الدماء تلون اوراق التاريخ !!- عبدالامير الخرسان- فنلنده

Tue, 28 Feb 2012 الساعة : 11:22

الدماء نبض الحياة وينبوعها وروحها وغذائها وسر وجودها يلبي حاجاتها وينفي آلامها ويجعلها غضة طريه طافحه بالامل والعمل بلا ملل او كسل , الدماء صفاء الحياة ونقائها وزهوها مالم تلوثها يد الطغيان والجريمه التي لا تتورع في اراقتها وانتزاعها غدرا واغتصابا لتسيل بريئة نزيهة في طريق الانسانيه والمجد والخلود .
للدماء وجهين الوجه الاول يمثل البرائه والانسانيه ويريد للانسان الحريه والكرامه والسعاده ويطالب بالحقوق المهدوره والآمال المرتقبه ويسعى لمحق الظلم والجور والباطل ليتحقق العدل والسلام والتسويه في الوطن ليعمه الخير والبركه والسؤدد .
لقد كان هذا الوجه معبّرا عن الشهاده والتضحيه والامل والطموح الذي عوّل عليه الشعب . لانه اعطى كل ما عنده وبذل كل جهوده وافرغ ما بوسعه حتى لون الارض بدمائه الزكيه الطاهره انتصارا لله ولرسوله الكريم ولكل المواطنين ليهب له الحياة الآمنه الكريمه .
لقد فجّر هذا الوجه الامل والطموح في عيون الآخرين وحثّهم على العمل والتفاعل مع العمل ضد المستكبرين والمتجبرين ليسهّل لهم الوصول الى طريق العزة والسياده والطموح.
الدماء التي سالت والتي مازالت تسيل هي بمثابة الشمس في الكائنات تنيرها وتوضح طريقها وبمثابة الانهار في الارض ترويها وتروي من عليها وبمثابة الهواء الذي يسبب ديمومة الحياة فهي كذلك سبب الحياة والنجاة من براثن الظلم والظالمين لانها الممهّد القوي والمخلّص السديد من آفات الطامعين والمتلبّسين بالأثم والعدوان والجريمه والطغيان .
اما الوجه الثاني هو ذلك الظالم والجلاّد والقاتل والسفّاح الذي يريد ان يهلك الحرث والنسل ويقتل البراءة في النفوس ويعكر الصفو ويقطع الرحم ويقضي على العلاقات الاجتماعيه والانسانيه كلها , هذا الوجه العدواني والباغي الذي يبغي على الناس ظلما وعدوانا لا لشيء الاّ لأنه سوداوي قاتم مجرم يحب ذاته وانانيته ويريد لنفسه الفوقيه والعلو والعرش واللوح والقلم ليتصف بصفات الله الجبار المتعال الذي خلق ووهب واعطى ومنح كل شيء للانسان وللخليقة جميعا ,امّا الظالم الغشوم فأنه يأخذ ولا يعطي ابدا ويقتل كل من يعارض ولو بحرف كلمه او حركة بنان , وحاشى لله الغفور الرحيم بارئ الخلائق اجمعين كتب على نفسه الرحمه .
الحاكم الظالم الباغي يبغي على الناس لانهم آمنوا بالله والتزموا طريق الله وطريق الانسانيه والحريه والاستقلاليه ,
الحاكم الغاشم يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ويزحف على ثرواتهم وخيراتهم ليجمعها ويضيفها الى ثرواته وممتلكاته ليوسع رصيده في الدنيا ليخسر كل شيء في الآخره . الظالم الحاكم وغير الحاكم عدواني الطبع ضيّق الأفق لا يرى الاّ نفسه الصغيره الهالكه التي عاشت الذل والهوان والنقص يريد لها منفذا لتعتدي وتدمّر الانسانيه برمتها وتطوي عبق العطر الاخوي الأخّاذ بمجامع القلوب لتستبدله بالبهيميه والوحشيه الكاسره التي تحرق الارض ومن عليها وتعكر الوان البهجة والسرور وتسلب البسمة من شفاه البراعم والزهور.
ان الوجه العدواني الأثيم ضلّ الطريق وضيّع العادات والاعراف والتقاليد وضرب المعاهدات والمواثيق عرض الجدار ونسي انه مرتبط بمسؤوليات وأمين على الممتلكات ومسؤول عن الدماء والارواح التي تزهق او تراق !!, ولكنه ضلّ وغوى واتبعه الشيطان فتردّى وخان الامانات واستخفّ بالمسؤوليات !! , فلم يكن امام الاحرار الاّ النصيحة والموعظه والهدايه للطريق المستقيم الذي يرضاه الله ورسوله والناس اجمعين , او دحره والقضاء عليه والتخلص منه ومن عدوانيته وشروره التي سحقت البشريه وسبّبت النكد والكدر لمن بقي في الحياة .
لقد غيرت الدماء لون التاريخ عندما أريقت بريئه سليمه من كل عيب على محراب الحريه والكرامه واجتثّت الظلم والظالمين وأيقضت الناس من غفلة النائمين واضافت لهم دماءا جديده تنهض بالهمم وتدفع بالمعنويات نحو تحدّي الطّغاة والمجرمين ورميهم في انقاض التاريخ !! لقد غيرت الدماء ايام التاريخ عندما كشفت الزور والبهتان في طياته كتبها المنتفعين وذيول الظالمين !! ويقولها المتلونون كالافاعي والحيتان يداهنون الجبت والطاغوت ليحصلوا على شيء تافه من حطام الدنيا الزائل .
لقد غيرت الدماء التي اريقت في طريق البرائه لون التاريخ عندما تحدّت الارهاب والارهابيين وبقيت تواصل مسيرتها التعبويه البنّائه في طريق الحسين عليه السلام وطريق البناء والنهوض بالوطن والارتقاء بالمواطن نحو سبل السلام والوطنيه والسياده والاستقلاليه التي بدأ بها الشعب ولابد من اكمال هذه المسيرة العملاقة في حياة الشعب والامه مهما كانت الجهود والتضحيات .
لقد غيرت الشهاده ايام التاريخ عندما تطوّع الناس لحرب المتسلّطين العدوانيين وكسّرت كل حواجز الخوف ورفعت كل الاغلال عن كاهل الشعوب لتطالب بكل حق مهدور وتمهّد للتغيير لتعيش آمنة مطمئنّة راضية مرضية بالمصير المحتوم !! لترتقي نحو العز المنشود .
 

 

Share |