العدالة .. والأصوات النشاز في قضية الهاشمي-باقر الرشيد/ بغداد

Sun, 26 Feb 2012 الساعة : 12:30

ما ان حدد المجلس الأعلى للقضاء يوم الثالث من شهر آيار المقبل موعداً لمحاكمة الهاشمي وإحالته بثلاث تهم منجزة من الجرائم المتهم بها الى المحكمة الجنائية في الكرخ وهي تهم تقع ضمن قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005 وكل واحدة منها يعاقب عليها المتهم بالإعدام . حتى آنبرت بعض الأصوات النشاز في القائمة العراقية ، ووصف البعض من المولعين بالصخب الإعلامي داخل هذه القائمة إحالة الهاشمي الى المحاكم بالتصعيد الخطير والتعقيد للمشهد السياسي . ولا ندري منذ متى أصبحت القضايا القانونية تمثل تعقيداً للمشهد السياسي . مع علمنا وإطلاع المواطن العراقي على الكثير من الشواهد التي تؤكد أن القائمة العراقية كانت وما تزال أكثر القوائم إنتقاداً للقضاء و آتهاماً له بالتسييس وبعدم النزاهة ، كما انها تعتبر القائمة الوحيدة التي تتدخل في عمل القضاء ، فتصريحاتها هذه لوحدها تعد تدخلاً سافراً في عمل القضاء ، متناسية أن في البلد قانوناُ وأن هنالك قضاء يطبق هذا القانون ، وهم بل وحتى الجهلة لأبجديات القانون يعلمون بأنه إذا ما آكتمل التحقيق في أي جريمة ووصلت الأمور التحقيقية الى نهاياتها ولم يحضر المتهم أو المتهمون للمحكمة فإن الإجراء الطبيعي الذي تتخذه المحكمة هو محاكمة المتهم أو المتهمين غيابياً . ثم لا ندري ما الذي يمنع الهاشمي أو أي متهم آخر من المثول أمام القضاء والدفاع عن نفسه .
إن تغطية قضية الهاشمي أو غيرها من القضايا المطروحة أمام القضاء بغطاء سياسي ما هي إلا محاولات أقل ما نقول عنها أنها بائسة ويائسة ، فكيف يمكن للعاقل أن يتصور أن قضايا إرهابية فيها قتل وتفجير وتفخيخ وجرائم كبيرة مست حياة الناس وممتلكاتهم وأدخلت الخوف والرعب في نفوس المواطنين تسوى سياسياً ؟ ثم ماذا يعني تداول البعض من المتطفلين داخل العملية السياسية (مصطلح رمز سياسي) باللغة السياسية التي يحتمون بها ؟ إن مواد القانون ومواد الدستور العراقي لا يشيران لا من بعيد ولا من قريب إلى هذا المصطلح ولم يلمحا إلى أن رموزاً سياسية في الدولة تكون مصونة وغير مسؤولة أمام القانون سواء كانت تلك الرموز حكومية أم كتلوية أم سياسية ، فالرمز السياسي في العراق ومهما كان موقعه في السلطة هو مواطن مكلف بموجب القانون ويخضع لأحكامه وليس هنالك شخص بمنأى عن تطبيق أحكام القانون ، أما الكلام بهذا الموضوع في الحقيقة ماهو إلا محض هراء ومحاولة لهدم أركان الدولة العراقية ، فقضية الهاشمي والمتورطين معه من رجال حمايته وغيرهم بعيدة كل البعد عن التدخل السياسي وإن القضاء هو الذي أشرف على هذه العملية منذ بدايتها ولا يمكن أن يسمح بأي تدخل في عمله لأنه سلطة مستقلة ، وننصح العقلاء (فقط) في القائمة العراقية أن يتركوا الشأن القضائي للقضاء كونه سلطة مستقلة وله الصلاحيات والإمتيازات الخاصة في إجراءاته المتبعة ، لذا يتوجب على جميع السياسيين أن يحترموا كل ما يصدر عن السلطة القضائية . ويحترموا مشاعر الناس الذين باتوا يدركون أن قضية الهاشمي لو سويت سياسياً ( مع اعتقادنا بإستحالة هذا الأمر) فذلك يعني إعطاء الضوء الأخضر للعراقيين جميعاً ليخرجوا الى شوارع المدن العراقية كلها ، ليقتل كل منهم من يشاء وليستولوا على ما يشاؤون من الأملاك العامة والخاصة ، ثم بعد ذلك ليجلس الجميع (السارق والمسروق والمعتدي والمعتدى عليه والغاصب والمغصوب والقاتل وعوائل الضحايا) ويحلوا مشاكلهم سياسياً أوعشائرياً وكأن شيئاً لم يكن وينتهي كل شئ . وكأن العراق ليس فيه قانون أو قضاء يحكم بين أبنائه .

 

Share |