من يسرق نفط العراق؟/عاطف العزي
Sun, 19 Feb 2012 الساعة : 3:56

فى خبر لوكالة الصحافة العالمية (يو بى آي) نشرته صباح يوم الجمعة 10/2/2012 تحت عنوان : ايران تسرق النفط العراقي لكسر الحصار الاقتصادي عليها ، ومما جاء فيه :
ايران تسرق كميات كبيرة من النفط من جنوب العراق منذ عدة سنوات وعلى نطاق واسع يساعدها على على تحمل المقاطعة الاقتصادية المفروضة على تصدير نفطها ، بحسبما أفادت وكالة (ستارفور) الامنية الإستشارية الأمريكية فى ولاية تكساس الأمريكية . وذكرت الوكالة أن طهران قد أنشأت شبكة تهريب للنفط يجلب لها عوائد ضخمة من انتاج حقول نفط العراق الجنوبية بما يعادل حوالى 20 مليونا من الدولارات يوميا ، مما يساعد ايران ذات الأغلبية الشيعية على الاحتفاظ بتأثيرها فى المنطقة وفى ذات الوقت تتهيأ لمقاومة الحصار المفروض على تصدير نفطها . وقالت الوكالة أن عشرة فى المائة من منتوج البصرة ذات الأغلبية الشيعية جنوب العراق التى يقدر إحتياطي النفط فيها بثلثي احتياط نفط العراق يهرب الى ايران لاعادة تصديره من هناك.
وقالت الوكالة أيضا :
تصاعد تأثير المقاطعة التى فرضتها الأمم المتحدة على ايران فى حزيران/يونية 2010 بسبب رفض طهران التخلى عن نهجها النووي . وقامت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي مؤخرا بتشديد الحصار بهدف خنق تصدير االنفط الايراني الذى يشكل حوالي 80 بالمائة من مدخول الدولة . منذ مدة طويلة عتمت ايران على حقول النفط العراقية التى يقدر احتياطي النفط فيها ب 115 مليار برميل إضافة الى احتياطي مماثل لحقول لم تمس بعد . خلال حرب 1980-1988 استولت القوات الايرانية على حقول (مجنون) النفطية على حدود العراق الشرقية ، كما احتلت الحقول المتنازع عليها عدة مرات ، آخرها كان فى كانون الأول/ديسمبر 2009 عندما استولت على حقل (فكه) فى محافظة ميسان الذى استولت القوات الايرانية على أحد آباره واحتفظت به عدة أيام . ويقدر أحتياطى الحقل بحوالي واحد ونصف مليار برميل من النفط . الاختلافات الحدودية اشتدت بين البلدين خاصة عندما أعلنت بغداد عن مزايدت للشركات الأجنبية لتطوير الحقول العراقية . تلك الشركات ومن ضمنها شركة (اكسون موبايل) الأمريكية قامت برفع انتاج النفط بصورة كبيرة من الحقول الرئيسة فى جنوب العراق مما جعلها أكثر جاذبية لايران . منذ مدة وايران تحكاول السيطرة على العراق عدوها القديم وخاصة بعد أن أسقط الأمريكان حكم صدام فى عام 2003. وزاد تأثير ايران أكثر بعد انسحاب القوات الأمريكية فى ديسمبر الماضى. وبمساعدة شبكة حلفائها ، وبضمنهم سياسيين عراقيين و نقابات ومصالح نفطية وميليشيات فان ايران فى موضع جيد للحصول على عوائد النفط من جنوب العراق بطرق غير معلنة ، كما تقول وكالة ستارفور.
************************************انتهى خبر الوكالة*************************
أن سرقة 20 مليون دولارا يوميا يعنى خسارة العراق 7 مليارات و 200 مليون دولار سنويا هو بأمس الحاجة اليها لاعادة إعمار البلاد بعد التخريب الهائل الذى حل بها نتيجة للحروب العديدة التى خاضها النظام السابق وأعمال التخريب التى خلفها الارهابيون الذين جاؤونا من وراء الحدود .
تجرى كل هذه السرقات واختراق الحدود وأعمال الارهاب وقادتنا السياسيين مشغولين بالنزاع حول الكراسي ضاربين بمصلحة شعبهم المسكين عرض الحائط . يعقدون ما لا يحصى من الاجتماعات الغير مثمرة ويشكلون اللجان التى لا تعمل شيئا ، ويسبون ويشتمون ويهدد بعضهم بعضا ، وينسحبون ويعودون من والى الحكومة ومجلس النواب ، وشعبهم يفتقر الى أبسط متطلبات الحياة اليومية وقد أصابه الاحباط الشديد . وقرأت فى صحف اليوم عن استمرار الخصومات فيما بينهم وهم يتهيأون للمؤتمر الوطني فقدمت كل كتلة شروطها التعجيزية لحضور المؤتمر، وأغربها العراقية التى تشترط إدراج قضية الهاشمي فى جدول الأعمال ، وهى مسألة قضائية . ولو كان الهاشمي بريئا ومحبا لوطنه حقا لسلم نفسه للقضاء بعد أن وصلت الحالة الى هذه المرحلة الحرجة ، ولكنه أثبت أنه جبان رعديد .
حالة العراق اليوم تشبه حالة غني مريض عاجز يطوقه الطامعون فى ثروته ، فهو بأمس الحاجة الى من يحميه من هؤلاء الطامعين . العراق كانت تحميه القوات الأمريكية مجانا لمصلحة الولايات المتحدة طبعا ، ولكن لو كانت قواتها موجودة لكانت الدول الطامعة تفكر مرتين قبل محاولة التدخل فى شئونه الداخلية أو سرقة نفطه وخيراته ، ولكن نزاع القادة هو سبب ذلك الانسحاب إذ لم يجرأ احد منهم على طلب بقاء تلك القوات جهرا لئلا يغتم خصومه الفرصة فيتهموه بالعمالة لأمريكا ، وهكذا ضاعت فرصتنا أصبحنا عرضة للاعتداءات من الجيران الطامعين وهجمات الارهابيين .
والخبر المفجع الآخر الذى قرأته اليوم هو نداء بعض الجهلة وعملاء الدول الأجنبية بأن يعود العراقيون الى التظاهر فى 25 من هذا الشهر ، وهى الذكرى المشئومة للمظاهرات التى قاموا بها فى ساحة التحرير قبل سنة وأصابت البلد بأضرار وخسائر لامبرر لها فى الارواح والممتلكات .
العراق الذى تحرر نهائيا بعد سقوط صدام وحكمه ، وما تبعه من انسحاب القوات الأجنبية ، لا يحتاج الى مظاهرات بل يحتاج الى تكاتف أبنائه وتوحدهم ومؤازرة الحكومة المنتخبة لتتمكن من إنجاز أعمالها لإعادة بناء العراق ، فإن لم تتمكن بذلك ننتخب غيرها فى الانتخابات القادمة ، كما تفعل كل شعوب الدول الديموقراطية والمتحضرة . الفوضى تدمر والنظام يعمر ، ولقد تخمنا من الفوضى والنزاعات بين القادة وبين الأديان والطوائف والقوميات ، ولا بديل لنا إلا الديموقراطية التى جربتها الهند التى يتكون شعبها (أو شعوبها) من كل الأديان والملل والنحل ، ألا نستطيع التعلم ممن سبقونا ؟
كل الناس يعلمون الآن بنتائج ما سمي بالربيع العربي الذى أدى الى سقوط بعض الحكام الطغاة الذين تشبثوا فى حكمهم هم وعوائلهم عقودا طويلة ، ولكنه فى نفس الوقت خرب ليبيا ومصر واليمن خرابا أعادها الى ما يشبه العصر الحجري ، والمتشددون الاسلاميون استلموا ويتهيأون لاستلام الحكم فى المغرب وتونس وغيرها لإعادة تلك البلدان الى ما كانت عليه قبل أربعة عشر قرنا . وبنفس الطريقة العقيمة يحاولون تحرير سورية من طغيان حكامها البعثيين الذين صمموا أن لا يتركوا سورية إلا قاعا صفصفا ، كما فعل صاحبهم بالأمس المقبور صدام حسين .