صلة الرحم والقربى وجريمتهم الخبيثة الكبرى - ابراهيم عفراوي- بغداد

Mon, 27 Feb 2012 الساعة : 12:35

بسم الله الرحمن الرحيم : - ( لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يؤادون من حاد الله ورسوله ولو كان ابائهم اوابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون ) صدق الله العلي العظيم
تتجلى عظمة التشريعات والاحكام الالهية في الكثير من الاوامر السماوية الموجهة للمجتمع الاسلامي والتي بينتها وفصلتها العديد من ايات الله وسوره المباركات واشار الى ضرورة التقيد والالتزام بها وتطبيقها على ارض الواقع وحذر تحذيرا شديدا من مخالفتها واهمالها وتركها لما لها من اثار ونتائج سلبية ومساؤى لاتحمد عقباها على الفرد خاصة و المجتمع بصورة عامة سواءا في حياتهم الدنيوية او عند الوقوف بين يديه عز وجل يوم البعث والحساب , قال تعالى :- ( فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم ) , ذلك ان تلك الاوامر والتعليمات الالهية ركيزة اساسية في بناء الفرد والاسرة و المجتمع والذي ستسوده عند تمسكه والتزامه بها الرحمة والمحبة والتالف والتعاون الذي ستقطف ثماره بحياة هانئة وامنة وسعيدة خالية من الفتن والمشاكل والابتلاءات والتي ستكون سببا مباشرا وفعالا في تاخره عن تحقيق مايطمح اليه والقيام بما هو مطلوب منه في هذه الحياة ومابعدها , ومن تلك الاوامر والتعليمات صلة القربى والرحم التي عدها الله تعالى من اصول الفضائل التي يجازيها جزيل الثواب في الدنيا والاخرة والتي لاتقتصر على افراد الاسرة الواحدة بل تتعدى حدودها لتمتد فتشمل الاقرباء بمختلف درجات قربهم , قال الله تبارك وتعالى :- ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذوي القربى واليتامى... ) . وقال تجلت صفاته : - ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) . وقال تقدست اسمائه :- ( الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ـ إلى قوله ـ أولئك لهم عقبى الدار ) واذا بحثنافي احاديث رسولنا الاكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين واصحابه اجمعين لوجدنا بانها تحث المسلمين على العمل بتلك الشعيرة الفاضلة وتدعوهم على الالتزام بها و عدم مخالفتها او نبذها واهمالها وذلك لان فيها وحدة المجتمع وتماسكه مما يودي الى الشعور والاحساس بالامن والراحة والاطمئنان والابتعاد عن الانعزال والتوحد , اضافة لهذا فانها تزيد من العمر وتبسط في الزرق وتكثر الخيرات والبركات , فهذه بعض احاديث رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وسلم والتي يمكننا من خلالها ان نستشف اهمية تلك الرابطة والعلاقة الاجتماعية المهمة والاثار الايجابية التي تحصل نتيجة قيامنا بما هو مطلوب منا اتجاهها , اذ قال (ص): - ( إن اعجل الخير ثواباً صلة الرحم ) . وقال (ص):- ( من سره أن يمد الله عمره، وأن يبسط في رزقه، فليصل رحمه. فان الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق، تقول: يا رب، صل من وصلني، واقطع من قطعني، فالرجل ليرى بسبيل خير حتى إذا أتته الرحم التي قطعها، فتهوى به إلى أسفل قعر في النار) , وقال (ص): - ( إن القوم ليكونون فجرة ولا يكونون بررة، فيصلون أرحامهم، فتنمى أعمالهم وتطول أعمارهم، فكيف إذا كانوا ابراراً بررة ) . وقال (ص): - ( الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر، وصلة الاخوان بعشرين، وصلة الرحم بأربعة وعشرين ) وقيل له (ص): - ( أي الناس أفضل؟ فقال: اتقاهم لله، وأوصلهم للرحم، وآمرهم بالمعروف، وانهاهم عن المنكر ) . وقال (ص): - ( أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك ) . وتلك هي احاديث كريمة مباركة لاتحتاج الى شرح وتفصيل لتوضيح معناها واهدافها السامية في بث الالفة والمحبة والرافة والرحمة والانسانية وغيرها من الفضائل بين النفوس المسلمة والمؤمنة بالله ودينه الحق , ونجد في احاديث ال بيت رسول الله صلوات الله عليهم اجمعين الكثير من التاكيدات على ضرورة التواصل بين المقربين لما له من اهمية بالغة في حياتهم بصنفيها الدنيوية والاخروية , فهذا سيدنا ومولانا أمير المؤمنين (عليه السلام ) يقول : - ( صلوا أرحامكم ولو بالتسليم يقول الله تعالى:- اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً ) . وقال الامام الباقر (عليه السلام ): - ( صلة الأرحام تحسن الخلق وتسمح الكف وتطيب النفس وتزيد في الرزق وتنسىء في الأجل ) . وقال ايضا ( ع ) :- ( صلة الأرحام تزكى الأعمال، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب، وتنسيء في الأجل ) . وقال الامام الصادق (عليه السلام ): - ( صلة الرحم والبر ليهونان الحساب ويعصمان من الذنوب، فصلوا ارحامكم وبروا باخوانكم، ولو بحسن السلام ورد الجواب ) . وقال ايضا (ع): - ( ما نعلم شيئاً يزيد في العمر إلا صلة الرحم، حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين، فيكون وصولا للرحم، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة، فيجعلها ثلاثاُ وثلاثين سنة. ويكون أجله ثلاثاً وثلاثين سنة فيكون قاطعاً للرحم، فينقصه الله تعالى ثلاثين سنة، ويجعل أجله ثلاث سنين )
فالاقربون اولى بالمعروف عبارة لها معناها تتردد على لساننا دائما , وهذا المعروف يقتضي منا الالتزام به والقيام بالكثير من الافعال والاقوال التي تديمه وتعزز من دوره في حياتنا . فصلة الرحم تستوجب زيارة المقربين وتفقد احوالهم والسؤال عنهم ومشاركتهم في افراحهم واحزانهم والتصدق على فقيرهم والوقوف الى جانبه في محنته وزيارة مريضهم والقيام بما هو مطلوب اتجاهه اخلاقيا وشرعيا وبذل كل مايحتاجه من رعاية واهتمام وعون عند عوزه وحاجته لظروفه الخاصة وغير ذلك من الواجبات الانسانية والاجتماعية المطلوبة في هذا الاتجاه ,ويجب الا ننسى بان تلك العلاقة تستوجب ايضا من جميع الاطراف المرتبطة بها صونها والمحافظة عليها وعدم استغلالها من قبل شخص او مجموعة اشخاص للاضرار بالاخرين بقول او فعل او تصرف وسلوك كمنع مساعدتهم على الرغم من احتياجهم الى السكن او الماكل او انهم يسعون الى تاليب بقية المقربين وحثهم الى هجر ونبذ عائلة ما او مقرب اليهم غيظا وحقدا من دون ان يزوروا مريضهم على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها او انهم بحكم ظروف معينة يتخلون عن نصرة القريب المستضعف الذي ظلم دون وجه حق ويقفون الى جانب المقرب الظالم ليعينونه باليد واللسان والرجل والجاه واية وسيلة متاحة وغير ذلك . فقد تكون صلة الرحم والقربى مصدر اذية ومضرة لاتحتمل لانسان ما او عائلة ما ولكنهم على الرغم مما تعرضوا له من اذى وابتلاء عظيم في انفسهم واهليهم واموالهم فانهم يعتزون بها و بقيمتها واهميتها ويسعون وبما تطيقه انفسهم من جهد واحتمال على المحافظة عليها والتجاوز على الكثير من الاخطاء القاتلة التي ارتكبها بعض ضعاف النفوس من المقربين لهم اتجاههم , ولكن عندما تكشف الايام عن الكثير من الحقائق الخافية بان مضرة واذية المقربين اليهم قد ارتكزت اساسا على مبدا الخروج عن دين الله ونبذ كل تعاليمه واوامره المنزلة من السماء وبنيت وفق منهج محرم وشاذ الا وهو الاشراك به وعبادة مالم ينزل به سلطانا , والتي نقصد بها تلك الاذية والمضرة الحاصلة نتيجة اللجوء الى السحر والسحرة من قبل بعض المقربين الذي استغلوا تلك العلاقات الاجتماعية والانسانية المهمة لتكون غطاءا لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية من اجل تحقيق منافعهم الدنيوية وعلى حساب حياة وارواح غيرهم من اولي الرحم والقربى , فعندما تتوضح تلك الحقيقة البالغة الاهمية لذلك الانسان فانه يقع في اختبار عظيم يقتضي منه التخلي عن تلك العلاقات الضارة والمؤذية دنيويا فضلا عن ضررها الاكبر يوم البعث والحساب يوم يفر المرء من امه وابيه وفصيلته التي تاؤيه , فكيف به اذا امتدت تاثيرات سحر هؤلاء المقربين ولسبب من الاسباب لتوثر تاثيرا بليغا على من حولهم من اولي صلة الرحم والقربى مما يجعلهم يتخذون موقف الناصرين والاعوان لهم والمغطين لافعالهم المحرمة السيئة بحكم تلك العلاقات والروابط الاجتماعية , قال تعالى :- ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاؤلئك هم الظالمون ) ,عند ذلك لابد لهذا الانسان من ان يتخذ موقفا صلبا وحازما اتجاه هذا الامر حتى وان اتسعت دائرة التخلي عن تلك العلاقات لتشمل جميع المقربين اذ لابد منه ان يجعل رضا الله فوق رضا الناس بل وحتى رضا اقرب المقربين اليه اذ انه مادام هذا الامر يثير غضب الله ونقمته واعراضه وخسران مغفرته وعفوه ورحمته في الدنيا والاخرة فلابد له من التخلي عنهم وعن كل علاقة تربطه بهم وذلك لان رضا الله والعلاقة به والخوف منه اجل واسمى واعظم من تلك العلاقات التي سيكون مصيرها الزوال فيما بعد , وبلاشك ان الكثير من افعال السحرة والمشعوذين تقتضي التخلي عن الله ودينه الحق والاشراك به وهو ظلم عظيم لايغفر الله وهنالك الكثير من الايات والنصوص القرانية التي بينت هذا الامر , كقوله تعالى : - ( ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما ) فهل يجوز لنا ان نتودد لمن خرج عن حدود الله هذا الخروج الذي لايغفره دون بقية الذنوب ونمد ايدينا اليه ونقف الى جانبه ؟؟؟؟؟ فكيف بهذا الانسان المظلوم ان لعب اولى الرحم والقربى لعبتهم الخبيثة الكبرى لمضرة و اذية الوحيدين له في هذه الدنيا امه واخاه وعلى مدار السنين الطويلة ومن ثم كانوا سببا رئيسيا وعاملا مباشرا في ازهاق ارواحهم البريئة دون وجه حق ظلما وعدوانا وطغيانا وفسادا في الارض .
http://www.youtube.com/watch?v=iVED6kz-DEQ

 
 

 

Share |