يوم اسود في تاريخ الفكر الانساني عندما توقف غالب الشابندر عن الكتابة-أزهر السهر-البصرة

Sun, 4 Mar 2012 الساعة : 11:34

في نهاية مقاله الأخير الذي نشره في موقع إيلاف يوم الاثنين 27/2/2012 والموسوم "حول الوضع الأمني في العراق" كتب المفكر غالب الشابندر العبارة الآتية:
((ملاحظة لقرائي الكرام
هذه أخر مقالة لي أيها القراء الأعزاء، فقد قررت الانقطاع عن الكتابة لارتباك وضعي الصحي، خاصة هذه الأيام، وأتمنى الخير لكل الناس، وأسال الله التوفيق لكل من آذاني وظلمني والحمد لله)).
ليس من المستغرب أن يتوقف كاتب عن الكتابة لسبب ما، لأن هذا لابد أن يحصل حسب السنن الإلهية السارية على كل بني آدم.
ولكن الغريب والعجيب أن يمر حدث مهم كتوقف كاتب مفكر بوزن الأستاذ غالب الشابندر عن الكتابة ببرود ودون أي اهتمام من قبل الكتاب والمفكرين، الذين كان من المفترض بهم ـ حسب رأيي ـ أن ينصبوا عزاء ًجماعياً في هذا اليوم الأسود في تاريخ الفكر والمفكرين.
إن غياب قلم المفكر غالب الشابندر عن المسرح الفكري والثقافي أشد وابلغ من غياب شخصه عن مسرح هذه الدنيا الفانية بعد عمرٍ طويل.
كلنا يعلم بان الأستاذ غالب الشابندر لو كان منتمياً لأحد الأحزاب المتنفذة أو ذات الصوت العالي لأختلف الأمر بالنسبة إلى أحداث مهمة مرت به كوضعه الصحي وانقطاعه عن الكتابة.
إلا أن موضوعيته وعدم سكوته عن الأخطاء التي تضر بأبناء جلدته خسرته الكثير والكثير جداً والتي على رأسها السب والشتم والتشكيك بانتمائه الوطني والديني والمذهبي مع شديد الأسف.
ففي مقاله الأخير كتب قائلاً:
((في موقع إيلاف سبق وأنْ حذرتُ أكثر من مرة المسؤولين عن الأمن العراقي من أن يبالغوا من منجزاتهم الأمنية، خاصة وكانت المبالغة على شكل إمضاء للأمن والاستقرار على مستوى ناجز تماما! وقد كان لتحذيري هذا ثمنه بحقي من الشتائم والسباب بل وحتى من التشكيك بالانتماء الوطني والديني والمذهبي من قبل رجال السلطة وصحفيها وكتابها!)).
يقول أحد المفكرين واصفاً المفكرين:
(أن المفكرين يثيرون الحياة الثقافية من حول الناس، ويبلورون شكلها الخاص، كما يوجدون الثقافة الحية في المجتمع. كما أن بعض أنماط المفكرين تثيير المعرفة الموضوعية، والتأمل، وتشد الانتباه إلى بعض الظواهر في حياة الناس، وتدعو إلى دراستها، والتأمل وتشد الانتباه إلى بعض الظواهر في حياة الناس، وتدعو إلى دراستها، والتأمل فيها، واستخلاص النتائج العلمية ذات العلاقة بها. والمفكرون لهم دورهم المميز في توجيه الحركات السياسية وقيادتها فكرياً، وبلورة أهدافها، ومدها بالحجج والنظريات، والمفاهيم، التي تنطلق في ضوئها نحو أهدافها..).
لقد كتبت مقالاً قبل أيام بعنوان "غالب الشابندر المنظر المظلوم" قلت في خاتمته:
(إن مثل الأستاذ غالب الشابندر لا يمكن أن يموت أو ينسى بل سيبقى فكره وكلماته ونضاله العظيم يضئ دروب الأجيال المسلمة المتنورة، ويرعب العقول الجاهلية المتحجرة مهما تقادم الزمن).
كيف لا يكون كذلك وهو مسيح زمانه عندما يتمنى الخير لكل الناس ويسأل التوفيق لكل من آذاه وظلمه.

 

Share |