انتفاضة البحرين بين المحنة والذلة (2-10)-ناصر الغالبي

Thu, 16 Feb 2012 الساعة : 11:40

في تلك الأيام العصبية التي عقبت الانتفاضة البحرينية توقعت إن يتنكر لنا اقرب الناس إلينا وأدناهم منا لان النظام البحريني اعتمد تعميم العقاب وليس من السائغ إن نتوقع ممن لنا حق عليهم إن يموتوا من اجلنا موتا احمر يسبقه عذاب اليم في سجون إل خليفة" ولكن في الحالة البحرينية وجدت إن هنالك الكثير من يجازف بدمه في سبيل معونة الآخرين وخصوصا أولئك الذين يشعرون أنهم يتقربون إلى الله في ايؤائنا وإحسانهم ألينا .. ولكن إلى أي حد والى متى؟!

ما يستحق الذكر ان الشعب البحريني شعب مسالم ومعظم أبنائه يتسمون بالهدوء ويتصرفون بعقلانيه وتهذيب عال في جميع نواحي حياتهم . لا يفكرون بطائفيه ولا يهتمون للتمييز رغم أنهم الأغلبية. يشعرون بأنهم جميعا إخوة في وطنهم الواحد الذي أحبوه كثيرا ..وإنهم لا يرتبطون بإيران لا من قريب ولا من بعيد سوى العقيدة وان مرجعيتهم جميعا النجف وليس قم . ولديهم علاقات مميزة مع الطائفة السنية . بل ان جل مطالبهم لم تكن عنصريه او لها إبعاد مذهبيه وإنما كانت مطالب جوهريه تتعلق بحياة الإنسان وكرامته وحريته .

دعوا بانتفاضتهم للديمقراطية لكونهم يرونها نظرية سياسية جميلة ابتدعها العقل المعاصر وشخصوها هم كحل لهم بعد هموم ومعاناة مريرة عاشوها في ضل جميع الأنظمة التي تعاقبت على حكمهم , ويرون أنها تنسجم مع فطرتهم الإنسانية الطامحة للاستقلال والحرية , وجاءت مطالبهم لها نتيجة إيمانهم بالتعديدية المذهبية في البحرين.

بالطبع ان الديمقراطية أصلح نظام وانجح حل لتداول السلطة في البحرين بل نعتقد أنها أصبحت ضرورة من ضرورات العصر ووسيلة من وسائل الاستقرار وإنها الطريقة الفضلة في استتباب الأمن والاستقرار في البحرين والحيلولة دون المجازفة لهتك الأرواح وإراقة الدماء ,,, آلا إن النظام البحريني ركنها جنبا وتعمد إراقة الدماء لقمع هذه الانتفاضة البسيطة في مطالبها ,,

ما حصل لم يكن متوقع بل إن الانتفاضة في طريقها إلى تحقيق أهدافها وقد تم الاستجابة لمطالب المتظاهرين في وثيقة المنامة التي أبرمت لإنهاء الاضطرابات , لكن بعد عودة الملك من السعودية مستصحبا معه درع الجزيرة اختلفت الأمور رأسا على عقب وتم الالتفاف على الوثيقة بل عمد الجيش إلى قتل المتظاهرين وقمعهم بأبشع الوسائل وحشيه , وحرقت مخيمات الاعتصام واعتقل الرجال وهتكت الإعراض وتعرض الشيعة في البحرين لجميع ألوان الاضطهاد والعذاب وزج بجميع النشطاء السياسيين في السجون فمنهم من تم قتله ومنهم من عذب حتى لقاء حتفه, جرت كل تلك الآهات والمهانات على مرئي ومسمع العالم المتمدن بل على العكس إن العالم الداعي بالفم المليان للديمقراطية وحقوق الإنسان فجاءه تخلى عنها في البحرين وعاد لم يذكرها إطلاقا . يا لها من ثورة مغيبة؟

في جميع الدول البوليسية والدكتاتورية على مر العصور لم نشاهد ان تضع الجميع للمراقبة بل تعمد لفعل ذلك على شخصيات ساسية أو عسكرية تخشى منها لكن النظام البحريني قام بمطاردة عامة الناس مطاردة شنيعة بل اعدموا أناس وغيبوا آخرين "وهذا ما دعاني إلى توخي منتهى الحذر وهو أيسر ما يجب عليه فعله ولكن أحيانا ندفع إلى المجازفة دفعا!!

لم أشارك في انتفاضة ولم أدعو لها بل اني مجرد عامل يعمل هناك ساقه القدر إليه في تلك الظروف القاسية ولم أجد سبيلا للهروب. فماذا هو حال ابن البلد الذي اعتبره النظام عدوه ؟
لا تذهبوا بعيدا بأفكاركم سأنقل لكم في الجزء القادم كيف كنت شريدا طريدا في تلك الواحة المقهرة

 

Share |