بنغلادش والأهوار......!-نعيم عبد مهلهل-المانيا
Sat, 11 Feb 2012 الساعة : 12:01

أحدهم كتبَ يعلقُ على موضوع كتبتهُ عن المندائية والأهوار في موقع الكتروني : لقد صدعت رؤوسنا أنت وصابئتك وأهوارك . صارت مواضيعك المكررة في هذا المجال أسطوانة مشروخة ومملة.
لم أجب عليه .فأنا وأي كاتب في هذا العالم لم ولن يكون سادناً على امزجة الناس من القراء . وفي وطن ارتبكت فيه قائمة مواد بطاقة التموين وابتدأت ب13 مادة بضمنها الشخاط وشفرة الحلاقة أول ولادتها المبروكة بعد أن غزونا الكويت وصنعنا منها وهما تاريخيا أسمه محافظة النداء وكانت موازنة العراق حينها 6 مليار دولار سنويا .وانتهت اليوم الى مادتين أو ثلاث فقط ( رز وطحين وبطل زيت عباد الشمس ) وموازنة العراق اليوم 120 مليار دولار......!
طبعا المبرر الاجتماعي والعولمي يبرر أو لا يبرر لهذا التحول ومشهده .هذا البت فيه مهما كان علمياً ومنطقيا سيكون هناك من يجابهك بقناعتك وتحتار بأي صفة لصقوها بك مثل طمغة المختار والمجلس البلدي ونموذج أجازه الجيش ( بعثي ، إرهابي ، صدري ، دعوجي ، لطام ، فاسق ، طائفي ، ماركسي ملحد ).
الحقيقي من يترك هؤلاء الأرائك القديمة ويمضي بعيدا .فحتما ليس ثيابهم أنظف من ثيابك .لكنهم بغفلة التواريخ يصيرون كما صار غيرهم وصلوا ليصيروا ملوكا وانتهوا الى اقفاص القرود والسَحلْ والنسيان.
من يبقى ؟
طبعا يبقى الانسان القنوع بيومه وبفتق دشداشته وبرزق الله .( ذاك قارون واوناسيس وكنوز القذافي ومن يملك معمل الصبات الكونكريتية ماذا حصلوا ) . بورخيس وفيروز والمتنبي والسياب وكافافيس موضوعات لأطارح رسائل الدكتوراه .والجامعة واطاريحهم في المقابر المنزوية .
المهم هذا الذي علق وغيره هو من نتاج ( بثل ) الشاي لأن البركة دائما في العيون العميقة وليس في الرؤوس السخيفة .وحتما أغلب الذين يحلمون معي هم من أولئك الذين يصنعون الضوء حتى بثقافتهم القرائية.
لهذا لن أملَ من الكتابة عن المندائية هذا الحلم الساطع بضوء الحقيقة والصفاء والعراقة الروحة في بدن البلاد فهم تاريخياً اقدم من أي مكون في العراق .
اثريون وقدماء واوفياء لما ورثوا ولما يعتقدون .ومهما تعرضوا لفتوى الزيف المقروء ظلما وخطأ في اجندة فقه الارهاب والتخلف فهم يبقون .يتمسكون بهالات الماء والعطر ومسن الذهب وآيات كنزا ربهم المقدس غير عابئين بشتاتهم هذا عن وطنهم والمياه الذي يتعمدون فيه بأعيادهم المباركة.
أما الأهوار فهي حاضنة حلم جنوب هذا الوطن . عاشت حالمة ولم تزل حالمة. وجودها في طبيعتها وفطرة الحياة وبراءتها والماء كل حياتها .وحين اتخذوا قرارا فاشياً بمنع الماء عن الاهوار وتجفيفها .طبقوا حكم المقصلة والاعدام على مكون سكاني اصيل هو امتداد لسبعة الاف عام من الحضارة والزهو .فمنها تحركت سفينة نوح ومن قصب الاهوار بنى كوديا اول معبد على الارض .وعلى زوارقه قام آدابا بسفره الى السماء في اول حلم معراجي واسطوري لأنسان وادي الرافدين.
هذه الاماكن المغلوبة على امرها ..لم تنل الفرج حتى اللحظة .ولم يزل العطش يتناوش احشاء سكانها . وتلك الاخبار التي تخبرنا عن مشاريع عملاقة وعمارات سكنية ومدارس بمليارات الدولارات هي نفخة في بوق وهمي ..!
وربما حادثة ترك احدى الشركات المكلفة ببناء مجمعات سكانية في الاهوار لعمالها البنغلادشيين بدون رواتب ومؤى وبمثل هذا السيناريو عندما قادوا تظاهرة واعتصام ...ترينا صورة من المشهد المضحك المبكي ..فمتى عرفت العمارة تظاهرة لبنغاليين مادام اهلها لا يخرجوا ليتظاهروا من اجل مدينتهم إلا في حموة لهب تموز حين تموت الكهرباء موتا سريريا...
هذا الحادث الذي تم لملمته بسرعة طنشت عليه كل الاجهزة الرقابية في البلد .لا النزاهة البرلمانية ولا النزاهة الحكومية .ولا ديوان رقابة مالية.
اخذوا البنغاليين بشاحنات تاتا وقطعوا لهم بطاقات سفر وترضية معقولة ربما تحملت الحكومة الكثير من تبعات هذا العصيان والتظاهر وبلعت الموس لأسباب تتعلق ( بالمشمش ) الذي يمنع تذوقه لتأبوه يهم التحالفات والموازنات والخفي الاعظم....!
كتبت الصحافة البنغالية عن الاهوار .ولكن ليس عن حضارتها وبطولات كالكامش واورنمو وبدر الرميض وثوار بني اسد وجنة عدن .بل كتبت عن اهوار سرقت حقوق مواطنيها .وتلك مفارقة ان يزج هذا العالم المستلب والمغيب والمبتلى ببرقيات التخاطب الدبلوماسي حول حقوق العمال في بلد الشركات الاجنبية تأتي مع عمالتها وشبابنا في مساطر البطالة تحز رقابهم السيارات الجبانة للانتحاري العفن .
يذكرني فيلم ( الصعايدة وصلوا ) بمشابه لكتاب من الشركة التي اعطوها حق بناء مجمعات سكنية لسكان الاهوار عندما كتبت بمراسلاتها الادارية اول ايام المشروع ( البنغاليون وصلوا ) .
وصلوا نعم .لكننا لم نأكل ولم نسكن بعمارة بل سمعنا فقط جعجعة في الفنجان...!
لك الله ياعراق........!
9 شباط 2012