من وحي الذكرى - صادق السيد جعفر الموسوي- امريكا

Wed, 29 Feb 2012 الساعة : 13:55

 تمر علينا هذه الايام الذكرى السنوية الحادية والعشرين للانتفاضة الشعبانية -الاذارية المباركة التي اندلعت بعد استسلام النظام البعثي المقبور لارادة قوات التحالف والتي كانت تقودها الولايات المتحدة الامريكية بعد ان حذروا المقبور صدام وابلغوه بالانسحاب من الكويت دون قيد او شرط الا ان تعنته وغباءه ومجازفته بحياة الالاف بل الملايين من ابناء الشعب العراقي ادت الى سحق قوات الجيش وتدميرها تدميرا كاملا في حرب غير متكافئة منذ اليوم الاول لاندلاعها ولم يبقى من الجيش العراقي الا قوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص الذين كان يعتبرهم صدام من اقرب واخلص الناس له وكان صدام قد وضع تلك القوات لوقت الحاجة ولحمايته من غضب الشعب العراقي وهذا ماحصل فعلا في تلك الانتفاضة الخالدة .
في مثل هذه الايام وبعد ان اعلن النظام المقبور القبول بوقف اطلاق النار دون قيد او شرط حصل استياء شعبي نتيجة اشراكهم في حرب لاناقة لهم فيها ولاجمل وماكان على الشعب العراقي الا ان يقدم رقاب ابنائه فداء لقائد الضرورة والعصابة التي كانت تحكم العراق بالحديد والنار من اعضاء حزب العفالقة المجرمين الذين اذاقوا الشعب الذل والهوان فما كان من الاحرار الذين كانوا ينتظرون لحظة كهذه لكي ينقضوا على اذناب النظام واعوانه وفعلا جاء اليوم الذي يجب ان ينتفض فيه اهل العراق لكي يكفروا عن ذنوبهم وخنوعهم وركونهم للظلم والظالمين وبما ان الهور كان عرين الاسود الذين قالو كلا للبعث والبعثيين فلا بد ان تكون الشرارة من هناك وفعلا تحقق ذلك واتفق قادة المجاميع ومسؤولي المقرات الجهادية المتواجدة في هور الحمار على ساعة الصفر وتم تحشيد القوات والعناصر الموالية في الداخل والتي لايشك بموالتها لنظام العفالقة وفي ليلة الرابع عشر من شعبان المبارك طلب مني اخي وصديقي الشهيد ابو امل (نبيل صبار) ابلاغ العناصر التي كانت مرتبطة بي شخصيا وهذا ماحصل فعلا واتفقت معهم بان نلتقي الساعة الثانية بعد منتصف الليل في علوة الاسماك وذهبت انا الى بيت الاخ ابو امل حيث قمنا بتوزيع المهام المناطة بكل مجموعة وقد كان اتفاقنا مع الاخوة في ناحية الطار وبقيادة الشهيد ابو جاسم العبادي والمرحوم الملا جعفر والمرحوم حسون صباح والاخ ابو مهند الجابري في نفس الوقت على ان تكون رصاصة مذنب من الذي يسيطر اولا على مؤسسات البعث ودوائره الارهابية انطلق صوت الله اكبر ثورة اسلامية حصلت في العراق من شماله الى جنوبه تجمع الناس بين مصدق للخبر وغير مصدق و في غضون ساعات قلائل تمت السيطرة على المواقع الرسمية والدوائر التابعة للبعثيين ولحزب البعث وتحررت الفهود من ايدي الطغاة العفالقة وابلغنا الاخوة في ناحية الطار ايضا بانهم سيطروا على المراكز المهمة في الناحية ومن هناك اتجهوا مع العديد من المؤيدين للثوار الذين التحقوا بهم باتجاه ناحية كرمة بني سعيد ومنها الى قضاء سوق الشيوخ وقد حصلت بعض المواجهات في مدينة سوق الشيوخ ولكن الثوار والمجاهدين ابلوا بلاء حسنا في القتال والثبات والصمود وانهار نظام البعث الكافر بسهولة وهرب معظم المجرمين بعد ان ارتدوا ملابس نسائهم وقد القي القبض متلبسين بهذه الجريمة المخزية.
في صبيحة اليوم الاول من الانتفاضة في ناحية الفهود جائنا احد الاخوة وابلغنا بان مجموعة مسلحة قادمة من جهة قضاء الجبايش والحمار فابلغت الشهيد ابو امل(نبيل صبار) بذلك واخذنا مجموعة مسلحة من الثوار وذهبنا لاستقبالهم وقال لنا الشهيد البطل ابو امل بانه سوف يذهب ليتفاوض معهم فان بادروا هم بالرمي فارموهم واقتلوهم جميعا وان لم يبادروا فلا تبدؤ القيام باي عمل مسلح ضدهم وكان بيد الشهيد ابو امل قطعة قماش بيضاء وكما هو معروف للجميع بان الراية البيضاء راية السلم والتفاوض رفع الشهيد الراية الى الاعلى وتقدم باتجاهم وتفاوض معهم حتى اقنعهم بان هذه الانتفاضة شملت كل العراق وان صدام انتهى لامحال والافضل لكم ان تعودوا الى دياركم افضل من اراقة الدماء بين ابناء البلد الواحد والمدينة الواحدة وربما بين ابناء العشيرة الواحدة فاقتنع المسلحون وعادوا الى ديارهم وتبين فيما بعد ان هذه المجموعة المسلحة كانت تتكون من اعضاء الفرق والشعب في قضاء الجبايش وناحية الحمار وشرطة الامن والمرتزقة ولكن الخوف جعلهم يستسلمون للامر الواقع وفي نفس اليوم جاء احد الاخوة من محافظة البصرة وابلغنا بان الانتفاضة فقط في الفهود وليس هناك اي شئ في البصرة او حتى اقضية المحافظة القريبة من الجبايش كالقرنة والمدينة ونواحيها وغيرها من المناطق وهذه شهادة اخرى على ان شرارة الانتفاضة كانت انطلاقتها من ناحية الفهود والطار .امتدت تلك الشرارة الى جنوب ووسط العراق وحتى الى شماله وحصلت معارك كبيرة في مدينة الناصرية ابلى فيها المجاهدين والثوار بلاء حسنا و تم اسر رئيس اركان الجيش السابق نزار الخزرجي بعد اصابته بجروح بسيطة وقد تمت معالجته في مستشفى الناصرية العام .و تم انقاذه من قبل قوات من الحرس الجمهوري وذلك بعد ان حصل انهيار بين صفوف الثوار لان قوات النظام المقبور استخدمت طائرات الهليكوبتر في ضرب الثوار الذين كانو يتوقعون بان صدام ممنوع من استخدام السلاح الجوي وترك السيد رشيد السيد يوشع الذي كان يدير العمليات العسكرية والمدنية في المدينة وحده هو وابنه وبعض من ابناء عشيرته حيث دخل السيد الى المستشفى لينقل الخزرجي الى مكان اخر ولكن سرعان مادخلت قوات من الحرس الجمهوري وطوقت المستشفى كما انه قد هبطت طائرة هليكوبتر محملة بالجنود فوق سطح المستشفى وقد استشهد ابن السيد رشيد وهو السيد احمد وابن عمته السيد عماد واصابة السيد عبد الامير الذي نجا باعجوبة.
اتسعت رقعة الانتفاضة لتشمل مدن وقصبات العراق باسره حتى بغداد التي كانت محاطة وملغومة بالاسلحة الثقيلة والمدرعات والطائرات وقوات الحرس الخاص والحرس الجمهوري وقوات اخرى كان قد سحبها صدام لحمايته من غضب الجماهير الثائرة وقال لي احد الاشخاص الذي كان يعمل في الحرس الخاص لساجدة (زوجة صدام) قال لي بان صدام فكر باللجوء الى احدى الدول العربية حينما سمع باخبار تقدم الثوار والمجاهدين نحو بغداد وقد تسربت اخبار من هنا وهناك بان صدام حسين قد طلب اللجوء السياسي من رئيس الجمهورية الجزائرية .
ثار العراق وعم الغضب في كل مدنه وقراه ولم يعد للخوف مكانا في قلوب الناس الا المرتجفين والمنافقين واصحاب النوايا السيئة وممن اشترك مع صدام في تدمير البلد وقتل الناس .واشترك الابطال في معارك ضارية تكبد فيها العدو البعثي خسائر قد نالت منه كثيرا وثار الاكراد في شمال العراق وسيطروا على كل المناطق المحيطة بهم وعندما سمعنا بخبر انتفاضة الاخوة الكرد ارتفعت معنويات الثوار والمجاهدين ولكن الفرحة لم تدم طويلا وسرعان ماانتشرت شائعات واخبار بان الامريكان لايرغبون بنجاح الانتفاضة لان القادم اسوء من صدام وان صداما هذا افضل من القادم المجهول وشاءت ارادة الله سبحانه وتعالى وتامر الدول الاقليمية على العراق وابناء العراق وكان لكل منهم اسبابه ومبراراته الخاصة به لمحاربتها فمثلا السعودية والتي كان لها الدور الاكبر في شن اكبر حملة شعواء ضد الانتفاضة وثوارها فقد توسلت المملكة حكومة وشعبا بالرئيس الامريكي انذاك (بوش الاب) واعطته صكا مفتوحا وابارا من النفط مقابل القضاء على الانتفاضة وقد كانت تبريرات المملكة انذاك هو انه اذا انتصر المنتفضون الذين يمثلون اغلببية شيعية سوف يكون في العراق نظاما شبيه للنظام الايراني ان لم تعتبره امتدادا له الذي تكن له السعودية العداء الشديد لا لشئ سوى ان ايران تحكم البلاد طبقا للشريعة الاسلامية السمحاء وطبقا لمذهب اهل البيت عليهم السلام ولان ايران ترفع شعار تحرير القدس من براثن الصهاينة والدليل هو انها تدعم كل حركات التحرر في العالم وعلى راس تلك الحركات حركة حماس والجهاد الاسلامي وحزب الله اللبناني وغيرها من الحركات .وكلنا سمع من خلال الاعلام بعد انتكاسة الانتفاضةان الملك فهد عليه لعنة الله ابلغ بوش الاب بان بقاء صدام افضل من القادم الشيعي الموالي لايران ويجب ان لانخطأ ثانية في مجئ خميني ثاني للمنطقة وقد اوعده بانه مستعد لدفع كل تكاليف الحرب ومابعدها وهو مستعد لكل شئ تطلبه الادارة الامريكية منه.وقد حصل فعلا ذلك فقد امر الجنرال المجرم شوارسكوف قواته باعتراض كل المجاميع الثورية التي تتجه نحو بغداد وقد حصل مع ثوار الانتفاضة الشعبانية في قضاء سوق الشيوخ الذين اتجهوا الى مدينة الناصرية فقد اعترضتهم سيطرة امريكية وجردوهم من اسلحتهم ولكن الثوار اتخذوا طريقا ترابيا بعيدا عن الشارع العام ومن هناك دخلوا الى مدينة الناصرية كما ان القوات الامريكية والقادة العسكريين الامريكيين اعطو الضوء الاخضر للطيران العراقي بالتحليق وعلى ارتفاعات معينة لغرض ضرب الانتفاضة والمنتفضين والقضاء على مااسموه (بالتمرد الشيعي) وبعد اكثر من عشرين عاما ظهر السفير الامريكي من على شاشات التلفزة ليعتذر للشعب العراقي عما بدر من ادارته تجاه الشعب العراقي ابان انتفاضته في اذار عام 1991!!!
لابد من الاشارة هنا الى انه ليس كل قادة الانتفاضة ينتمون لاحزاب سياسية بل ان الاغلبية منهم انتفض هو وعشيرته واصدقاءه دون ان يكون له اي ارتباط باي حزب سياسي لاعلماني ولااسلامي والحال ينطبق على معظم ثوار الانتفاضة الشعبانية.
 

Share |