يحتل العراق القديم قصب السبق في صناعة الأختام من ناحية القدم والتطور والاستمرارية ، إذ غدت صناعة الأختام الأسطوانية خاصية متميزة في حضارة بلاد الرافدين عبر عصورها التأريخية المختلفة .
عرف الختم الأسطواني على أنه عبارة عن حجرة أسطوانية الشكل مثقوبة من وسطها طولياً يخترقها خيط يعلق بالرقبة،وقد حفر النحات على سطحها مواضيع دينية ودنيوية بشكل معكوس يتخذ رمزاً مميزاً لصاحب الختم يثبت شخصيته على الشيء الذي سيحمل طبعة الختم ، سواء كان ذلك الشيء مادة مخزونه في جرة فخارية ، أم عقدًا مبرماً بين طرفين ،أو رسالة يبعث أحدهم لاْخر فصناعة الأختام قبل كل شيئ تعبر عن المستوى الفني العام من حيث المهارات الفنية والأساليب والموضوعات المطروقة وطرائق التنفيذ والإخراج الفنيين ومن ثم فهي تشكل أساساً صالحاً لدراسة المراحل التطويرية للنتاجات الفنية للمراكز الحضارية .
وفرت لنا بلاد الرافدين أمثلة فريدة لاْقتصاد معقد وهو شكل بدائي لاْستخدام النقود.وكان الاعتماد على كل من الشعير والفضة بمثابة النقود في تلك العصور، لذلك كانت القيمة الاقتصادية للأشياء مستقرة ، وكانت بدايات ظهور أستخدام الختم موازياً لاختراع الكتابة .
أستخدم الختم في بلاد النهرين خلال الألف الثالث والثاني والأول ق.م، وأشكال الأختام مكتسبة من أسم الختم الأسطواني، أن نظام الأختام سيحمي من الناحية القانونية الأملاءات وشحنات البضائع من العبث غير المخول وافادت المرحلة الأخرى لاْستخدام طبعات الأختام المجتمع في تحمل المسؤولية والإيفاء بالتعهدات الخاصة بالتعاملات الاقتصادية ، ان مالك الختم يستخدم ختمه بدحرجته على الطين الطري وأول ظهور لاْستخدام الختم كان على شكل (Tokens) في ختم الأغلفة وهي عبارة عن قطع طينية صغيرة بحجوم هندسية مختلفة أستعملت كسجلات حفظ للشؤون المنزلية والأعمال الأخرى وقد وجدت في أكثر من أربعين موقعاً أثارياً يعود تأريخها مابين الألف التاسع والرابع قبل الميلاد وقد أخذت الألواح تحمل طبعات الأختام وذلك بنهاية عصر الوركاء المتأخر وعصر جمدة نصر فالشخص الذي يختم يكون مسؤولاً عن استلام البضائع وكذلك الشخص الذي يقرض الأشخاص فأنه يختم الوثائق الى الزمن الذي يتم بها أستعادة القرض وفي المدة الأركائية الألواح كانت تختم من جانب واحد وبعد ذلك أخذت الألواح تختم بكل أجزاء اللوح و كانت الألواح تختم أولاً ثم تبدأ عملية الكتابة لاحقاً أما ألواح عصر أور الثالثة فكان العكس ،إذ يكُتب الرقيم أولاً، ومن ثم تبدأ عملية الختم.
نحتت الأختام باستخدام أنواع صلبة من الأحجار الثمينة التي ملئت بالفن النقشي ومن أختام هذا الدور مافيه كتابة واضحة تبين أسم الملك أو الأمير وأسم المدينة التي يحكم فيها وأسم آلهة أو ذكر أنه خادم أو أبن فلان وفلان وعلى سبيل المثال نستشهد بالختم الآتي :

No. Transliteration الترجمة الحرفية ت
1. d-sara2-kam شارا كام .1
2. dub-sar الكاتب .2
3. d-sul-gi-mu/-dah arad2-zu شولگي موداخ عبدك .3

ختم يعود الى (d-sara2-kam) وفي مشهد تقديم آخر يعود الى (d-sara2-kam) نشاهد الآله يمسك في يده سيف ويظهر عند قدمية أسد وفي أعلى المشهد يظهر قرص الشمس وفي طبعة ختم أخرى يظهر (d-sara2-kam) في مشهد تقديم الى الأله الجالس على منصه وخلفه شريط كتابي مرتفع في أسفله أسد .
عرفت أختام العصر السومري الحديث أو عصر سلالة آور الثالثة بأنها نتيحه لتطور طبيعي لاْختام الدور الأكدي السابق ويضاف هنا أستعمال منظر التقديم الى الآلهة وهو ما تميزت به اختام اور الثالثة فضلاً عن بعض الأمور الخارجية كالباس الطويل الذي ينتهي عند القدمين بحاشية ذات شراشب وكذلك بعمامة الرأس ذات العصبة العريضة وجودة الحفر والعناية به وبصغر حجم الختم ورشاقة الأشخاص والحيوانات.

أن الختم الأسطواني أصبح من المقتنيات الشخصية الضرورية للفرد حتى أن فقدان الختم يؤدي الى قيام السلطات الرسمية بعد أن يقوم صاحب الختم بأخبارها الأعلان عن فقدان الختم وذلك بواسطة نفخ البوق في الشوارع بوصفه وسيلة من وسائل الأعلام الرسمي للحيلولة من دون أساءة أستعمال الختم الأسطواني من قبل الغير.

يختلف الختم من شخص لاْخر لكون الختم لصيقاً بالأفراد ويعبر عن هويتهم الشخصية في ممتلكاتهم وسجلاتهم ورسائلهم فهو يختلف من واحد لاْخر ومما يزيد في أهمية دراسة الأختام كثرة الموضوعات والمشاهد والأشكال والرسوم التي تحملها الأختام فضلاً عن ورود الكتابات عليها التي زودتنا بمعلومات قيمة عن أصحابها ومهنهم وهي بصورة عامة تعد مصدراً خيراً لدراسة جوانب حضارية مختلفة من حضارة بلاد الرافدين .

المصادر التي أعتمدت في البحث :

1) الزيدي ، أباذر راهي سعدون ، "نصوص مسمارية غير منشورة من عصر سلالة أور الثالثة من المتحف العراقي ( 2112-2004 ) "، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد ، ص121 وما بعدها .
2) بصمجي ، فرج ،الأختام الأسطوانية، مجلة سومر ، مج 2 ، ج 1 ، بغداد ، 1946 ، ص. 59.
3) رشيد ، صبحي أنور ، تاريخ الفن الأختام ، بيروت ،1969 ص 10 .
4) ناجي ، عادل ، الأختام الأسطوانية حتى عصر السلالات ، حضارة العراق ، ج4 ،بغداد 1985، ص220 ومابعدها .
5) Mayr.R.H.”The Seal Impressions of Ur III Umma”Dissertation PH.D Unpublished,USA,1996, p.1.
6) Steinkeller,P.,Seal Practice in the Ur III ,Gibson,Mcguire&Biggs,Robert.D,Seal and Sealing in the Ancient Near East,(Bibliotheca Mesopotamica),Vol,VI,Malibu,1977,p.41ff.

أباذر راهي سعدون الزيدي
باحث في الدراسات السومرية
[email protected]