ميزانية .. وَ َبلنصْ !!!-ألمهندس / جمال الطائي - ألسويد

Wed, 22 Feb 2012 الساعة : 10:18

مسكينة سياراتنا في العراق ، فمنذ عقود عديدة كنا ما أن نشتري سيارة حتى نهرع بها الى ( أبو الميزانية ) لعمل الميزانية و ألبلنص ( وهي وضع قطع من الرصاص على مناطق معينة من ويل السيارة ) وذلك بسبب التاكل الحاصل في جوانب الاطارات بسبب سوء التبليط المستفحل في شوارعنا ، اليوم وبعد عقود عديدة من الفشل والفساد المستشري في عمليات تبليط الشوارع ، وبعدما أستلم ( ألعيساوي )
أمانة العاصمة وأوصلها بهمته وهمة ( جماعته ) المسئولين في الامانة لتصبح بغداد بفضلهم أسوأ وأقذر عاصمة بالعالم ، فصرنا بحاجة الان لزيارة محلات الميزانية شهريا ً !!!
ألعيب بالتأكيد ليس في السيارات ولا في اطاراتها ، ألعيب في الشوارع والمواد المستخدمة في التبليط والاكساء ،ولان المواطن دوما ً هو الحلقة الاضعف ( يعني حايط النصيّص ) فلم نكن نستطيع ان نطالب الدولة بتحسين اداءها أو تقليل الفساد الدائم في عمل اجهزتها الخدمية والتنفيذية فكنا نعالج المشكلة بتلصيق قطع الرصاص على ( ويلات ) السيارات ، ويوم ساءت الامور جدا ً ( والكثيرين مازالوا يذكرون ) يوم كنا نلجأ للاسكافي ( لترقيع ) تايراتنا ، يومها ماعادت تنفع الميزانية ولا البلنص مع تايرات مخيّطة و( جوب ) مليء بالرقع ؟؟
لا أدري لماذا تذكرت تلك الايام السوداء وأنا أتابع أخبار المناقشات و ( الصفقات ) التي تُعقد من اجل اقرار ميزانية الدولة العراقية للعام الجاري ، طبعا ً لا توجد أي علاقة فقهية او شرعية ( ولا حتى غير شرعية ) بين ميزانية الدولة وميزانية السيارة ومع ذلك هناك ما جعلني اربط بينهما بشكل ما ،
ميزانية العراق أ َشبَه بقطعة قماش غالية تعطى لعدد كبير من الخياطين و يُطلب منهم جميعا ً أن يفصّلوا منها بدلة رجالية ،يتدافع كل واحد منهم ممسكا ً مقصّه ليقطع جزءا ً من القماش ، فمنهم من يريد الجاكيت ومنهم من يستقتل لأجل البنطلون ، منهم من يَتناوش الردن واخرين يريدون ( الياخة ) وغيرهم ( ناوين ) على الصدر ومنهم مَن ( مخيّل ) ياخذ الظهر .. وهكذا بعد أن تنتهي ( ألهوسه ) سترى ان ( مقصّات ) الخياطين ( لفلفت ) كل شيء ، ولم يبقى للشعب غير جيب البنطلون الصغير يعني (جيب الخرده )!!
ألاكراد يريدون نسبتهم المفروضة علينا وهي 17% ويريدون ايضا ً رواتب قواتهم المسلحة ( البيشمركة ) على اساس انها صارت قوات عراقية 100% بعدما باتت تتولى حماية المسئولين الهاربين من حكومة بغداد ، فهي التي تتولى حماية الهاشمي وحماياته ،وكذلك القاتل الهارب من الكوت والحرامي الهارب من الانبار والسارق الهارب من البصرة والقاتل الهارب من المثنى ، وكل خارج على القانون في العراق مادام يساهم في اضعاف الحكومة المركزية والاساءة لها ، ولاننا في بلد العجائب فهناك من يريد ان تتضمن الميزانية بند خاص لرواتب المسئولين ( الهاربين ) فالهاشمي مثلا ً وحماياته مازالوا يستلمون رواتبهم من بغداد وربما في الميزانية الجديدة سيُصرف لهم ( مخصصات سفر وايفاد ) كونهم يمارسون ( خدمتهم ) الوظيفية خارج اماكن سكناهم ، احدى الكتل تُصر ّ الحاحا ً أن تعطي للمواطن بضعة دولارات من عائدات النفط على أن ترميه بعد ذلك لقمة سائغة في فم تجار معظمهم شركاء بالباطن للسياسيين والنافذين في اجهزة الدولة لكي تعود هذه الدولارات من جيب المواطن اضعاف مضاعفة ، بل وصل الامر ببعض الكتل النيابية أن تطالب باضافة بند في الميزانية يُعطي للنواب مخصصات ( منافع اجتماعية ) اسوة بالرئاسات ، فاذا كانت ( المنافع الاجتماعية ) للرئاسات الثلاثة تبلع 20 % من الميزانية فكم سيبقى منها عندما نضيف مخصصات ل 325 نائب ، من المؤكد اننا سنضطر لطلب قرض من البنك الدولي ليسد ( حلوك نوابنا فقط ! )
رئيس البرلمان ( وفي بادرة عجيبة ) فرض غرامة مليون دينار على كل نائب ( يفلت ) من جلسات مناقشة الميزانية ، ومنع السفر والايفادات طوال فترة مناقشة الميزانية ، وربما سيعمَد الى ( تحليف ) النواب ( بالعباس أبو فاضل ) و الشيخ ( عبد القادر الكيلاني ) كلُّ نائب حسب انتمائه لاتمام مناقشة الميزانية ، وعلى الاحوط ألأعمّ سيتم تأجيل اقرارها كما أجل ّ ألاجتماع الوطني الى ما بعد ألقمة العربية !!!
حينها فقط سيتم اقرار الميزانية العراقية ضمن حزمة من القرارات ستتم برعاية ألقادة العرب أو( ممثليهم ) حيث ستتم المصافحة الوطنية متمثلة بعودة النائب الهارب والنائب المطرود كل الى موقعه ( وعفى الله عما سلف ) ونحن شعب طيب تعودنا ان ندوس على جراحنا ، فلا بأس هذه المرة ايضا ً ان نتجاوز عن هذه ( الهفوات البسيطة ) ودماء بعض الضحايا خاصة بعد الطلب ( العجيب الغريب ) من ملا مسعود البرزاني الذي طالب فيه بحل مسألة طارق الهاشمي سياسيا ً دون اللجوء للقضاءوتقييد اسماء ضحايا طارق الهاشمي وعصابته في سجل الشرف الموجود في الجندي المجهول واعتبار هؤلاء المغدورين ماتوا دفاعا ً عن ( أللُحمة ) الوطنية اللي ماأعرف وين تنباع !!.وكما ترون فالمشكلة ليست في الميزانية فهي أكثر من كافية ، ألمشكلة في افواه السياسيين والاحزاب التي لاتشبع من المال الحرام والتي لن تكفيها أموال العراق حتى لو بلغت صادراته 12مليون برميل يوميا ًفستبقى ميزانيتنا دائما ً محل خلاف وسنبقى دائما فقراء معوزين مع وجود هذا الكم الهائل من اللصوص وأنصاف السياسيين . يقيني ان الميزانية سيتم اقرارها اخيرا ً وسيحتفل نوابنا ( وكما عودونا كل عام ) بالتصفيق لأنفسهم على اقرار الميزانية بعدما ادخلوا فيها منافع اضافية لهم و سيقومون بنحر الجِمال بهذه المناسبة وعمل الولائم لانفسهم تثميناً لانجازهم الوطني وستقوم نائباتنا بتوزيع ( خبز العباس ) في مجلس النواب وعموم المنطقة الخضراء بهذه المناسبة الوطنية .. وكل ( ميزانية ) و أنتم بخير !!!

 

Share |