ناضج من خلال التغطيه الخبريه والمعلومة التي يزود بها المتلقي للخبر من قيل وسائل الإعلام المختلفة. إذ لا يستطيع الشخص تكوين موقف معين أو تبني فكرة معينة إلا من خلال المعلومات والبيانات التي يتم توفيرها له وهذا ما يدعم ويؤكد قدرة الإعلام بكافة صوره وإشكاله على إحداث تغييرات في المفاهيم والممارسات الفردية والمجتمعية عن طريق تعميم المعرفة والتوعية والتنوير وتكوين الرأي ونشر المعلومات والقضايا المختلفة . لان وسائل الإعلام أصبحت جزءا أساسيا من مركبات حياة الشعوب والمجتمعات المتنوعه بفعل استجابتها ومواكبتها للتطورات والمستجدات الحاصلة في شتى المجالات الحياتية وقدرتها على الوصول إلى الجمهور ومخاطبتها والتأثير به وهذا يتطلب ضرورة مراعاة ظروف كل مجتمع وبيئته الثقافية والفكرية بشكل يضمن احترام الهوية ألوطنيه لكل المجتمع بما له من خصوصيات. دون ان يعني ذلك تجاهل الآخر وعدم جواز التعرف على ثقافته وحضارته ، اذ لا بد من التواصل والتفاعل معه والاستفادة بما لديه من علوم ومعارف بعد أن أصبح العالم بفضل الثورة العلمية والتقنية والاتصالاتية أشبه ما يكون بقرية صغيرة تتداخل فيها المصالح ويسهل الاتصال بين أفرادها.وهكذا يعرف الإعلام لغة العصر والحضارة والبناء ورافدا من روافد السلم والاستقرار والمدافع عن حقوق الإنسان لذا لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاهله ، الأمر الذي يستوجب الفهم والاستيعاب من خلال امتلاك مقومات عناصر التطورات والتي تشهدها وسائل الاتصال المختلفة ، حيث تعددت أدوات الإعلام وتنوعت وأصبحت أكثر قدرة على الاستجابة مع الظروف والتحديات التي يفرضها الواقع الإعلامي الذي بات مفتوحا على كافة الاصعد . وإذا كان من حق الرأي العام أن يعرف الحقيقة ويتابع ما يجري من أحداث على الساحة المحلية والإقليمية والدولية ، فان التعاطي مع هذه الأحداث ونشرها ومتابعة ما يجري منها ، يجب ان يتم وفقا لضوابط مهنية ومعايير أخلاقية وإنسانية وموضوعية تراعي ظروف المجتمع ومزاج الرأي العام ، ما يعني ضرورة التوازن بين حق الجمهور بالمعرفة ، وبين مرجعيته الثقافية والأخلاقية والدينية على اعتبار إن المعايير الفاصلة بين إعلام وآخر هي في النهاية معايير مهنية وأخلاقية يجعله قادرا على التعبير الموضوعي عند تناول القضايا المختلفة بحيث نضمن وسائل إعلام بإطار مرجعي كفيل بتوفير تغطية منهجية تتماشى مع قواعد ( علم ) الإعلام ونظرياته بعيدا عن العفوية والارتجال . وربما هذا ما تفتقد له الكثير من وسائل الإعلام في وقتنا الراهن مع كل آسف فالعراق بكافة فصائله وقواه ألوطنيه وجميع مكوناته بعد ان انتظم تحت مظلة دستوره الدائم الذي اختاره الشعب العراقي لنفسه ونظامه البرلماني وإعلامه الحر تلقي شعبنا العراقي كل الهجمات الانتحارية لقتل الأبرياء الآمنين باسم الجهاد المارق الفاسد والترويج لتلك العناصر الساقطة لتعرض جاثمين أبنائه الطاهر على شاشات التلفزه والتي فتك بها الإرهاب وزمره ودوله وقنواته الاعلاميه والفضائية خلافا للقوانين والأعراف ألدوليه. نعم نحن سائرون لبناء بلدنا وارساء المبادي ألعامه لنظامنا الدستوري بعد أن راهنت سياسات وتطلعات القنوات ألفضائيه والإعلام المنبوذ بالتعايش مع متطلبات السوق (الإعلامي) بما يضمن لها الترويج السلعي الإعلامي لبضاعة تالفة لضمان وصولها الى اكبر عدد ممكن من جمهور العابثين والمغفلين والمغرر بهم الأمر الذي وفر أجواء تنامي العلاقة بين الإعلام وبين الإرهاب وهذا ما لانرغب تعايشه أو نموه على حساب القيم الانسانيه لان علاقة الإعلام المشبوه على وجه التخصيص إشكالية تحتاج الى التأمل واستخلاص الدروس والنتائج ، حيث يحاول كل منهما السعي وراء الآخر . وهناك من اعتبر أن العلاقة بينهما أشبه ما تكون بعلاقة بين طرفين، احدهما يصنع الحدث والأخر يقوم بتسويقه. وهذا ساعد على احتضان الإرهاب وانتشاره ونشر الثقافة الإرهابية ، ومن ثم الإسهام في زيادة معدل ظواهر العنف والإرهاب والجريمة بالرغم من أن ظاهرة الإرهاب تحظى باهتمام الشعوب والحكومات في شتى أنحاء العالم لما له من آثار خطيرة على آمن الدول واستقرارها ، بعد أن اتضح أننا أمام ظاهرة إجرامية منظمة تهدف إلى خلق جو عام من الخوف والرعب والتهديد باستخدام العنف ضد الإنسان والممتلكات وقتل الأبرياء وخلق حالة من الفوضى العامة ، بهدف تضخيم الأعمال الإرهابية وآثارها التدميرية في المجتمع بما يتناسب مع القاسم المشترك الذي أمكن التوافق عليه بين تعريفات الإرهاب المختلفة والذي يرى في الإرهاب استخدام غير مشروع للعنف يهدف الى الترويع العام وتحقيق أهداف سياسية . ما جعل البعض ينظر إلى الإرهاب باعتباره عنف منظم موجه نحو المجتمع وإتاحة المجال أمام انتشار الشائعات المغرضة ، التي تثير خوف الرأي العام وتؤلبه ضد السلطات المحلية بحجة عجزها عن حماية آمنه ،لذا بعمد الإرهابيون إلى التسلح بوسائل الإعلام المختلفة لتسويق أغراضهم وغاياتهم وتوظيفها في تضليل الأجهزة الأمنية واكتساب السيطرة على الرأي العام عن طريق نشر أخبار العمليات الإرهابية التي يقومون بتنفيذها على اعتبار أن الحملات الإعلامية التي تغطي هذه العمليات تساعد على تحقيق واستكمال أهداف الإرهابيين ، الذين يرون في التغطية الإعلامية لجرائمهم معيارا هاما لقياس مدى نجاح فعلهم الإرهابي. من هنا يأتي استغلال الإرهاب للإعلام لترويج فكره الإرهابي ودعمه من خلال محاولاته المستمرة في البحث عن الدعاية الإعلامية لتسليط الضوء على وجوده وأغراضه الشاذة. إن الطرفين الإعلام الأسود والإرهابيين يستفيدان من الأعمال الإرهابية لغرض هدم مرتكزات المجتمع . خاصة في ظل تنافس وسائل الاعلام المختلفة على النقل الفوري للأحداث المتعلقة بالإرهاب من اجل تحقيق سبق صحفي لاستقطاب أعداد متزايدة من جمهور القراء والمشاهدين ، والذي قد يكون على حساب القيم الأخلاقية والإنسانية. وإعطاء القدرة للمنظمات الإرهابية على تطويع الإعلام والاستفادة من ثورة الاتصالات المتقدمة في تنفيذ عملياتها وأجندتها ومخططاتها الإجرامية وهنا يكون الإعلام الفاسد لعب دورا قذرا في نقل التعليمات الإرهابية الى الخلايا النائمة النشطة لإقامة اتصالات جديدة مع جماعات وسخه حليفة . بحيث يتواصلوا مباشرة مع آخر المستجدات في الوطن الذي يعيشون فيه لقد حدث تغيير جذري وعميق في مفهوم المسؤولية الأمنية بحيث أصبح الأمن مسؤولية تضامنية تشارك فيها مختلف الجهات الرسمية والشعبية الفاعلة في المجتمع . أن العلاقة ألوطنيه ومصلحة الشعب تنسجم تماما بين كل من الأمن والإعلام النظيف بعلاقة ارتباطيه ، فالإعلام بوسائله المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية يلعب دوراً بارزاً ويؤثر بفعالية في دعم عمل الأجهزة الأمنية على كافة المستويات كما أنه أداة جوهرية في التوعية بعواقب الجريمة ومخاطرها من خلال الأعمال الدرامية الراقية ومن خلال التغطية المباشرة للنشاطات الإجرامية ومن ناحية أخرى فإن الأنشطة الأمنية بكافة أشكالها هي معين لا ينضب تغترف منه وسائل الإعلام بغير حساب وكل هذا يؤدي بنا في النهاية إلى حقيقة تؤكد الدور البالغ الأهمية والحيوية منوط بالإعلام الأمني في المجتمع لدعم وتنمية الحس الأمني والوقائي لانا لأمن لم يعد قاصراً على مكافحة الجريمة بل أصبح يسعى قبل ذلك إلى الوقاية منها ، من خلال تعاون جميع أفراد المجتمع في حفظ الأمن والاستقرار بصورة أو بأخرى . بالإضافة إلى أن الإعلام الأمني الوطني هو وسيلة لتوسيع الآفاق المعرفية لأبناء المجتمع وهي ضرورة توثيق العلاقة بين الأمن والإعلام وحصر جحور الإرهاب مع الجرذان وحاضناته فجناحي الأمن الهادف المنير والإعلام هم ناظم وجسور ألمعرفه لاستقرار المنضومه الاجتماعيه وشكرا.