حق الكعبي اعدم بحبال الخبراء-صلاح بصيص-بغداد

Tue, 6 Mar 2012 الساعة : 15:52

مرورا بذاكرة الأمس التي نسجت خيوطه الدعوة المقامة من قبل هيئة الحج والعمرة ضد الزميل الصحفي ماجد الكعبي، وقرار المحكمة القاضي ببراءة واعفاء الكعبي من سيل الاتهامات الموجه له من قبل محامي المدعي عليه، واهمها توجيه الضرر النفسي والمعنوي الذي لا يداوى الا بعد ان يدفع الكعبي ملياري دينار عدا ونقدا لترطب الجراحات التي لحقت جراء مقال انتقد اداء الهيئة المذكورة، وعند تمييز القضية طلب القاضي رأي اهل الخبرة، وبالفعل ارسل طلبا الى كلية الاعلام وترشح ثلاثة من الاساتذة لغرض تقييم المقال المنشور في صحيفة البينة الجديدة، التي شكل اعتذارها ادانة للصحفي والكاتب ماجد الكعبي، عموما قضى الخبراء بان المقال فيه مباشرة وتوجيه، عليه اضطرت المحكمة الى تغريم الكعبي مليون دينار بدل المليارين.
وهنا لابد من وقفة وقراءة في الحكم الذي استهدف أصل المقال والضرر الذي قد يسبب الاذى، وان كان الاذى غير متحقق فعلا، ولم يستهدف الحكم مطابقة المقال للواقع من عدمه، كما لو وصفت فلان بالكذب، الخبراء تناولوا الصفة ولم يتناولوا وقوع تلك الصفة وتحققها، هل هي موجودة بالموصوف فعلا ام لا، وهنا يطابق حكم الخبراء اي وصف بمقدار ما هو وصف، فاذا ما قلنا بأن الهاشمي مدان،مثلا، ورفع الهاشمي نائب رئيس الجمهورية دعوة ضد هذه العبارة وطلبت المحكمة رأي اصحاب الخبرة يقع ذات الحكم، المباشرة والتوجيه المستدعي لدفع الغرامة، أما اذا توغل الخبراء وتعمقوا واستقرؤا واستطلعوا اراء الناس وأهل الضحايا وما قدم بحقه من تهم عندها يقع مطابقة الصفة للواقع، فهل سأل الحكماء عن التهم الموجهة المذكورة في المقال واستشعروا عدم وقوعها وتوصلوا لهذا الحكم الذي يدين الكعبي؟.
اذا كانت الصفة، بغض النظر انها واقعة فعلا ام لا، تلقي بصاحبها في قعر السجون وتلزمه دفع غرامات فسيخضع جميع اصحاب الرأي لذلك، وسنكون مجبرين على الغوص في بحور اللغة وبطون الكتب لنستخرج ردائف الصفات فنصف العسل بالسائل الياقوتي والخمر مر خروع، كي نبتعد عن سطوة الخبراء الذين يحاكمون الصفة ويترفعون عن النظر في اثرها.
لقد استنتجنا من هذا الخلاف، العودة الى المحور الاساسي وهو عدم القدرة على فهم مهمة الاعلامي والصحفي، فما زال الكثير، للأسف، يؤطر هذه المهنة ويحاصرها ويحولها الى مركز للموعظة ونصح السلاطين، متناسين بان الاعلام كان اساس الربيع العربي الذي تعيشه البلدان العربية اليوم.
ربما اسهم الخبراء في احياء سنة مندثرة دعا اليها النظام المقبور سابقا سميت بـ(مقص الرقيب) للبطش باصحاب الكلمة الحرة، وعلى جميع المسؤولين ان يحذوا حذو هيئة الحج والعمرة وبذات الخبراء!! كنا نعتقد ان لا انصاف لجهة مهما اقتربت من الحكومة على حساب صحفي يراد له الصفع ليكون عبرة للغير، كذلك كنا نعتقد ان لا حصانة لأية مؤسسة مهمة ارتفعت ولا لأي رئيس مؤسسة مهما كانت صفته واسمه...
وبما اننا نسير بمحاذاة الاعلام العربي وفي لبه اذن لا بد لنا ان نراعي هذه المسؤولية، وكان لزاما على الخبراء ممن تم اختيارهم مراعاة ان الاعلام اليوم غير اعلام الأمس، ولا يجوز اعدام الحق على مشانق السلطة وحبال المحاباة، يقول عليا((لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه))...
ختاما كتب مكسيم رودنسون (الاسلام والرأسمالية) يصف تراث كارل ماركس فقال(( ...لقد قال ماركس اشياء كثيرة ومن اليسير ان نجد في تراثه ما نبرر به أية فكرة. ان هذا التراث كالكتاب المقدس، حتى الشيطان يستطيع ان يجد فيه نصوصا تؤيد ضالته))... وهذا ما يصدق فعلا على المقال المنشور في صحيفة اعتذرت لانها تريد الاستمرار ومد جسور المودة مع الجميع، وشكل اعتذارها ادانة للصحفي، فبأية عين نظرت الى المقال فهي عين الصواب وما تحقق لدي ان المقال رغم انفعاليته الا انه سلط الضوء على كثير من السلبيات التي يقر بها الجميع. وما اعتمده الخبراء، صفات وان كان اغلبها متحققا.
[email protected]
 

 

Share |