الدجاج الطائفي ـ عبد الكريم السعيدي -الناصرية

Thu, 16 Feb 2012 الساعة : 10:39

لعلي لا اجانب الصواب عندما اقول : ان لامناص للعاقل في العراق من القبول بما آلت اليه امورنا في الوقت الحالي ، وهي حتمية ان كل شيء في العراق اضحى طائفيا ، لكن ان تصبح الطائفة الواحدة فرقا ومذاهبا وشيعا ، فهذا ما لا اجد مفرا من النفور منه ونبذه بكل قوة ، ولا يعني هذا قبولنا بمبدأ الطائفية اللعين ، بل على العكس ، فالامل يحدو بنا الى صوب المستقبل الذي اجده يكتنز همما عالية تنطوي عليها صدور ابناء هذا الشعب ، لدرء هذه الطامة العظيمة ، لعل من امثلتها ما قام به الشهيد عثمان العبيدي تحت جسر الائمة ، والشهيدين السعيدين نزهان صالح حسين الجبوري وعلي احمد سبع ، عندما احتضنا الارهابي لئلا يوقع الاصابات في زوار ابي عبد الله الحسين (ع) في البطحاء ، واظنني لا اخطيء عندما أؤمن بان معدن العراقيين الحقيقي يظهر حينما يشعر الجميع بانهم واقعين تحت تهديد مشترك ، حينما يتعرض الجميع لخطر مشترك ، يهدد كينونة البلاد .
ولان للسالفة رباط ـ كما يقول اهلنا ـ فان سبب سوقي لهذه المقدمة هو ما نشاهده هذه الايام من ممارسات تعمق ما اشرنا اليه ، وهي في حقيقتها وجوهرها مسالة تجارية بحت لا علاقة لها بالطائفة والفرقة ، واعني بها ظاهرة الدجاج الطائفي والمرجعي ( نسبة الى المرجع الديني ) المنتشرة في اسواقنا هذه الايام ، فالتجار حتى يكسبوا السوق راحوا يعزفون على نغمة الطائفة والفرقة ، فاتباع مرجعية السيستاني يستهلكون ما تنتجه الشركة التي تعاقدت معها الحضرة العباسية ، وهو دجاج الكفيل ، في حين ان اتباع المرجع الديني السيد حسين اسماعيل الصدر ، يستهلكون دجاج المراد ، واتباع مكتب الشهيد الصدر يستهلكون دجاج الهدى ، وللتاريخ اذكر ان قد تهادى الى سمعي خبر مفاده بان هناك نوعا جديدا من الدجاج يتداول هذه الايام في اسواق الشيعة يقبل عليه طائفة معينة من الناس ، لم اعلمهم لحد كتابة هذه الاسطر ، وعلى نحو عام فبعد ان رأى التجار من غير الشيعة نجاح الامر ، راحوا يستنسخون التجربة ، فعمد تجار الوقف السني الى انتاج دجاج الفقيه ، وبتعبير آخر ، فان اشياع الائتلاف الوطني يستهلكون دجاج الهدى والمراد والكفيل ، في حين يستهلك اشياع القائمة العراقية دجاج الفقيه ، بقيت علينا الاشارة الى ان التحالف الكوردستاني ينتظر استقالة حكومة برهم صالح للنظر في اي انواع الدجاج المسموح له بغزو الاسواق الكردستانية ، ذلك لان صالح لم يوافق لحد الان ـ ولعل هذا هو السبب الحقيقي لتقديمه استقالته ـ على ترجيح كفة على حساب الاخرى ، بسبب ايمانه العميق بان في الدجاج الموحد الخالي من الاسم تكمن قوة الشعب الكردي ، لانه يعرف ان من الصعب عليه السماح بشيوع نوع محدد ، نظرا للمخاطر المترتبة على مثل هذا القرار ، اذ لا مناص حينها من قبول النوع الاخر ، كما هو حاصل مع شركات الهاتف الخليوي ، فالقبول باسيا سيل افضى الى القبول بكورك ، لان غير هذا يعني زعل التجار ، ومن ثم تحريك الشارع ، مما اضطرالحكومة الكردية الى قبول شركة الأكراد البادنانيين وشركة الأكراد السورانيين ، او شركة اهل اربيل وشركة اهل السليمانية ، وحتى لا ابخس الناس اشياءهم علي التذكير بان الاكراد الفيليين ، يفكرون حاليا بالاعلان عن شركة الهاتف النقال الخاصة بهم ، لكن امر الاسم هو الذي يعيق الاعلان عن هذا المولود الجديد ، وهنا اود من الاخوة القراء اقتراح اسماء لشركة النقال الفيليه المقترحة ، لعله (تنفك الجبسة مالتهم ) ، وفي ضوء ما اشرت اليه لا اجدني مضطرا لذكر خلفيات شركات النقال الاخرى الطائفية ، لان الامر واضح للجميع ، او هو كما قال الشاعر : اذا احتاج النهار الى دليل ، فلاغرو ان يرتاب المرء والصبح مسفر ، وفي ضوء هذه المعطيات لايجد الانسان البسيط جهدا في تفسير عدم اقرار البرلمان العراقي لقانون الرخصة الرابعة للهاتف الخليوي في العراق ، لان هذا اشبه بامر البحث عن ( قاط للدكمة ) وليس العكس ، ولعل قاريء يقول لي : انك نسيت المكون المسيحي ، لم تذكره ، ام تراهم لا يضعون الدجاج على موائدهم ، ولا يستعملون الهاتف النقال في حياتهم اليومية ؟!، واليه اقول : عجبا اني لم اذكر كل انواع الدجاج المتوفرة في السوق العراقية ، فعلى سبيل المثال يبقى دجاج ساديا متاحا لهم ،على الاقل في الوقت الحاضر ، ولاسيما انه من مرجعيات مسيجية ، ، كما يبقى الهاتف الارضي متاحا لهم ، ولاسيما ان الدولة خفظت اجور نصب الهاتف الارضي الى النصف ، الى حين ايمانهم بالفكرة وانشاء شركة الدجاج ، فضلا عن شركة النقال الخاصة بهم ، وهنا اود تنبيههم الى ضرورة التأني في اختيار اسماء شركاتهم الموعودة ، لان الكتاب يعرف من عنوانه ، والله المستعان على ما يقولون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل
 

Share |