يقطعون رؤوس أبناؤنا ويحلون ضيوفاً علينا-عـــادل حاشوش الركابـــي

Mon, 5 Mar 2012 الساعة : 21:17

صدمنا جميعاً كما صدم أبناء شعبنا الصابر بتواتر الأخبار عن قيام السلطات السعودية بتنفيذ أحكام الإعدام بحق اثنين من السجناء العراقيين لديها وعن طريق قطع الرؤوس بالسيف وهم كل من ( فايز ثامر هاشم ) و ( عماد عبد الرضا محمد ) وقد حدث هذا بعد يوم أو اثنين من زيارة وفد أمني عراقي الى الرياض للبحث في امكانية البدء بصفحة جديدة من العلاقات العراقية السعودية ( مع إننا نشك في هذا التوجه) إننا كعراقيين وبحكم تجربة التسع سنوات الماضية وهي الفترة التي أعقبت انهيار حكم البعث تولدت لدينا القناعة بأن توجهات العائلة المالكة في السعودية وسياستها الخارجية لم يعد يحكمها العقل والمنطق أو مصالح شعوب المنطقة ودولها أو حتى مصلحة الشعب السعودي وإنما هناك فئة دينية متنفذة هي من تتحكم في سياسات نظام الحكم في السعودية وإن هذه الفئة ممثلة بمجموعة من رجال الدين المتطرفين والذين عرف عنهم السلوك الطائفي المقيت حيث جعلوا من الشريعة السمحاء رهن اهوائهم ونزواتهم وأجنداتهم الداخلية او الخارجية فتارة يكفروا طائفة من المسلمين وتارة يساندون الديمقراطية وحرية الشعوب في بلد ويحرمونها على شعب بلد آخر أو يصدرون الفتاوى التي تحرم الخروج على ( ولي الأمر ) في السعودية ويعتبرون مطالبة الشعب في السعودية بحريته وحقه في ممارسة حقوقه المشروعة بما في ذلك المشاركة في حكم بلده ورسم مستقبل ابناءه دون ان يكون ذلك حكراً على عائلة واحدة أمسكت بمقاليد الامور في هذا البلد المقدس منذ مئات السنين يعتبرون مثل هذه المطالب محرمة شرعاً لأنها خروج على سلطة ( ولي الأمر ).
ان مثل هذا التخبط ومثل هذه السياسات جعل المراقبين في حيرة من امرهم حول سبب المواقف السعودية من التغيير الذي حصل في العراق وهنا لا بد لنا من العودة بكم الى بضع سنين الى الوراء حيث نتذكر جميعاً أي أسماء ومسميات كان يطلق صدام على عائلة الحكم في السعودية ورموزها فلا زالت الكلمات مثل ( خائن الحرمين ) و ( ابو رغال ) ترن في اسماعنا وكلنا يتذكر كيف اجتاح جيش صدام ارض السعودية ليحتل مدناً هناك ويهدد نظام الحكم برمته . والمنطق السليم يقول بأن نظام صدام كان يشكل خطراً على جميع دول الخليج وعوائل الحكم فيها والمنطق السليم يقول أيضاً ان نظام الحكم الذي اعقب نظام صدام لا بد ان يكون قريباً جداً من كافة دول الخليج والسعودية بالذات للأسباب اعلاه . لكن واقع الحال مغاير لذلك تماماً فقد ناصبت السعودية العداء للحكومات المتعاقبة في العراق منذ عام 2003 ولغاية الآن وأمتنعت عن استقبال اي مسؤول عراقي وبالذات رئيس الحكومة العراقية رغم سعي الحكومة العراقية الحثيث لإرضاء المملكة والتقرب منها الا ان الرد السعودي كأن يتمثل بجملة مواقف مشينة حيث سمحت بإنطلاق فتاوى التكفير  والحث على القتل والإرهاب من مختلف المنابر ومن ارض السعودية وهناك نشاط على مسمع ومرئى من اجهزة الحكم في السعودية لجمع الاموال والتبرعات وتجنيد القتلة والانتحاريين من داخل ارض المملكة ليرسل بهم الى اسواق ومدارس ومؤسسات الشعب العراقي ولم نسمع ادانة واحدة لكبرى الجرائم التي حدثت في العراق والتي راح ضحيتها عشرات او مئات الآلاف من ابناء هذا الشعب الصابر مع ان حكومة (( خادم الحرمين )) تدعي قيادتها للمسلمين وحرصها على وحدتهم وسلامة ابناءهم فكيف يفسر مثل هذا الموقف اتجاه العراق وشعبه .
 إننا نرى ان مثل هذا السلوك وراءه أحد سببين أو كلاهما مع وجود اسباب ثانوية اخرى الاول ان الموقف السعودي من العراق وشعبه محكوم بتوجه طائفي صريح وواضح مدفوع من المؤسسة الدينية المتنفذة في الداخل السعودي من خلال خلق بيئة معادية لحكم الأغلبية في العراق والسعي الدائم الى الوقوف بوجه نظام الحكم الجديد عن طريق خلق رأي عام معادي وخلق عدو وهمي اسمه الحكم الجديد في العراق سواء داخل المملكة او حتى في اوساط دول المنطقة التي تمارس السعودية عليها ما يشبه الهيمنة السياسية على مواقفها . الثاني الخوف والفزع من التجربة العراقية والسعي لوأد هذه التجربة فالسعودية لا تتقبل وتتعايش مع بلد معروف بموقعه وتاريخه وأهميته وثقله السياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم تجري فيه انتخابات حرة كل اربع سنوات وتذهب حكومة وتأتي حكومة أخرى ويذهب برلمان ويتشكل آخر وبأرادة شعبية خالصة في حين يحكم الملك لحين موته ليأتي من بعده أخيه أو أبن أخيه أو ولده وحصراً من العائلة نفسها وحرام شرعاً ان يتجرأ أحد من الشعب الكبير للمملكة ليقول كلمة هنا أو هناك أو يوجه نقداً أو يطلب اكثر من المرتب الشهري أو الحق في شراء سيارة حديثة ولا نعلم بأي شريعة نزلت مثل هذه الحرمة ووفقاً لأي مذهب من مذاهب المسلمين . فالإنسان ولد حراً والإسلام دين عزة وكرامة وحرية وانه يمارس ويطلب ما يشاء الا ما حرمه الله سبحانه على عباده ((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ...)) صدق الله العظيم  .
 قد نكون ذهبنا بعيداً عن عنوان المقال ولكن ما ذكرته هي تصورات وحقائق تنسجم مع العنوان ولنتوجه بالكلام الى الحكومة العراقية لنقول بان هناك مبدأ يحكم العلاقات الدولية وهو مبدأ ( المعاملة بالمثل ) فهل يعقل إن ابناءنا تقطع رؤوسهم لأنهم يعبروا الحدود إلى الاراضي السعودية والجيف النتنة القادمة من السعودية تأتي لتفجر في مدننا وأسواقنا ومدارسنا وتجعل من ابناءنا اشلاء متناثرة وهؤلاء ينعمون في سجون متوفر فيها ما لم يتوفر للكثير من العوائل العراقية فكيف تستقيم هذه المعادلة . إن الشعب يطالب الحكومة بأن تقف الموقف الحازم وتقتصي من قتلة الشعب العراقي وفق احكام الشرع والقانون وتنفذ حكم الشعب في قتلته فلا يمكن المجاملة وعقد الإتفاقات على حساب الدم العراقـــــــــي وهذه حقوق للدولة كفلها القانون الدولي وشرائع السماء .

Share |