رجال لهم صفاة حميدة-مهدي الجنابي-سوريا
Tue, 28 Feb 2012 الساعة : 10:18

تحمل المسؤولية عند الشخص المسؤول بثقلها وحجمها فهي صفة من الصفاة الحميدة، من الصعب يمتاز بها انسان عادي وانما لها رجالات اقوياء، وهذا الشخص الذي يتحمل عبء المسؤولية على مجمل تقديراتها ومستواها ومرتبتها سواء كانت هذه المرتبة متوسطة او اعلى درجات الصفة الوظيفية، فيصفوه بالشهم والشجاع، بالنهاية هي مسؤولية مهمة جدا بكل جوانبها ويجب تأديتها على اتم وجه حتى تليق بشخصها كمسؤول مرموق، واذا اردنا ان نبحث كي نتعرف على صفاة احد المسؤولين، وهو سعادة السفير الدكتور علاء الجوادي ، سنذكر لكم لمحات من حياته الشخصية والوظيفية وكيفية تعامله مع الناس وموظفيه، ازاء ما كلف به من واجب وظيفي ووطني يقوم به سعادته، على اساس خدمة العراقيين.
فضلا عن ذلك الساعات التي يقضيها في عمله وفي حياته الجانبية، ايضا نريد ان نعرف ماذا يعمل بساعات الاستراحة المتاحة له وهل فيها الوقت الكافي لاخذ قصد من الراحة او مجرد سويعات قليلة جدا وهل تتخللها متابعات اضافية لشؤون الناس.
اذا اردنا ان ناخذ منحا معينا من مناحي وظيفته كمسؤول دبلوماسي على سبيل المثال وهو منحى الادارة عند الجوادي، نغوص قليلا لمعرفة بعض الاشياء عن اسلوبه الدبلوماسي وتعامله الاداري.
الدكتور الجوادي لديه شخصية قوية جدا ويشهد بذلك كل من عمل معه في اتخاذ القرار بامور الادارة الدبلوماسية الشاملة، والتي هي تخص مؤسسته، يتعامل الجوادي مع الزائرين والموظفين والمراجعين بصورة عامة، من خلال ما شاهدناه بمتابعتنا له في كل مشاريعه ووجوده بين الجالية العراقية فهو عامل مهم، نجده لايستخدم اسلوب التسلط وانما يستخدم اللباقة الكلامية والهدوء وانتقاء مفردات فصيحة رائعة من خلقياته الادبية عندما يتعامل بها مع موظفيه ، بحيث يتابع ويدقق معاملات المراجعين بتمحيص حسب الخبرة المتوفرة له في اي مسالة معلقة اداريا او محتدمة بعض الشيء وايضا حسب الظوابط التي نصت عليها تعليمات وزارة الخارجية فهو ضليع فيها، فلذلك تجد موظفيه يستوعبون القرارات التي يصدرها لهم باعتباره دبلوماسي خبير بها وبتفاصيلها القانونية والادارية والدبلوماسية، فهم يدركون ما يريده سعادته بخصوص العمل وبما يخص النتاج الوظيفي، كذلك والاحترام المتبادل والاهتمام والاحساس بالمسؤولية التي يركز عليها في العمل الوظيفي لكل موظف مهما كانت درجته.
الامكانيات العالية المتوفرة لدى الجوادي في سياق ادارته فهي امكانيات تتضمن خبرة عميقة في مفاضلتها وتفاوتها ناتجة عن اختلاط الجوادي بالمجتمعات الراقية منها والشعبية وحتى الفقيرة، حيث ان التفقد في امور جاليته وما يخص معاملاتهم التي تنجز اثناء الدوام الرسمي في جميع اقسام مؤسسته يعتبره واجبا انسانيا ووطنيا يقدمه كخدمات ملزم بها لهذه الجالية العراقية، كذلك الارشاد والمتابعة والعمل المتواصل ليلا نهار دون كلل او ملل، لذلك فأن عمله كسفير يأخذ منه ساعات طويلة وتصل الى 18 ساعة في اليوم الواحد.
اكثر الاوقات وفي فترات الغداء او الاستراحة او عند انتهاء الدوام الرسمي ، يذكره مساعديه بان وقت الاكل قد حان، لكنه يتحمل الجوع بكل قوة ، لكي ينجز عملا مهما يخص الناس ، ولن يفقد توازنه مهما كان الجهد المتواصل الذي يبذله سعادته فترى البشاشة على وجهه ترافقها هموم الناس ولاينفعل من مراجع او محتاج حتى لو تقصد استفزازه وازعاجه، يرد احد زملائنا لقمان عزيز مرزا دائما اننا لم نر السيد السفير منزعجا او منفعلا معنا ابدا في اي تقصيريلمسه شخصيا لكنه يحاسبنا بشدة
لو اعتقد ان هناك تقصير من احد الموظفين تجاه مراجع او محتاج او صاحب مشكلة عندها يؤكد قائلا لا ارضى هذا منكم ابدا فعملنا هو خدمة الناس
يحترم جميع موظفيه ولاسيما اصحاب الدرجات الوظيفية الصغيرة يتفقدهم ويتابع امورهم ويلبي لهم ما يريدون، شريطة ان يكونوا مخلصين للوطن ولوظيفتهم والمسؤلية التي يكلفهم بها ، ان سلوكه اليومي مع موظفينه ومراجعينه كتاب في التربية الوطنية العراقية
يسعى جاهدا لخدمة الناس وحل مشاكلهم ويشاركهم مناسباتهم وقضاء حوائجهم دون تميز او تفريق بين فئة واخرى، فتجده تارة يزور مريضا او عاجزا او كبيرا في السن فيلبي له كل ما يحتاجه، وتارة اخرى يستقبل الناس في مكتبه سواء كانوا مرموقين في المجتمع او فقراء، فالكل عنده سواء ويكن لهم نفس التقدير والاحترام.
لايوجد انسان في هذه الدنيا ليس له نصيب من النائبات او الاحزان لكن هذا لايعني من ان هذا الانسان يعيش متقوقعا بين ازقة الهدم والانهزام، الدكتور علاء الجوادي كان له حصة كبيرة جدا من الاحزان ومرت عليه مصائب وكوارث كثيرة سواء كانت اجتماعية او سياسية فانها بكل احوالها تهلك وتهد الانسان، سعادة السفير الدكتور علاء الجوادي اليوم نعرفه جيدا من تاريخه المشرف من خلال قرائتنا عنه ومتابعة حياته بكل تفاصيلها فلا زال قويا عند اي مصيبة تواجهه، وعندما تقابله تجده يمتلك روح الدعابة والنكتة لان هذه الاشياء تريح الانسان وتنسيه كل ما مرة به من مأساة، اراه في كثير من الاحيان يستهزء بمصائبه ويتخذ من هزئه بيها وسيلة للتغلب عليها
قول الصراحة عنده من اولويات الاستمرار بالعمل وقول الحق مهما كان، وعدم الخشية من كائن من كان حتى لو كانوا من اكبر المسؤولين او غيرهم فالحق هو الحق ولا شيء غير الحق، هي ليست فلسفة كلامية او استفهامية مثلما يتصورها البعض وانما الحق يعلى ولا يعلى عليه، وضيفنا في هذه المقالة هو من اهل الحق ومن سلالة النبي العظيم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم، الدكتور الجوادي يخشى الله ويعرف دينه جيدا ولديه معرفة وفقه في قوانين الباري عزوجل وفي كتابه الكريم فمثلما توصي كل الكتب السماوية ومما دعى الله سبحانه وتعالى اليه من الاحسان للفقراء، فتراه ايضا يبذل المال لمساعدة الفقراء والمحتاجين ينفقه عليهم من ماله الخاص وهناك الكثيرون يشهدون له بهذا الامر وله اكثر من خمسين كتاب بقلمه عن الدين الاسلامي وعن الحياة والاجتماعيات.
لو تحدثنا عن وفائه فهو وفي جدا لمن يعمل معه بصدق واخلاص وتفاني لانه تربى على مدرسة ال البيت عليهم السلام وتعلم منها معنى الوفاء والاخلاص الحقيقي والتضحية والدفاع عن المبداء والكرامة، فهو يدافع عن المظلومين والفقراء والاوفياء. ولا زال ومهما كان حجم التضحية والدفاع عن هولاء الناس من الشريحة المضطهدة، فهو لايخشى احد ولا تاخذه لومة لائم طالما هو يعرف الله جيدا.
يتعامل مع الناس وبحياته اليومية بمعرفة ولغة انسانية ويمتلك حس قوي جدا وهو ملهم من ايمانه بالله واليقين ويعرف المقابل جيدا من خلال الحوار معه، فضلا عن ذلك هو اديب وشاعر ودكتور في مجال التصميم العمراني، وتصميم العواصم والمدن وفنانا تشكيليا يجيد التعابير الجميلة في اعماله الفنية بثقة عالية ويجعلها تتناغم وتتراقص بالالوان التي يختارها يجعل منها لوح فني رائع بين الواقع والخيال.
كذلك له معرفة في العلوم والمعارف والادب ويكثر من المطالعة في الوقت المتاح له ويقتني كثير من الكتب المتنوعة بالمعرفة وله رأي في كتابها واسلوبهم حسب النقد الذي يقدمه.
المواقف الحرجة والخطرة
في المواقف الخطرة تتطلب الشجاعة وعدم الخوف من الاتي مهما كانت نتيجته حتى لو ادى ذلك الى الموت، الدكتور الجوادي له تاريخ سياسي طويل حافل بمعارضته لنظام صدام الفاشي وشارك في الانتفاضة سنة 1977 التي انتفض بها الشعب العراقي على الزمرة العفلقية النتنة، فكان الجوادي احد قادتها والمنظمين لها، ثم طورد من قبل امن ومخابرات صدام وحكم بالاعدام لثلاث مرات متتالية لكن ارادة الله كانت هي اقوى من ارادة الماكرين والطغاة فنجاه سبحانه وتعالى من تلك العصابة الصدامية التي عبثت بأرض العراق فسادا، ليبيقيه حيا يرزق الى يومناهذا يضيف صديقنا حيث انه عاصر الدكتور الجوادي من عام 2004 الى عام 2012 ومن خلال ملازمته طيلة 8 سنوات وخصوصا سنوات الاحتقان الطائفي والقتل على الهوية لعامي 2005 و 2006 كان تجواله معه في بغداد وفي احيائها القديمة وبين بغداد والنجف مرورا باللطيفية حيث كانت تسمى منطقة اللطيفية بمثلث الموت يقول صديقنا وجدت الدكتور الجوادي شجاعا جدا في هذه الظروف الخطرة والحرجة لايهاب الموت وكنا نلوذ بها ذا اشتدت بنا الشدائد وتحت رصاص الارهاب، ويذكر صديقنا ان عدة مرات كان الجوادي يقطع بنا الطريق السريع في السيارة وكنا نمر من خلال الازقة ايضا في اللطيفية ونشاهد عصابات القتل وكنا نسلم عليهم فيردون التحية متصورين اننا منهم.
ماذا يقولون عن الدكتور الجوادي خصوصا الذين عملوا معه
هذا على صعيد شجاعته، اما انسانية الدكتور الجوادي يقول صديقنا لم اجد له مثيل على مدى السنوات التي عملت بها معه خلال حياتي الوظيفية مع الكثير من المسؤولين رؤساء وزارات وسفراء فكان يؤثر على نفسه كثيرا واذكر في احد المرات تبرع بعشائنا الى قطة كانت تقف عند الشباك فغلقه في وجهها وبعد فترة وجيزة عاد وفتح الشباك لها واعطاها عشائنا كله وخاطبها واعتذر منها ومن خالقها وخوفه يوم الحساب( بسم الله الرحمن الرحيم، ويؤثرون على انفسهم ولو كانت بهم خصاصة) حيث انه ماكان ليأكل الا وجمعنا حوله ويقدمنا على نفسه ، اطال الله بعمره فهو ذخرا للفقراء والمساكين،
الدكتور الجوادي يكره النفاق والمنافق والنميمة والنمام والمتملق ولا يحترم ولا يقدر اصحاب الشغب والفتن، لايفرق الجوادي بين عراقي واخر الا بالعمل الذي يهدف لخدمة الناس والعراق، ويعطي لذي كل حق حقه، وهو نصير المبدعين وابو العراقيين بالمهجر، يقدر ولا ينسى الشخص المتفاني والمخلص في عمله والمحسن للخير، انه يعرف قدرات اي الشخص يعمل بجد، يعطي الكثير من الفرص لكي يكون الموهوب مبدعا في عمله ولا يحب من احد ان يتوسط لديه لاي احد في اي مسالة .
البعض ممن يصفون الشخصيات على ما هم يريدونه، يعتقدون بانه في مثل هكذا ناس يتعاملون بفوقية وبغير تواضع، لكن الدكتور الجوادي على العكس من ذلك فانه متواضع لدرجة تفوق التصور من خلال ما تشاهده على قامته من ملابس بسيطة جدا ممكن لاي متواضع او بسيطا فقيرا ان يرتديها ولا يهتم بالمفاخرة المنظرية لكنه فنان بحسن المظهرويستطيع ان يظهر بأجمل مظهر من خلال ابسط الملابس وحتى في ماكله فهو ياكل البسيط المتواجد ويشارك الطعام مع اى شخص كان قريب منه، وبين فترة واخرى يهب ملابسه للمحتاجين، في احد المرات اعطى كل قمصانه لمحتاج وكان يضن انه قد ابقى قميصا واحدا يلبسه للقاء دبلوماسي مهم اكتشف صباحا انه لايملك اي قميص ووقعة المشكلة وتم علاجها بطريقة طريفة !!!
الناس لديه سواء، يحترم كل الاديان والطوائف، ويجلها ويدافع عنها دفاعا مستميتا لان لها كتب سماوية انزلها الله على انبيائه ومرسليه، ولسبب واضح جدا الدراسة الدينية التي درسها، درس فيها معظم الاديان السماوية، يعتبرها من وجوديات الله عز وجل، فتجده سباقا لحضور مناسبات دينية تخص اى طائفة من الطوائف الدينية ويكون له ايضا حضورا مميزا فيها ويشارك الحاضرين بالاحاديث الدينية والتاريخية .
الدكتور الجوادي يفضل دائما الحوار ويرفض العنف رفضا قاطعا لانه يعرف جيدا ان الاتفاق يأتي من اوسع الحوار، كذلك يجيد كل طرق للحوار وخصوصا الحوار الحضاري فهو مطلع على غالبية عاداة وتقاليد الشعوب وحضاراتها، فيعتبر اي امر شائك ومعقد يصبح عقلانيا فسببه الاول والاخير هو الحوار المتواصل والمفتوح بطريقة شفافية وحضارية، لا بطرق العنف والتعصب حتى لا يؤدي الى فوضوية طويلة لا تنتهي.
ضيفنا الجوادي يخشى الله وكثير التعبد اليه، وقيام الليل عنده بكاء يحس انه بين يدي الخالق فهو يعرف الله جيدا ويعبده بخشوع ويحاذر من خطوات في حياته لئلا تكون فيها اخطاء لكي لايغضب الله عليه. مخافة الله عنده هي اول وقبل كل شيء ويعرف الاسلام جيدا ويزكي امواله وينفق على الفقير ويؤدي فرائظ الحج والصلاة والزكاة ويعلم جيدا ان الدنيا فناء والحساب يوم يقف الجميع امام الله خاشعين.
يحب وطنه العراق اكثر من نفسه والعراق بالنسبة له اغلى واثمن من اي شيء بالدنيا، فلذلك تجده يتعامل بشاعرية مفرطة ولو ان الماسي والمشاكل تواجه العراق لكنه يتفائل خيرا ويقول حتما يأتي اليوم ليكون العراق الجديد عراق الحب و يظم جميع ابناء شعبه ما عدا الذين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين الابرياء فهولاء يجب ان ياخذ القضاء مجراه معهم لينالوا جزائهم العادل.
ظيفنا لايملك في هذه الدنيا شيء سوى مكتبة فيها اكثر من عشرة الاف كتاب فقط ولايملك حتى بيتا ملكا له ولا يسمح لاي شخص ان يكتب شيء مغايرا للحقيقة والعدل بل يكتب ما يشاء مما راه بعينه ويشهد به امام الله عزوجل، لان في مثل هكذا طرق يعتبرها الجوادي ليس فيها خلق انساني او تربية صحيحة فالشهادة امام الله هي الافضل والله هو الحكيم الاكبر والحاكم الاكبر.