"الزواج السري " تسونامي يزحف صوب الاروقة الجامعية ..!!سوزان الشمري -بغداد

Wed, 22 Feb 2012 الساعة : 12:48

وحدها الصدفة ادخلتني في عالمهن !واستدرجتني لاستمع عن كثب لحكايتهن التي لطالما كنت اجزم ,ومن خلال متابعاتي التلفزيونية لقصص مماثلة ,انها من صناعة مضاربي السينما والدراما, او ضرب من ضروب الخيال ضمن سيناريوهات روايات عبيرالتي اعدتت قراءتها في ايام دراستي الاكاديمية.
فمحل الصدفة كان اروقة جامعية والابطال طلبة وطالبات , جامعيون والاحداث علاقات مشبوهة غير واضحة الملامح والذروة صراعات وسجالات وانتهاكات اما العنوان العام للحدث والذي تعددت واختلفت مسمياته لكنه يمتلك عنوانا عريضا ورئيسيا كان وهو "الزواج السري " .

تلك الظاهرة القديمة الحديثة التي عصفت بالمجتمع العراقي عاودت بالظهورموخرا بحسب ما اكدته اخر التقارير الميدانية التي اشارت الى إن حالات الزواج السري , بدأت تشهد تزايدا خلال السنوات الأخيرة في العراق ولا سيما في الجامعات.

و"الزواج السري "هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوبة أو غير مكتوب ".ويتم بعقد مستكمل لشروطه الشرعية إلا أنه لم يوثق، أي بدون وثيقة رسمية كانت أو عرفية".

اما المتابعون لهذه الظاهرة يرجعون بداية استفحالها إلى نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينات بسبب الحروب والحصار الاقتصادي , وما ترتبة عليه من تهشيم لبنية العائلة العراقية وركائزها الاقتصادية، وظهور شريحة كبيرة من الأرامل اللواتي مازلن في سن الشباب.

ولأجل تسليط الضوء على الظاهرة و ابطالها وابعادها وراي الشرع فيها اعددنا التحقيق التالي :
"بصوت خافت ومتهجم تقول له " لو يعرفون اهلي يقتلونك ويقتلوني "عبارة اخترقت مسامعي كوقع رصاص الحرب من طالبة جامعية وتحديد في جامعة بغداد كانت تقولها لشاب على ما يبدوا انه طالب ايضا قد جالسها مصطبة في احدى حدائق الكلية الامر الذي دفعني لمراقبتها بفضول صحفي واستدراجها للحديث بعدما منحتها الامان وهدئت من روعها عقب صولة شجار ثارت بها على هذا الشاب الذي يتين فيما بعد انه زوجها بحسب قولها لكن ايما زواج انه"زواج سري".

موانع طائفية

وبداية حديث الطالبة والتي اسمت نفسها "مروة" تقول " الشاب الذي تشاجرت معه منذ قليل هو زوجي ,لكن بعنوان "زوج سري " فقد تزوجنا منذ ستة اشهر تقريبا , اذ انه قد تقدم لخطبتي قبل الاقدام على هذا النوع من الزواج لكني اهلي رفضوا كونة من طائفة اخرى ,لكننا لم نستطع التخلي عن بعضنا في بدا الامر وقد وجدنا في هذا المنفذ الشرعي منقذا للوقوع في المعصية .لكن سرعان ما بدات الامور تنحو بمنحى اخر حتى اختلفنا كاي زوجين ونشبت المشكلات بيننا لكنني المتضرر الوحيد من هذا الزواج ,والسبب في توجههنا هذا يعود لعدم المبالاة التي يتصرف بها الاهل تجاه ابنائهم مما يجروهم لسلك طرق غير مرغوب فيها وتعد من الخطوط الحمر التي لايمكن تجاوزها.

وتجد بعض النساء في الزواج السري منفذا للهروب من ضغط المجتمع الذي يحرم على المرأة أي شكل من أشكال العلاقة مع الرجل خارج إطار الزوجية

جبروت العادات والتقاليد
ومروة لم تكن الوحيدة من بين خمسة صديقات او مايعرف بالمصطلح الجامعي "الكروب"المتزوجة بهذه الطريقة فهي ثالث اثنين ضمن هذا الكروب .سهاد ابراهيم 28سنة هي الاخرى زوجة سرية لكن يبدو ان الموضوع لم يعد له تاثير على حياتها اذ ان الزوج المزمع قد فارق الحياة بعمل ارهابي ختمة بحسب حديثها سلسلة العذاب والرعب من احتمال اكشاف امر هذا الزواج ,وتوضح سهاد بنبرة انكسار " انها اضطرت لسلك هذا الطريق بسبب حكم العادات والاعراف التي تبيح للرجل وتستحوذ على حق المراه في الحياة .وتقول تزوجت في عمر الثامنة عشر من رجل يكبرني بخمسة عشر سنة بعد ان اجبرت على هذا الزواج من قبل اهلي لم اشعر باني متزوجة بل وكانني جارية تحت جبروت رجل متلسط وقاسيت انواع العذاب معة كونة دف لاهلي الاموال مقابل زواجي ,وتضيف حياتي مع هذا الزوج لم تستمر سوى سنتين طلقت بعدها وعدت لبيت اهلي الذين لم يتواوا عن نعتي بالفاشلة وحملوني وزر هذا الطلاق ولم يحملوا انفسهم وزر زواج غير متوافق اضطرتت بعدها للعودة للدراستي الاكاديمة في جامعة بغداد اذ التقيت بشاب ضمن دفعتي كنا على مستوى عالي من التوافق والانجذاب وقد تقدم لخطبتي لكن اهلي رفضوه لضعف حالتة المادية .وبعد محاولاته العديدة لخطبتي التي كانت تواجه في كل مرة رفضا قاطعا اضطررنا للزواج السري فلم اكن على استعداد لان افقده بعدما عانيته في زواجي الاول بالرغم من حجم المخاوف التي كانت تنتابني فيما لم اكتشف الامر ,لكن يبدو ان سوء القدر لم يزل يرافقني اذ اشتهد احمد وهو زوجها السري في عمل ارهابي واختفت الحقيقة باختفائة .وتتابع سهاد "حتى اللحظة كنت على يقين بهذا الزواج ما دائم لا يخالف الشرع وينجب الانسان المعصية .

مخرج لاعالة اسرتي
جهتها، ترى اسراء البياتي )، 35 عاماً، (ارملة وام لثلاثة ابناء اكبرهم غيث 6سنوات واضغرهم زينة سنتان )، وهي موظفة في احدى كلية مجمع الباب المعظم للجامعات في بغداد وتقول ان «الشرع حلل لنا نحن الارامل والمطلقات هذا الزواج، وخصوصاً ان احدنا لا تستطيع إعالة نفسها في هذا الوقت الصعب، ليزيد الأمر صعوبة اذا كان مع المرأة الارملة او المطلقة اطفال وتتابع «لجأت الى هذا الزواج الشرعي كوني بحاجة الى رجل يساندني واسانده بعيد عن اللجوء الى الحرام واعالة اطفالي .وبدون ان اسبب مشكلة للرجل الذي ارتبط به لو كنت زوجة ثانية لو صح الفكرة.

الاروقة الجامعية

اما (خ ,ف) وهوحارس امني في مجمع الباب المعظم للجامعات فيقول "اقدمت على الزواج السري بطالبة في كلية التربية وهي مطلقة لعجزي على الوفاء بالتزامات الزواج الرسمي من مهر وذهب ومطاليب اخرى تفرضها بعض الاسر , فانا مسؤول عن عائلة كبيرة وليس باستطاعتي الزواج حاليا مع ما نعانية من ظروف معيشية صعبة .
ويضيف "أن ارتفاع أعداد الأرامل والمطلقات و في العراق يدفع بالكثير منهن للجوء إلى زواج المتعة، كما أنه يعتبر حلا لمشاكل الكثير من الشباب الذين يتجاوزون بذلك تعقيدات الزواج التقليدي وتكاليفه الباهظة".

ويشير" ان صديقة قد تزوج من فتاه " شابة جميلة فقدت زوجها في احد أعمال العنف بعد زواج لم يدم أكثر من سنة ، وكانت حصيلته طفل ولد في هذه الحياة يتيما فاقدا لابيه وكانت الفتاة من عائلة فقيرة ,وأي نوع من العلاقات مستحيل عليها، ولم تجد مخرجا سوى هذا النوع من الارتباط".

العرف الاجتماعي
الزواج السري الذي شاع في الوسط الجامعي هو تحصيل حاصل لانتشار هذه الظاهرة في المجتمع عامة كبعض الدوائر والموسسات والمجتمعات المختلطة اذ عرجت لي احدى الصديقات وهي موظفة في امانة بغداد عن موظف يتبها بزوجاته الكثيرة من هذا النوع من الزواج وتروي على لسانه قولة ذات مقام انه

متزوج بهذ النوع اثر من ثلاث مرات ، الأولى كانت امرأة احد شهداء الحرب الإيرانية العراقية الذي خلف لها ثلاثة أطفال والذي بحسب ما رواه لها كان من باب المساعدة والاعالة ,وتابعت حديثها بقوله ان بعض الزيجات أن تتزوج زواجا دائما بسبب الاطفال فضلا عن نظرة المجتمع التي لا ترحب بزواج المرأة ذات الأطفال والتي فقدت زوجها".

وتضيف انه وذكر لها "انه عقد بما يعرف "بالعقدالمنقطع" على موظفة كبيرة في العمر او بالمصطلح الشعبي "فاتها قطار الزواج "و كانت تعمل معه في دائرته ، وكاد أن يتحول هذا الزواج إلى زواج دائم، لولا تدخل زوج أختها، وحدثت أثرها بعض المشاكل إذ علم بعلاقتنا". وأشار إلى أن "هذه العلاقة استمرت لسنتين،
وتستغرب صديقتي من قوله " أن "مثل هذا الزواج سيحل مشكلة الشباب لو طبق وفق الأصول الشرعية" .

وكما لهذا الزواج من مناصرين ومؤيدين في المقابل توجد جبه رافضة له معتبرة اياه محرمات تحت غطاء الشرع ولف ودوران حول الاصول الدينية والاحكام الفقهية .

تسيس اخلاقي

فتقول ز .أ تدريسية ، وطالبة دكتواره في جامعة بغداد "ان مسألة الزواج السري او كما يسميه المصريون في الافلام والمسلسلات بـــ"العرفي" مجرد فساد مقنع، وهي منتشرة بكثرة في الجامعات والكليات الاهلية والحكومية". وتتابع "أغلب هذه الزيجات لا تتوفر فيها شروط وأحكام زواج المتعة, مثل المدة او المهر المقدم للبنت، لاسيما وان هناك بعض الشباب يستغلون الفتيات والطالبات" وتضيف "هذا الزواج أجيز للأرامل والمطلقات، وان يكون عذر الرجل بسفر لمدة طويلة او طريق طويل يتطلب منه الزواج، فيحل له وللمرأة ان يتزوجا بهذه الطريقة وفق الاحكام الشرعية لها". وعن حقوق المراة المكتسبة من وراء هذا الزواج ذكرت "هذا الزواج برأيي يذل المرأة ويحرمها من حقوقها ويعرضها لنظرة قاسية برفض المجتمع لها، ليزيد الأمر سوءاً متى ما حملت من هذا الزواج، وبالتالي ستلجأ الى طرق كثيرة للتخلص من الجنين وهنا الكارثة".

أما رأي الاخصائيين الاجتماعيين في ظاهرة الزواج السري او المتعة، فيرى الدكتور كريم محمد حمزة، استاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد، ان انتشار ظاهرة هذا الزواج تعود الى وجود «انحلال في القيم الأسرية العراقية لأسباب عديدة؛ منها اقتصادية وعملية الهجرة من الريف الى المدينة لتضاف اليها الضغوط السياسية، مما أدى بالتالي الى عدم توفير العائلة الاطمئنان لأبنائها، مما ولد هروباً خارج اطار البيت والأسرة للبحث عن حالات الامن والاطمئنان». وأضاف «نرى ان المجتمع العراقي يمر بأزمة أخلاقية وهي أزمة كبيرة». وعن دور الدولة في معالجة هذه الظواهر قال حمزة إن «للسياسيين مشاريع سياسية تتعلق بالدولة وليس بالمجتمع، وعليه أصبحت الهوة كبيرة بين المجتمع والدولة، وهنا يجب ألا نلوم الشباب، بل نلوم أنفسنا كباحثين واخصائيين بعلم الاجتماع، يجب ان نجد خارطة طريق يستطيع عن طريقها الشباب ان يتجه الى الوجهة الصحيحة، لاسيما وان هناك ظواهر تفرزها الحروب المتكررة والنزاعات، وسوف يتخلص منها المجتمع العراقي لأنها حالات آنية وطارئة، ما ان يستتب الامن والنظام سيعود المجتمع العراقي كسابق عهده صحيا قوامه المشاركة والتآخي»

الفتوى والاحتياط الشرعي
وعن شريعة هذا الزواج من عدمه طرحنا جملة من الاستفسارات وقدمناها على طاولة الشيخ مجيد قاسم الياسري وماذون شريعي اذ يقول ان الزواج في الشريعة الإسلامية قسمان: زواج دائم وزواج موقت. فالزواج الدائم: هو عقد لا تعيَّن فيه مدة الزواج، وتسمى الزوجة فيه بـ "الزوجة الدائمة". اما الزواج الموقت فهو زواج تتعين فيه المدة بسنة أو أكثر أو أقل، وتسمى الزوجة فيه بـ "الزوجة الموقتة". ويشترط في النوع الثاني الاتفاق على المهر والمدّة وتحقق شروط صحة العقد ومنها اذن الولي في الباكر على تفصيل في الفتوى والاحتياط بين المستقلة في شؤون حياتها وغيرها.

ويكفي ان تقول المرأة: "زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم"، ويقول الرجل: "قبلت" يعتبر هذا الزواج حلالا ويكون الطفل الناتج منه ولداً شرعياً لهما كالطفل الناتج من الزواج الدائم. وتملك الفتاة التي لها من العمر 18 سنة تملك أمرها في الزواج ولا ولاية لأحد عليها وان كان الأفضل أن تستأذن أخاها الكبير. ولا يجب اشتراط الشاهد في عقد الزواج الموقت إنما يشترط ذكر مدة القران وإلا يعتبر باطلا. ولا یصح العقد علی الباكر غیر المستقلة في شؤون حیاتها من دون اذن أبيها او جدها من طرف الاب، واما المستقلة فالحكم المذكور بالنسبة الیها مبني علی الاحتیاط. اما فيما يتعلق بالحقوق القانونية لهذا الزواج فانه يحرم المرأة من حقوقها الأساسية في الزواج المتعارف عليه، مؤكدا أن "قانون الأحوال الشخصية في المحاكم العراقية لا يعترف بمثل هذا الزواج حتى وان كان مثبتا بوثيقة على يد أحد شيوخ الدين وعليه فلا تكون للمرأة بصورة خاصة أية حقوق قانونية مترتبه عليه"، خضوضا فيما يتعلق باثبات الزواج وإثبات نسب الطفل لاحقا ".

 

Share |