الاعلام العربي وعام على ثورة البحرين- جواد كاظم الخالصي

Wed, 15 Feb 2012 الساعة : 14:21

منذ ان انطلقت ثورة البحرين في مثل هذه الايام من العام الماضي والى اليوم ونحن نراقب عن كثب الطريقة التي تعامل بها الاعلام العربي والخليجي على  حد سواء، وللأسف وجدنا ان حالة الازدواجية والكيل بمكيالين هي السمة البارزة على أغلب هذا الاعلام الذي نتوقع منه الحيادية والمهنية العالية للتعامل في قضية عادلة مثل قضية الشباب الثائرين في البحرين وهم يطالبون بالعدالة والحريات العامة وحقوقهم كمواطنين من الدرجة الاولى وليس الثانية او الثالثة كما يتم التعامل معهم من قبل السلطات البحرينية وفقا للتقارير والاخبار المتواترة التي نسمعها كل يوم.

دأب الاعلام الخليجي الذي يمثل كل مملكة وإمارة ويدافع عن تاريخ الملوك والأمراء فيها لصالح الدوافع الشخصية والذاتية لهم كحكام ،، ولا يخفى على احد ان هؤلاء الولاة قاموا على تأسيس العديد من الوسائل الاعلامية ،ومثال ذلك قناتين مهمتين على مستوى العالم العربي تمتلكها السلطات الحاكمة في السعودية وكذلك السلطة الحاكمة في قطر وهاتين القناتين لا ننكر عليهما أنهما استطاعا أن يُسقطا نظامين مخضرمين ، نظام حسني مبارك ونظام القذافي مع رفضنا لهذه الانظمة الديكتاتورية ولكن عمدت قناتي الجزيرة المملوكة لقطر والعربية المملوكة للسعودية الى تولي كل واحدة منهما احدى الدولتين وبالفعل تمكنت وبأسلوب اعلامي رصين ومتين تحيطه كل شبهات المكر والخديعة والازدواجية والكيل بمكيالين لما تمتلكانه من إعلاميين محترفين ليس لأجل سواد عيون الشعب المصري او الليبي وانما لأجندة تحملها الدول المالكة والداعمة لتلك القنوات وهي ذات الاجندة التي تستخدمها وسائل الاعلام الخليجية الرسمية في اخلال الوضع في سوريا واصطحب هذا التوجه التغطية الرسمية السياسية من قبل الجامعة العربية وكل ذلك من اجل اسقاط النظام السوري لحسابات في نفوس العديد من الدول العربية وبالذات دولة قطر وانا هنا لا أدافع عن النظام السوري بل من حق الشعب السوري أن يطالب بما يطالب به الشعب البحريني لأن نظامهم مثل باقي الأنظمة التي تهاوت قبله الى السقوط.
ما يهمنا من هذا ان الاعلام العربي والخليجي بأغلبه ان لم يكن كله وقف موقف المعادي أو المحايد من الثورة البحرينية واعتبروا ان القائمين عليها هم ليسوا اكثر من أذرع سياسية لدولة ايران وهو تصور ظالم بكل المقاييس والاعراف وأخلاق العمل السياسي في منطق الثورات ، أعتقد ان ذلك هو الغبن بعينه والتجاوز على اغلبية أهالي البحرين وهو ما لم تقبله أي ثورة من ثورات العالم ولو كانت في آخر الكرة الارضية لأن شعبا كالشعب البحريني الذي يجوز لنا ان نعتبره من أقدم الشعوب الخليجية ثقافة ويمتلك من الرصانة الثقافية واتساع طبقة المفكرين فيه التي فعلا تجعله شعبا قديم الثقافة بقِدَم تاريخه كبلد يمتد الى خمسة آلاف من السنين فلا يمكن أن نقبل فكرة سمجة يسوقها الاعلام الاصفر على أن هذا الشعب تقوده أفكار خارجية بل هي غير عربية، حتى وان كان هناك من يميل الى تلك الجهة التي يسمونها (بالصفوية) فهم قلة ولا يمكن بحال ان يمثلوا كل الشعب البحريني الذي يرنوا الى نيل حريته وكرامته وهو يرى في المقابل أن الغرباء على وطنهم الذين توطنوا بفعل التغيير الديمغرافي  والمعادلة السكانية التي خطط لها دعاة التفكير السلفي التكفيري سواء من داخل البحرين او من خارجه ممن يحيطونهم في دول المنطقة - وهذا الكلام غير مخفي فقد نقلته جميع وسائل الاعلام عن موجة كبيرة من التجنّس مورست في وطنهم-  يرون انهم مهمّشين ويخضعون لرحمة هؤلاء حتى في مواجهة التظاهرات.
في الذكرى الاولى لثورة البحرينيين التي تصادف في 14/شباط من هذا العام 2012 أجد أن الوضع المضطرب سوف يعود من جديد لوجود بعض الصقور من الذين يؤثرون على القرار السياسي وهذه المجموعة الصغيرة لا تريد طريقا سالكا الى الحوار العقلاني والذي نأمل من ملك البحرين أن لا يستمع الى هذه الثلة وخرابها لان بها خراب البحرين فالأصوات المظلومة لن تسكت وهكذا يعلمنا التاريخ على مدى قرون من الزمن لأن الشعوب أقوى من الطغاة كما قالها الشهيد محمد باقر الصدر في سبعينيات القرن الماضي ، فأنت ياجلالة الملك عليك تقع حماية الدستور وارواح الناس وصيانة البلاد فلن ينفع عندها رأي ملوث بروح الطائفية العمياء والحقد والكره الأعمى لأن كل ذلك لن يولّد غير مثيله واكثر.
لن تتغير المواقف ولا التحدي الذي يمثله الثوار على ارض البحرين لأن الكثير من الأحياء الفقيرة ما زالت على حالها كما لم يتغير الوضع وبقي بما هو عليه رغم وعود الملك حمد بالتغيير والاصلاح ومثال ذلك ما وعد به بعودة 2500 موظف مفصول من الوظيفة الى عملهم ولم يعود منهم سوى العشرات فقط بل يعود بعقد جديد مما يعني ضياع عدد من سنين خدمته في دائرته التي كان فيها، وفي اعتقادي هذا لا يمكن ان يحقق التصالح الوطني الذاتي لخدمة البحرين ويبقى المتصيدون في الماء العكر من اعلام وغيره هم أصحاب المبادرة في تلويث الاوضاع واعتقد أنا جازما ان ملك البحرين لا يريد هذا النوع من الخراب لبلده خصوصا اذا علمنا ان منزلة الملك على مر الزمن هي منزلة سامية حامية لشعوبها تحتضن فقراءها وتلتمس لها حياة حرة كريمة.
اما الاعلام العربي الذي جانب الحقيقة في البحرين وغيّر قواعدها الأخلاقية فمن على شاشتهم يتبين انحيازهم الخاطئ وأضع اللوم عليهم من خلال برنامج على قناة الجزيرة القطرية وتحديدا في 11/6/2011 وفي لقاء مع الصحفي المصري الشهير والمخضرم محمد حسنين هيكل الذي قال لمضيّفه محمد الكريشان وفي خصوص الثورة البحرينية (( أننا نستبدل الشيعة بالصهيونية واستبدلنا ايران باسرائيل ،، كما قال: ان هناك اتفاق زمن جمال عبد الناصر وانا(هيكل) أحد الحاضرين فيه باعتبار أن الأغلبية البحرينية شيعة بما يصل الى 70% وانهم عرب شيعة وذلك ليس عيبا والوطن هو لكل المواطنين ولا يجوز أن نقول شيعة وسنّة)) وتحدث عن السعودية قائلا(( أعتقد أن السعودية أكبر واهم بلد خليجي ويجب أن تتأهب للتغيير وهذا أكبر من إصدارها صحف واذاعات)) وربما ما يحدث اليوم في بعض المناطق السعودية من تحركات جماهيرية هي بداية لما توقعه سياسيا السيد هيكل.
للأسف لم يكن الاعلام العربي ذا مصداقية حقيقية وواقعية في تعامله مع الثورة البحرينية ومطالب ثوارها البسيطة التي يطالب بها أبسط شعوب العالم وهي المساواة والحرية في الرأي وحقوق الانسان والتمثيل السياسي الحقيقي برلمانيا وحكوميا وحقهم في التواجد في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية ، لذلك فلا بد لعدسة أي قناة عربية أن ترى الحقيقة بوضوح وبمهنية عالية من الحياد والموضوعية.     

Share |