وفاة السيدة المعصومة(ع)- نعيم رويح حبيب- الناصرية
Sat, 3 Mar 2012 الساعة : 17:06

المعصومة ذكرى وفاة السيدة
فاطمة بنت الإمام الكاظم ( عليهما السلام)
اسمها ونسبها :
هي السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليهم السلام ) ، سليلة الدوحة النبوية المطهرة ، وغصن يافع من أغصان الشجرة العلوية المباركة ، وحفيدة الصديقة الزهراء ( عليها السلام ) المحدِّثة ، العالمة ، العابدة .
اختصتها يد العناية الإلهية فمنت عليها بأن جعلتها من ذرية أهل البيت المطهرين ( عليهم السلام)) .
وقد ورد في بعض الروايات أن الإمام الرضا ( عليه السلام ) لقبها بالمعصومة .
ولادتها ونشأتها :
وُلدت السيدة المعصومة ( عليها السلام ) في المدينة المنورة في الأول من شهر ذي القعدة عام ( 137هـ ) على أصح التواريخ .
وترعرت في بيت الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فورثت عنه من نور أهل البيت (عليهم السلام) وهديهم وعلومهم في العقيدة والعبادة والعفة والعلم ، وعُرِّفت على ألسنة الخواص بأنها :
( كريمة ) أهل البيت ( عليهم السلام ) .
نشأت السيدة فاطمة ( عليها السلام ) تحت رعاية أخيها الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، لأن الرشيد العباسي أمر أباها عام ولادتها ، فأودعه سجونه الرهيبة الواحد تلو الآخر ، إلى أن اغتاله بالسم عام ( 183هـ ) .
فعاشت السيدة المعصومة مع إخوتها وأخواتها في كنف الإمام الرضا ( عليه السلام ) .
وقد أجمع أصحاب السير والتراجم على أن أولاد الإمام الكاظم ( عليه السلام ) كانوا أعلاماً لائحة في العبادة والتقوى والنُّسك .
ظروفها الاجتماعية والسياسية :
ولدت السيدة المعصومة في عهد الرشيد العباسي ، ففتحت عينيها منذ صغرها على وضع سلطوي إرهابي ، فلقد قامت أركان الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية ، وتستر العباسيون وراء شعار رفعوه في بداية أمرهم هو : ( الرضا من آل محمد ) ، ليوهموا طائفة من المسلمين الموالين لأهل البيت ( عليهم السلام ) .
لكنهم ما إن تسنموا سدة الحكم واستتبت لهم الأمور حتى انقلبوا على أهل البيت ( عليهم السلام ) وامتدّت أيديهم بالقتل والبطش والقمع لكل من يمت لهذه الدوحة العلوية الشريفة بصلة ، فلاحقوا أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) وقتلوهم وسجنوهم .
رحلتها إلى خراسان :
اكتنفت السيدة المعصومة ( عليها السلام ) - ومعها آل أبي طالب - حالة من القلق الشديد على مصير الإمام الرضا ( عليه السلام ) منذ أن استقدمه المأمون إلى خراسان .
فقد كانوا في خوف بعدما أخبرهم أخوها أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) أنه سيستشهد في سفره هذا إلى طوس ، خاصة وأن القلوب ما تزال تدمى لمصابهم بالكاظم (عليه السلام) الذي استـقدم إلى بغداد ، فلم يخرج من سجونها وطواميرها إلا قتيلاً مسموماً .
كل هذا يدلنا على طرف مما كان يعتمل في قلب السيدة المعصومة ( عليها السلام ) ، مما حدا بها - حسب رواية الحسن بن محمد القمي في تاريخ قم - إلى شد الرحال ، إلى أخيها الرضا ( عليه السلام ) .
وفاتها
لم يرد في شيء من الروايات تاريخ اليوم أو الشهر الذي رحلت فيه السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) عن الدنيا، وإنّما ورد ذكر السّنة فقط، فقد جاء في تاريخ قم أنّه لمّا أخرج المأمون الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مرو لولاية العهد في سنة مائتين من الهجرة خرجت فاطمة أخته تقصده في سنة إحدى ومائتين، فلمّا وصلت إلى ساوة مرضت..(1)
وتقدّم أنّها مكثت في قم سبعة عشر يوماً في منزل موسى بن خزرج بن سعد الأشعري. وأما تاريخ اليوم أو الشهر فلم يذكرا.
وقد اختلفت الأقوال في تحديدهما، وذكر أحد الباحثين(2)، أنّها ثلاثة:
القول الأول: العاشر من ربيع الثاني، وهو المنقول عن كتابي (نزهة الأبرار في نسب أولاد الأئمة الأطهار) للسيد موسى البرزنجي الشافعي المدني، و(لواقح الأنوار في طبقات الأخيار) لعبد الوهاب الشعراني الشافعي.
القول الثاني: الثاني عشر من ربيع الثاني، وهو المذكور في كتاب (مستدرك سفينة البحار) للشيخ النمازي.
القول الثالث: الثامن من شهر شعبان، وهو المنقول عن كتاب (العربيّة العلويّة واللّغة المرويّة) وللمحدّث الحرّ العاملي.
وقد رجّح بعض الباحثين القول الأول لا اعتماداً على المصدرين المذكورين، وإنّما لبعض القرائن والشواهد، وذكر واحدة منها، قد لا تكون موجبة للترجيح عند غيره.(3)
وعلى أي تقدير فقد اختلف في سنة ولادتها كما تقدم فضلاً عن اليوم والشهر وما أكثر الاختلافات في التاريخ، وحسبك أن تعلم أن المسلمين اختلفوا في يوم ميلاد النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، ويوم وفاته، فكيف بأهل بيته (عليهم السلام)؟!!
على أن أسباب الاختلاف كثيرة يوم ذاك، فليس من العجب أن يهمل ذكر اليوم أو الشهر أو السّنة التي ولدت فيه السيدة فاطمة (عليها السلام) وكذا اليوم أو الشهر الذي رحلت فيه، ولولا أن ذكر السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) قد اقترن بقضيّة إخراج الإمام الرضا (عليه السلام) من المدينة لأهمل ذكر السّنة التي توفيت فيها أيضاً، كما أهمل ذكر السّنة التي ولدت فيها، إذ لم يكن ثمّة مؤرخ يعني بتسجيل الأحداث وضبطها، وإذا كان هناك من يؤرّخ فإنّما هو لتسجيل أمور تافهة وحقيرة ـ كما يقول السيد العاملي ـ فيسهب في وصف مجلس شراب أو منادمة حتى لا يفوته شيء منه أو يختلق ويفتعل أحداثاً لم يكن لها وجود إلا في عالم الخيالات والأوهام، أو يتكلّم عن أشخاص لم يكن لهم شأن يذكر بل قد لا يكون لهم وجود أصلاً.. بينما نراه في نفس الوقت يهمل بالكلّية شخصيات لها مكانتها وخطرها في التاريخ، أو يحاول تجاهل الدور الذي لعبته فيه، ويهمل ويشوّه أحداثاً ذات أهميّة كبرى صدرت من الحاكم نفسه أو من غيره، ومن بينها ما كان له دور هام في حياة الأمة ومستقبلها، وأثر كبير في تغيير مسيرة التاريخ، أو يحيطها ـ لسبب أو لآخر ـ بستار من الكتمان والإبهام.(4)
مصادر وفاتها
1 - تاريخ قم، ص213. 1
2 - كريمة أهل البيت (عليهم السلام)، ص105-106. 2
3 - كريمة أهل البيت (عليهم السلام)، ص109-110. 3
4 - الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)، ص14. 4