جريمة السحروتسخير الجن والارواح الشريرة ونظرة القانون السلبية لها- ابراهيم عفراوي
Thu, 26 May 2011 الساعة : 15:07

الجريمة
عرفها علماء الاجتماع على انها ظاهرة اجتماعية والتجريم هو الحكم العقابي الصادر عليها من الجماعة وعلى التصرفات والسلوكيات التي قام بها احد الافراد والتي سببت اضرار واذية للاخرين وبغض النظر عن نص القانون اما الجريمة من وجهة نظر القانون ومشرعيه فهي تعني كل مخالفة لاي قاعدة من القواعد التي تم تشريعها لتنظيم سلوكيات وتصرفات الافراد في الجماعة وتاتي تلك المخالفة من خلال سلوك فردي يقوم به الشخص في وسط المجتمع يرتكب فيه تصرفا مخالفا لامر فرضته القاعدة وحددته او هي فعل غير مشروع يرتكبه شخص ما ضد شخص معين او مجموعة من الاشخاص قدر له القانون عقوبة معينة وهي تفرض ارتكاب فعل اوسلوك اجرامي يمثل فيه جانبا ماديا ولابد ان يكون هذا الفعل غير مشروع قانونيا والجريمة لايمكن اعتبارها جريمة الا بعد ان تتوفر فيها خصائص محددة يمكننا من خلالها ان نعتبرها جريمة ومنها حصول ضرر بالفرد او المجتمع او بهما ويجب ان يكون هذا الفعل او التصرف محرما قانونيا حسب النصوص ولابد من وجود تصرف وسلوك عن عمد او بدونه وسواء اكان ايجابيا او سلبيا مع توفر عنصر الحرية فيه دون اكراه ويجب ان يكون الجاني اهلا للعقاب فمثلا ان الجريمة التي ترتكب من قبل الانسان العاقل عن تخطيط مسبق ورغبة وتصميم تختلف عن الجريمة التي يرتكبها الطفل الذي لم يبلغ حد التكليف ولابد من وجود توافق لتصرف الانسان وقصده بارتكاب الفعل الجنائي ولابد من توفر علاقة بين السلوك الاجرامي وما حرره القانون ويجب ان يكون هنالك نصا لتجريم هذا التصرف فلا جريمة ولاعقوبة الا بنص
جريمة السحر والقانون
السحر ظاهرة من الظواهر السلبية الاجتماعية الخطيرة التي تحصل فيها اضرار خفية او ظاهريةلايمكن حصرها للفرد والمجتمع وعلى الرغم من ان جذورها امتدت الى القدم ومنتشرة في جميع البلدان الا اننا وللاسف الشديد لانرى نصوصا قانونية عقابية خاصة بها تتناسب وحجم الاضرار الناشئة عنها والتي قد تصل الى درجة الهلاك وبطريقة مخطط لها ومتفق عليها مسبقا فالقانون لايجرم السحر بل انه يعتبره نوعا من انواع النصب والاحتيال التي يهدف ممارسه الى الكسب المادي وبطريقة غير مشروعة والمعروف عن النصب انه مبني على الخداع اي ان الجاني مارس التمويه والخداع بطرق ملتوية من اجل الحصول على مكاسب ومنافع مادية من المجني عليه وعن طريق ايقاعه في حالة الوهم بقدرته على تحقيق هدف او غاية ما او شفاء حالة مرضية وغيرها ومن هذا المنطلق تعامل القانون مع تلك الجريمة في نصوصه العقابية التي استندت على ماورد في جرائم النصب والاحتيال فالمشرع السوري مثلا يعتبر افعال السحر والشعوذة والدجل والعرافة نوعا من انواع النصب والاحتيال وفق المادة ( 461 ) من قانون العقوبات السوري وقد نهج المشرع العراقي المنهج نفسه في نظرته لتلك الجريمة اذ اعتبرها ايضا من جرائم النصب والاحتيال حسب المادة ( 456 ) من قانون العقوبات العراقي المعدل لسنة 1969 وكذلك الامر بالنسبة لقانون العقوبات المصري وفق المادة ( 336 ) اما القانون الكويتي ففي تشريعاته المعدلة التي حصلت في السنة الماضية فقد اعتبرها ايضا من جرائم المال والنصب والاحتيال وكما نصت عليه المادة ( 231 ) من قانون الجزاء والتي اشارت الى انه ( يعد تدليسا استعمال طرق احتيالية من شانها ايهام الناس بوجود واقعة غير موجودة او تشويه حقيقة الواقعة ويعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز ثلاثة سنوات وبغرامة لاتتجاوز ثلاثة الاف روبية ) وهكذ الامر في بقية القوانين المعمول بها في الدول العربية
موقف قانوني سلبي
ان القانون وبنظرته السلبية لقضية السحر وتسخير الجن او الارواح الشريرة والعرافة والتنجيم وغيرها من الامور التي تندرج تحت بند السحروالشعوذة واعتباره اياها من قبيل النصب والاحتيال والمخادعة قد اعطى لنفسه الحق في غلق الطريق امام حقيقة الاضرار التي يسببها السحرة واصحاب تسخير الجن وعن طريق تلك الاعمال ذات الاثار الفعلية للنفس والروح والجسد والتي يقومون بها بحكم امتلا كهم للخبرة الطويلة والقدرة الحقيقية في عالم السحر وفنونه والتي قد تودي الى نتائج خطيرة للانسان صحيا ونفسيا وجسديا وعقليا عند اصابته بها فضلا عن الخسائر المادية والمعنوية التي يتعرض لها اثناء فترة اصابته بل ان البعض منها قد ادت الى تحطيم الانسان كليا وجعلته مريضا لايكاد يفارق الفراش ومنقطعا عن مسايرة الحياة ولفترة طويلة من الزمن ان لم تود اثارها المهلكة بحياة الاخرين وتلك هي الجريمة الكبرى هذا بالنسبة للفرد فكيف اذا تجاوزت جريمة الساحر باثارها المدمرة وامتدت لتشمل افرادا اخرين كتفريق وتشتيت وتحطيم عائلة باكملها وكما هو معروف ان للجريمة اركان ودلائل ثبوتية ولابد ان تكون هذه الدلائل مادية في سبيل الوصول الى فاعلها وتلك هي النقطة التي اعجزت الكثيرين عند وضع فقرات قانونية خاصة بتلك الجريمة فالقانون لايتعامل بالغيبيات فهذا العالم بعيد عن الماديات وادلتها التي يمكن الاستناد عليها عند وقوع الجريمة وان توفرت فيه ادلة مادية توكدها فلابد من توفر اشخاص متخصصين ومؤهلين يتوفر لديهم العلم الكافي والمعرفة اللازمة للسحر وفنونه والاعيب السحرة وفنونهم لكي تمكنهم من تحديد فاعله الا اننا نرى وعلى الرغم من ان تلك الجريمة من الجرائم الغامضة والخفية والتي يصعب في الكثير من الاحيان الوصول الى فاعلها الا اننا نجد في واقع الحياة بعض القضايا التي تتوفر فيها ادلة تمكن المتخصصين في الادلة الجنائية من الوصول الى فاعلها وعن طريق فحص الخطوط التي يمكن ملاحظتها في تلك الاعمال التي تحتوي على اوراق او طلاسم مكتوبة بخط اليد والتي سببت اضرار صحية ونفسية لصاحب الدعوى مع الاخذ بنظر الاعتبار ان اغلب حالات السحر تقع داخل العوائل ومن ارتكب تلك الجريمة المرتبط بالساحر اللعين لايمكن ان يخرج عن نطاق تلك العائلة او المقربين ( بل ان هنالك طرقا عديدة تمكن المعنيين من الوصول الى مرتكبي تلك الافعال الاجرامية بحق الانسانية )
جريمة سحر وادلتها
فلنترك هذا الامر جنبا ولنفترض ان قضية من قضايا السحر توفرت فيها بعض الادلة والبينات التي تمكن اي جهة امنية او قانونية عند دراستها والبحث في تفاصيلها وبالاستناد على ادلتها بحيث تتمكن من الوصول وبسهولة الى تحديد ذلك الشخص او الساحر اللعين الذي كان سببا في تدمير هذا الانسان او اعاقته او موته او تدمير وتشتيت عائلة ما وبصورة مقصودة ومخطط لها ومتفق عليها لقاء مبالغ مالية فياترى ماهي الفقرة القانونية التي يمكن الاستناد عليها في توجيه الاتهام لذلك الشخص وماهي العقوبة التي سيتعرض لها بارتكابه لتلك الجريمة بالتاكيد ستكون نفس الفقرة والتي هي النصب والاحتيال ذات العقوبة التي لاتتناسب وحجم الاضرار التي تعرض لها الشخص او العائلة صاحبة الدعوى اذا اليس من المفترض ان يتم الفصل مابين قضايا السحر والشعوذة وجرائم النصب والاحتيال وان يكون لها فقراتها القانونية العقابية المخصصة لها والتي تتلائم مع الاضرار والخسائر التي يتعرض لها الفرد والمجتمع بل انه لابد من تقسيم عقوبات تلك الجريمة وفق مستويات تتلائم مع دوافعها ونتائجها ومقدار الفترة الزمنية التي جنى نتائجها الشخص المصاب كذلك ينبغي الاخذ بنظر الاعتبار ان كانت مقصودة او غير مقصودة بتعمد واصرار وتخطيط او بدونه كان القصد من استخدامه النفع او الضرر وماهي مقدار الاضرار ونوعيتها التي تعرض لها الفرد او العائلة المصابة هل هي صحية او عقلية او مادية الخ جراء هذا الفعل فهل باعتقادكم ان الذي يذهب الى ساحر ويطلب منه تدمير الانسان وتحطيمه كليا ومن ثم التسبب بهلاكه بمستوى جريمة امراءة استخدمت مع زوجها سحر المحبة ولم توثر على حالته الصحية والبدنية والعقلية او مسيرة حياته وهل هي بمستوى جريمة شخص مشعوذ يضحك على الذقون ويجني الاموال من الاخرين بتلك الطرق الشاذة
ان تعامل القانون مع تلك الجريمة وبهذه الكيفية بدا منذ قرون مضت وسيستمر الى الابد وهذا الامر قد اتاح المجال امام السحرة الفعليين وذوي القدرة الحقيقية على تسخير الجن والارواح المؤذية لان يكون هذا العلم الضار سلاحا بايديهم للاضرار بالاخرين وتهديد حياتهم وسلب ارادتهم وحقوقهم بل انها اصبح سلاحا مفضلا وفعالا لارتكاب جرائم قتل من اجل التخلص من الاخرين ومن اجل تحقيق هدف وغاية ما وهم فرحين ومسرورين وامنين ومطمئنين لارتكاب جرائم اخرى بحق المجتمع والانسانية وذلك لان القانون بل ان الاوساط الاجتماعية المختلفة قد اعتبرت افعالهم نصبا واحتيالا وضحكا على الذقون اتمنى من الله تعالى موقف او نظرة السادة رجال القانون ومشرعيه داخل العراق وخارجه لتلك الجريمة الماسوية التي تعرضت لها عائلة المرحوم الفنان التشكيلي ( اسماعيل عفراوي ) وبصورة مقصودة ومخطط لها ومتفق عليها منذ سنين عديدة مع مراقبة اثارها من قبل المسببين لها والتعنت والاصرار على الاستمرار بافعالهم الضارة والمؤذية من اجل الوصول الى الهدف المنشود الا وهو هلاك الشخص حتى بعد انكشاف امرهم بدلائل ثبوتية ( البيئة الاجتماعية وبعلاقاتها تلعب دورا كبيرا في تفنيد الادلة في حينها ) نحن نعيش في دولة بلاقانون وهذه الجريمة لااساس ولاسند لها قانونيا ومنذ زمن بعيد فياترى الى اي مدى سيستفحل هؤلاء في افعالهم المؤذية للاخرين عند توفر الظروف المناسبة لارتكاب جرائمهم انظروا وفكروا لكي تدركوا الهدف المنشود