دموع كرة القدم -نعيم عبد مهلهل-المانيا

Tue, 14 Feb 2012 الساعة : 13:22

لا أدري بكم أشتري دمعة هذا الرجل العجوز التي أطلقها في تقرير رياضي يغطي فوز الفريق الأماراتي على الفريق العراقي الاولمبي ، حين كان بسنينه السبعين يقف شامخاً إلا من دمعته الهاطلة على خديه وهي ترسم السعادة وأشياء لها معانٍ أخرى لاتهم الفوز بمفرده. وقبلها ذات الرجل بكى على خضوعنا لمزاج وتخيلات اخوتنا في الخليج عندما رفضوا أن يلعبوا كأس الخليج في البصرة . وربما ذات دموع الرجل انهمرت على ضحايا المباراة الدامية بين الاهلي وبورسعيد ومات فيها العشرات.
ولا ادري أن قرأ ناجح حمود دموع عشاق الكرة وتساؤلاتهم عن اخطاء بسيطة تافهة تذهب بنا الى الخسارة واراه في كل لقاء عصيبا وبصوت عال ورافعا نظرية المؤامرة بين يديه ويبدأ اغلب حديثه بموعظة دينية .وهو الرجل الذي كان قبل وبعد عام 2003 صاحب انجاز رياضي جيد .وربما استقالة شرار حيدر قبل يومين هي مساندة لدموع هذا المشجع الطيب.!
الصينيون يقولون: الدموع أوضح الرسائل.
ودمعة هذا المشجع العراقي رسالة واضحة لنا، هي أعمق وأذكى من تحليل أي سياسي استراتيجي يلمع بربطة عنقه الملونة في برنامج النقاشات التلفزيونية كل ليلة، فهي قدر ماتكون واضحة فهي عميقة وقصدها هو أمنيتنا جميعاً، أن نصبح مثل لاعبي المنتخب العراقي وننتصر على هاجس الخوف والطائفية والإرهاب والتشتت المهجري وأشياء أخرى جعلت الوطن متعبا مثل قافلة لاتعرف خط سيرها والى أين المصير؟
ولا أدري لماذا العراق في عهود كثيرة يحتاج لرسائل الدموع لتفضح سره؟
ربما يعود الأمر الى رهافة حس الشخصية العراقية وطيبتها، ويعود أيضا إلى أننا صنعنا مجدنا كله من خلال لغة الدمعة، فكنا رواد القصيدة والأغنية والأسطورة وملاحم الرثاء وبنادق الحروب.
وهاهي ذي الدمعة في القرن العراقي الحادي والعشرين. القرن الذي أستقبلت فيه بغداد كما تعودت في سابقات العصور أن تستقبل خطوات المحتلين لقدر فرض عليها بسبب طوبغرافية المكان وتكوين النظم الحاكمة والحظ أيضا.
دمعة على مدرج ملعب كرة قدم، قالت تعابيرها لنا بفلسفة وحكمة، وعلى الساسة وأصحاب الحل والشد ان يفهموها. فحين يُبكي النصرعيناً، فإن قصد سقوط الدمعة من المقلتين كبيرٌٌ.
أنا ايضا دمعت مع دموع هذا الإنسان البسيط وحملت دموعه بكف التمني أن تحقق السماء حلم قلب دمعته وهي تخفق بالأمل أن نتتصر على كل المعاناة التي نتلقاها في داخل الوطن كل يوم، وان تعود البلاد موحدة وممسكة خط سير حياتها الى افق جديد، لاقتل فيه ولامفخخات ولاتهجير..!.
فالى ذلك العراقي الشهم الذي أسقط دمعته الصادقة على اوراق الشعر والتحليل وبيانات وزارة الدفاع والداخلية وتصريحات الساسة والبرلمانيين ورسائل العشق وقوائم الراتب.
أقول: كم أنت طيب ونزيه أيها الشيخ العراقي الجليل !
 

Share |