أوراق عراقية...الجزء الثاني- دلال محمود-المانيا

Sun, 5 Feb 2012 الساعة : 9:48

ها أنني أقسو على ذاتي وبعمقٍ, أحاول جلدها بسوط القول لابسوط الفعل, فلقد قِيلَ ليَ , ان سياط الاقوال أمضى ,وأشدّ إيغالاً من سياط الأفعال.
ها أن سائق السيارة الجيمسي قد وصل مع شقيقي الذي سيصحبني وأبنائي الثلاثة الى سوريا الشقيقة والتي ستكون محطة ننتظر فيها إكمال معاملة لم الشمل حيث السفر والأستقرار في المانيا الأتحادية.
ياتُرى هل لكم أن تتخايلوا كيف كانت نفسيتي في تلك اللحظات؟
نفسيتي لاتهمني الآن بقدر ما أراه في عيون أبنائي ونظراتهم المليئة بالعتاب المُرِّ, ياتُرى هل يقوون على معاتبتي أم أنهم فرحون لدرجة لاتوصف كيف لا, وهم سيلتقون والدهم بعد غياب وفراق دام اربعة سنوات, ولكن ماهذا العقاب ياإلهي؟ فهل كتِب عليهم الاَّ يكون لقائهم بوالدهم الاَّ بدفع فاتورة قاسية ,وهي أن يرحلوا عن العراق ويتركوا كل ذكرياتهم ويتخلواعن مرابع طفولتهم وصباهم, ماهذا القدر الألهي؟
إبني الصغير دموعه لن تفارق عينيه فهو يدندن مع نفسه في كلمات تلك الاغنية(إشمدريني أنحرم من عندك إبساع , إبساع, توها أتريد تشبع منك العين, رحت من عدها مدري وين ماوين) أسأله , حبيبي لماذا هذه الأغنية بالذات تدندن بها مع نفسك؟ , يجيبني لأنها تذكرني بأبن خالتي , هل تعلمين ياأماه مقدار حبي له ؟أنه صديقي ولن اشبع من صداقته بعد؟
آه ... ياهذا القدر الوحشي!!!
إبني الكبير وإبنتي الوسطى وإبني الأصغر, جميعهم يشعرونني وكأنني إرتكبت جريمة بحقهم , مالعمل , مالحيلة حين يقرر رفيق الدرب ليرحل عن الوطن بحجة واهية هي حب السفر والترحال في حين كنا نتوقع, في كل لحظة ,أن غربان البَيْن ستلتَّف عليه ,من كل صوب, وبتخطيط عربي, وعالمي , وبعمليات خيانة عظمى ,شارك بها العالم أجمع , ليقدم على طبق من ذهب , الى الولايات القذرة الأميركية ,التي إستطاعت من خلال رجالها وإعلامها المسيس والمُخادع , أن تغير المقاييس التي تعلمناها , فقلبت كل المعايير بحيث أصبح الأحتلال تحرير , وعمليات الاغتصاب في وضح النهار صارت حرية مباحة لكل جندي قذر, واما المقاومة الشريفة فدنسوها بشرّ ,أعمالهم وأتوا بمافيات, أستباحات الحُرمات وروعت النفوس البريئات, ونسبوها للمقاومة وبهذا نعتوا المقاومة بالأرهاب, في حين هم كانوا ولازالوا مدارس للأرهاب والقتل والدمار. .
حقاً, أننا جميعاً ومن دون إستثناء لسنا جديرين بوطن عظيم كالعراق لهذا حُقَّ علينا اللعنة إلى أبد الآبدين.
وصلنا الحدود السورية, وأشار لنا السائق بسبابته إلى الجولان المُحتلة, وبلا شعور أنا وشقيقي وابنائي أصابنا الرعب والحزن معاً,
أنه لأمر فضيع أن يكون لأسرائيل تلك الدويلة اللقيطة شأن ,وهي في وسط هذا الكم الهائل من الدول العربية والأسلامية ,وليس من أحدٍ,ليجرأ على المساس بها بل, هي التي تعتدي وتقتل وتغتصب وووو..
ها نحن نصل ألى منطقة السيدة زينب عليها السلام,لنشعر وكأننا في بلدنا العراق ولكن شتان وشتان.....
نعم الأهل الطيبون كُثرٌ,في سوريا ,والعراقيون الرائعون لايعدون , ولكن ياإلهي اين نكهة أهلنا , هل بهذه السرعة تتغير النكهات والروائح والعطور؟ ربما تعتقدون أنني أبالغ , ولكن صدقوني تلك هي الحقيقة..
جميع الفواكه كانت موجودة ,وكل أنواع العصائر والشكولاته متوفرة وبكثرة ,في جميع الأسواق ومن أرقى الاصناف ولكن , هل كانت تحمل تلك النكهة العراقية العريقة؟ قبل ان أستفسر منكم, سألت أبنائي فكان جوابهم أن نكهات العالم أجمعه.لاتضاهي عطر الجو حين ترش الماء على الجدران.
أولى المشاعر ,التي تدق عليك, وتذكرك أنك غريب, هو عمليات الأستغلال ,التي لاتخلو منها الدول العربية بتاتاً, أبتداءاً من اول ليلة حين أستاجرنا فندق من الدرجة الوسطى لمدة ثلاث ساعات نركن فيه حقائبنا فقط كي نذهب للبحث عن شقة دائمية نسكن فيها فكان سعر الليلة وقتذاك 500ليرة سورية.
ليس مهماً هذا الأمر مادام الذي يستغلك هو عربي ومحسوب عربي من دمك ولحمك كما تربينا عليه في بلدنا العراق , حيث كنا من دون العرب ندافع عن كل العرب , ومن دون العرب وهبوا عراقنا للعرب وللغرب.
يُتبع.....
 

Share |