القيّمونَ على القِممِ العَربية -ابو تبارك الناصري\ ناصرية
Sun, 26 Feb 2012 الساعة : 13:56

طِوال 36 اجتماع قمة عربية منذ تأسيس جامعة الدول العربية في 1945 و منها ما يُقارب 9 قمم (طارشّة ) طارئة !! ولسان حال هذه (القُمامة) العربية (( أتفق العرب على ان لا يتفقوا )) أنا هنا لست بصدد الحديث عن نوبات الهجوع العميق الذي تعيشه وعاشته الأمة طِوال أكثر من 67 عام على تأسيس الجامعة العربية فصِور السادة أصحاب ( المَخالي ) المعالي و( الجلاّفة ) الجلالة و( الضّخامة ) الفخامة و( السروّ ) السمّو , التي تناقلتها وسائل الأعلام المفلترة لوقائع الجلسات , سواء الاجتماعات الدورية لمجلس الجامعة او القمم , إذ اتخذها السادة الزعماء محطة استرخاء لقضاء بعض ساعات النوم ( كسرات النعاس ) بعيداً عن ضوضاء الحارك الذي يعيشه الشارع العربي وبعيداً عن ازماته وقضاياه وهمومه و مطالبه , او اختلسوا منها بعض ساعات التأمل ( ضرب الدوالغ ) الصفنات بعيداً عن سطوة المدام ( السيدة الاولى ) وبعيداً عن حاشتيتها من حرس وخدم ومن لف لفهم في مراقبة نظرات السادة الزعماء البريئة للفاتنات من الجواري في بلاط السيد السلطان .
ليس هذا ما اود التحدث عنه هنا فذاك واضح للمتابع العربي لسير القمم العربية حتى في اكثرها حماستاً في قمة اللاءات الثلاثة في الخرطوم عام 1967 وليس انتهاء بقمة النّعَمّات الا متناهية في بيروت عام 2002 , فجميعها كانت مشاهد النوم والنعاس وضرب الدوالغ ( الصفنات ) سيدة الموقف كما قد تتخللها بعض المشاهد الانفعالية في الاخراج على طريقة الأكشن وبعض العركات هنا او هناك , طبعاً تأتي خارج الصورة المعتادة لنوبات النعاس والهجوع العميق على العروش الفخمة المعدة لهم , لكنها وفق السياق العام لجميع هذه القمم (( اتفق العرب على ان لا يتفقوا )) فقد يحتاج المواطن العربي لمثل هكذا مشاهد , لكي لا يأخذه الخيال بالأماني على هذه القمم وللعودة به الى الشعار المذكور (( اتفق العرب على ان لا يتفقوا )) , لم تكن قمة تونس عام 1979 أولها , بعد الخلافات العربية على توقيع مصر معاهدة السلام مع اسرائيل , لم تنتهي عقدة مصر بَعْد , لِننتقل لعصر ما بعد قمة 1990 في بغداد لتكون مشاهد التقاذف بالصحون وكل ما وضِعَ على طاولة الاجتماعات هي سيدة الموقف , الذي دفع الجامعة العربية لعقد 3 قمم غير اعتيادية ( طارشة ) اثنان منها في نفس العام اثر الخلافات العربية بُعيد اجتياح نظام صدام للكويت , وكذلك لاتخاذ قرار برفع جميع الادوات المكتبية من على طاولة الاجتماعات ايضاً , وما تلاها من قمم كان الاكثر جذباً فيها هي معاكسات القذافي لملك السعودية الحمد لله اذ تم مصالحتهما في قمة 2009 بالدوحة وذهب القذافي لربه والملك عبد الله راضٍ عنه ( والا تخيل القذافي يموت وخادم الحرمين غير راضي غنه !! )
المهم في خضم الحديث عن قمة بغداد المتعثرة الانعقاد منذ اكثر من عام والمتعطلة كما هي عجلة التنمية في بلادي !!
أتساءل خلال كل هذه المسيرة الطويلة للجامعة العربية منذ تأسيسها ومواكبتها للنكسات العربية والحروب العربية وجميع الاحداث التي مر بها العالم العربي ومحيطه (من دون سرد , فالمقام لا يسعها ) انتهاءً بعصف رياح التغيير بالمنطقة وبعد ان أورق ما يسمى بربيعها العربي .
من القيّم على جميع تلك القمم ؟؟
ومن القيّم على جامعة الدول العربية ؟؟
ومن الوصي علي قراراتها ؟؟
ببساطة لأي متتبع من دون تعمق بتاريخ الجامعة العربية , منذ تأسيسها تجد ان لهجة ( الكَامعة ) العرية طوال اكثر من 57 سنة لم تتمكن من لفظ حرف ( الضاد ) فكانت تنطقه زاي , اذا ما اضفنا لها 10 سنوات تراسها الشاذلي خلال وضع اضطراري ( اثر ابعاد مصر ) على عكس ما ينص عليه ( النزام ) الداخلي الذي جعل من القاهرة مقر دائم للأمانة العامة , ومن دون منافس حتى من الدول الممولة للجامعة العربية سواء بهدايا السيارات الفخمة لأمنائها العامين , او الممولة لميزانيتها بالبتر ودولار .
فجميع دول الخليج لم تكن بعد قد شهدت ثورة التهجي قبل مجيء الشيخ عبد الله السالم الصباح مفجر ثورة التهجي في الخليج التي تربع على عرشها وبعد اكثر من خمسين عام على شرارتها الاولى الملك عبد الله بن عبد العزيز الحاصل على شهادة الدكتوراه في الخطابة المقتضبة بطريقة التهجي الخلدوني بالصوت المبحوح الاجش !!
فكان لسان حال المصارع العربي المصري مع المصارع البتر ودولاري كما يصفه نزار قباني ..
لا احد يريد منك ملكك السعيد
لا احد يريد ان يسرق منك جبة الخلافة
فاشرب نبيذ النفط عن اخره
واترك لنا الثقافة
فكانت الجامعة العربية وقممها تدار بثقافة وارادة أسياد حكام مصر ومخابراتها و وزراء خارجيتها حيث اصبح شبه التقليد حين يستحق وزير خارجية مصر خصوصا اذا كان ذو امتدادات مخابراتية ترقية , يرحل لدرجة امين عام الجامعة العربية .. فتمتزج السياسة الخارجية لمصر مع البتر ودولار الخليجي في القيمومة على الجامعة العربية وقممها ..
واثناء انشغال مصر بترتيب وضعها الداخلي بعد ان عصفت بها رياح ثورة 25 يناير , وكذا المغرب العربية ابتداء من ليبيا التي لم تتجاوز بعد عقدتها في المصالحة بين القبائل التي كانت تساند للقذافي والقبائل التي ايدت الثورة , او تونس المنشغلة في بعث رسائل ثقة للغرب بعد فوز الاسلاميين , وليس بأحسن حال منهم اليمن التي انشغلت كثيرا بعلاج حروق الرئيس قبل او بعد تنحيه عن السلطة , والسودان المنشغلة برقصات البشير ( معاكساً اوكامبو) بصولجانه , فهية خجلة من العودة للجامعة العربية بقوة كما قوة قمة الخرطوم بـ لاءاتها الـ 3 المشهورة بعد ان فرطت بما يقارب ربع او ثلث ارضها فعودتها خجولة كما يعود الطفل بعد ان اضاع جزء من مصروفه اليومي ...
لتبقى سوريا هي نقطة الصراع البتر ودولاري الخليجي مع العراق العائد الى المنطقة ومحيطه بقوة قُبيل وبُعيد انسحاب القوات الاجنبية من ارضه , مما دفع الدول الخليجية لعرقلة عقد اجتماع القمة في بغداد منذ أكثر من عام !!!
فلمن ستكون القَيمومّة في ضِل الخلاف العراقية الخليجية حول قضية البحرين ودخول درع الجزيرة و حول قضية الصراع في سوريا ..
يبدو ان العراق اختار ان يكون قيم على قراره السياسي السيادي ولكن ضمن مساحة المناورة التي تسمح بها عملية مط وسحب لمفردة الأجماع العربي , وربما يشير لذلك ما تناقله وسائل الاعلام العراقية عن توجيه الرئيس الطلباني دعوة لبشار الاسد لحضور القمة المزعم عقدها في اواخر اذار في بغداد , رغم قرار الجامعة بتجميد عضوية سوريا اثر الاحداث الاخيرة فيها .