عيد الحب من وجهة نظر إسلامية-أزهر السهر-البصرة

Mon, 13 Feb 2012 الساعة : 11:06

رأي العلامة السيد محمد حسين فضل الله نموذجاً
عيد الحب أو عيد العشاق أو يوم القديس "فالنتين" مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس في كل أنحاء العالم في الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام. وفي البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، يعتبر هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم. وتحمل العطلة اسم اثنين من "الشهداء"، والذين كانا يحملان اسم فالنتين بعد ذلك، أصبح هذا اليوم مرتبطًا بمفهوم الحب الرومانسي.
ونحن المسلمين استوردنا هذا العيد واندمجنا فيه إلى الحد الذي أصبحنا نحتفل به وكأنه من أعيادنا الدينية أو القومية الأصيلة.
بل الأغرب والأعجب من ذلك إننا استوردنا وأصبحنا نقلد حتى الطريقة الغربية أو الأساليب التقليدية المتبعة في الاحتفال بهذا العيد عند الشعوب الأوربية دون عرض تلك التقاليد على تعاليم ديننا المقدسة التي أخرجت البشرية من الظلمات إلى النور.
ربما يوحي الشكل والمظهر الأولي لمفهوم هذا العيد أنه عيد يشجع على المحبة والسلام بين الناس، ولكن الدخول في طريقة أو طرق الاحتفال به توقف الإنسان المسلم صاحب الهوية الخاصة المميزة من أن يدخل نفسه في هكذا مناسبات توقعه في محاذير شرعية مخالفة لتعاليم دينه الحنيف.
فلا بد والحالة هذه أن يعرض الفرد المسلم مفهوم هذا العيد بكل تفصيلاته على وجهة نظر دينه ليرى موافقة أو مخالفة هذا العيد مع تعاليم دينه.
لهذا أحببنا أن نعرض وجهة النظر الإسلامية لهذا العيد متخذين من رأي العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (قده سره) نموذجاً في معرفة رأي الإسلام في هذه القضية.
إذ عرض على العلامة سؤال حول هذا العيد وأجاب عنه مبيناً وجهة نظر الإسلام فيه وفي ما يلي السؤال وجوابه:

((السؤال:
ـ يقيم الفرنسيون والأمريكيون في الرابع عشر من شباط احتفالات ذخمة بمناسبة عيد الحب، حيث يجتمع العزّاب في الساحات العامة لتبادل القبلات والهدايا وما الى ذلك، احتفالاً بتلك المناسبة. ما رأيكم بفكرة تخصيص يوم للاحتفال بالحب، وهي فكرة لاقت رواجاً في مجتمعاتنا في الفترة الأخيرة؟
الجواب:
ـ إن مثل هذا الاحتفال ـ برأيي ـ تقليد جامد وجاف، لأن الحب حالة إنسانية يعيشها الإنسان بشكل حيوي ومتحرك في حياته، وبالتالي، فإن تجميدها في يوم أو مناسبة أو شخص يعد خنقاً لها، فما يمارسه الناس باعتباره عادةً يجمّد مضمونه في حياتهم، وكل مظهر من المظاهر التي تعارف الناس على القيام بها في أنحاء العالم احتفالاً بعيد العشاق، من عناق وقبلات وما إلى ذلك، يصبح أمراً جامداً لا يمثل المعنى العميق العفوي للحب، عدا أن تلك المظاهر الاحتفالية قد تمثل للبعض مجرد فرصة لتحقيق بعض اللذات العابرة.
إن مثل هذا اليوم لا يخلق الحب برأيي، ولا أعتقد أنه يتمثل بالاحتفال فيه، فجلسة حميمة خاصة يعيشها اثنان، قد تكون مصدراً أكبر وأهم للإحساس بالحب من الاجتماع الكرنفالي وتبادل القبلات، هذا من وجهة نظر عامة.
أمّا من وجهة نظر إسلامية، فالإسلام لا يوافق على كثير من أساليب الاحتفال التي سبق ذكرها، فهو احتفال يتنافى من ناحية مع الخطوط الشرعية الإسلامية، أمّا من ناحية المضمون، فهي مظاهر احتفالية ليس لها أي تأثير على العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة، أو بين الشاب والفتاة، أو بين أي إنسان وآخر.
إن عيد الحب مجرد مناسبة ما ينتهي الاحتفال بها حتى ينصرف كل واحد إلى شأنه الخاص وكأن شيئاً لم يكن.
الحب حالة شعورية يعيشها الإنسان بشكل يومي في العديد من تجاربه وعلاقاته الإنسانية، وليس فقط في علاقة الرجل بالمرأة، لذا فإن التركيز على شكل محدد ومحدود من أشكال الحب، وتوسّله رمزاً لمعنى الحب الواسع الذي يشمل كل المشاعر الإنسانية التي يعيشها الناس تجاه بعضهم البعض، وتجاه الحياة والوطن، وتجاه الخالق، وهو الشكل الأسمى والأقدس للحب، لا يمكن أن يخدم قضية الحب، خاصة الصورة التي اختيرت للاحتفال بالمناسبة في الغرب، فهي صورة أقرب إلى الاحتفال الغريزي منها إلى الاحتفال الإنساني))(*).
ــــــــــــــــــ
(*) آية الله السيد محمد حسين فضل الله، دنيا المرأة، حاورته: سهام حمية، أعدته: منى بليبل، الطبعة الثالثة، الكويت، 1997ـ 1417، ص177ـ179.

 

Share |