الكاتب والشاعر العراقي محمد مهدي بيات-حاوره : عبد عون النصراوي –كربلاء
Sat, 4 Feb 2012 الساعة : 11:26

الباحث المتأرجح بين بوابات الزمن
خلال مهرجان ربيع الشهادة العالمي الذي تقيمه الأمانتان الحسينية والعباسية المطهرتين في مدينة كربلاءالمقدسه أتيحت لي فرصة للقاء بعض المثقفين والمبدعين العراقيين من خارج وداخل العراق ، ومن هذه اللقاءات كانت بالكاتب والشاعر العراقي الكبير محمد مهدي بيات صاحب النفس المرحة والمحبة الذي اخبرني انه خريج جامعة بغداد عام 1975 ومن المعذبين في سجون الطاغية في تكريت بتهمة المشاركة في الانتفاضة الشعبانية وعلى اثرها فصل عن الوظيفة ليكون استاذا في الجامعة الاسلامية في مدينة اردبيل وانه شارك مؤتمرات عالميه في تركيا وتوركمانستان وايران ومقدونيا وهو عضو أتحاد كتاب اذربيجان وتوركمانستان اضافة للعراق واتحاد ادباء العرب . أرتأيت أن أقدم هذه الشخصية الفذة للقراء ليعرفوا من هو محمد مهدي بيات فكان معه هذا الحوار ...
ما الفرق في أن تكون عربيا أو كرديا أم تركمانيا ؟
الأنسان عندما يكون أديباً أو كاتباً أو شاعراً فأنه يكون أكبر من هذا الحجم ويكون من حصة الكل ولكنه يظل يعتز بقوميته مع عدم الغاء الآخرين وينظر للآخرين نظرة أحترام والأديب العراقي هو للعراق فقط وليس لقومية معينة .
متى بدأت بالكتابة ؟
أول ما بدأت بالكتابة وأنا كنت في مرحلة الاعدادية و لم اكمل العقد الثاني من عمري كتبت عن شاعر عراقي اسمه عبد المنعم الفرطوسي ونشرت المقالة في حينها في مجلة الف باء البغداديه ثم عن شاعر تركي عاش في كربلاء ودفن هناك أسمه فضولي البغدادي كتبت مقالة طويلة بعنوان ( فضولي وآثاره في المصادر العربية ) وأعتمدت على اكثر من خمسين كتابا مكتوبا باللغة العربية وما زلنا نحن في معرض الحديث عن الشاعر العراقي فضولي البغدادي اقول ان تماثيله تزين الساحات في مدن باكو وكنجه الاذربيجانيتين وعشق اباد عاصمة توركمانستان وطشقند عاصمة اوزبكستان ولا يعرفه اكثر العراقيون و بالذات اهل كربلاء0 وأخر ما كتبت عن فيلسوف عاش في النجف الاشرف ومات هناك فقيراً رغم أن طه حسين قبل يديه عندما القى الفيلسوف محاضرته في جامع الأزهرصاح الدكتور طه حسين من يأخذني لاقبل يد هذا العالم الجليل ثم قال بعد تقبيل يده سمعت محاضرة الأمام الزنجاني وكأن أبن سينا حي يخطب ، وأن أنشتاين عندما أحدث نظريته النسبية ، الذين يشرحون نظرية أنشتاين هم تسعة علماء في العالم الا أن هذا الفيلسوف عبد الكريم الزنجاني عدل نظرية أنشتاين وعلق عليها وأرسل التعليق أو التعديل بواسطة الفيلسوف محمد أقبال الى أنشتاين وقد أستفاد أنشتاين من هذا التعليق كثيراً .
ماالذي دفعك للاستمرار بالكتابة ؟
الكتابة متعة وهواية واحساس حينما يريد المرء ان ينسى همومه يتوجه نحو الكتابة فيعكس معاناته في كتاباته واليوم ارى بفضل منشورات الاحزاب السياسية كثر الكتاب وقل حجم المطالعين وانا اقترح بان يدفع مكافأت مالية للقراء عوضا عن الكّتاب .
ما هي أبرز مؤلفاتك ؟
تعرفون بان اكبر انتكاسه للاديب الملتزم هي تلك الفترة التي عاشها في ظل الحرب لانه غير مؤمن بها مطلقا فكبل بداه وختم على بصره وبصيرته ولسانه فلم يعكس شيئا فاصبح كشمعة يذوب من دون ان يشعر وان اصحاب البطون الخاوية لا يستطيعون ان يبدعوا كما حصل للعراقيين بعد الحرب و الحصار الاثيم 0
مؤلفاتي باللغة التركية ديوان شعر ( ملحمة الحياة ) نشر من قبل وزارة الثقافة في عام 1978 ثم توقفت عن الكتابة الى يوم السقوط ثم نشرت ديوان شعر بعنوان ( لجمت فرسي ) وهو مجموعه شعريه كتبتها في تركيا، وكتاب باللغة العربية بعنوان مقالات عن الشاعر فضولي البغدادي واخرين وكتاب عن الشاعر محمد حسين شهريار البتريزي لم يطبع بعد، ولي مقالات كثيره منشورة باللغتين العربية والتركية في الصحف العراقية والتركية والاذربيجانية وفي تركمانستان وبالمناسبه نشرت مقالة بعنوان اراء جديده حول الشاعرفضولي البغدادي محل ولادته واسرته في مجلة ميراث التي تصدر من قبل جامعة توركمانستان في مدينة عشق اباد وهي مجلة اكاديمية رصينه.
هل كتبت عن كربلاء ؟
نعم كتبت قصيدة بعنوان في قلبي عشق اسمه الحسين نشرتها اكثر المواقع الالكترونية والصحف المحلية ونشرت مقالة عن الشاعر الكربلائي محمد حسن ابو المحاسن في سنة 1972 في مجلة الكتاب التي كانت تصدر من قبل جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين . ثم كتبت عن مؤسس الشعر التركماني بعد الشاعر عماد الدين نسيمي البغدادي الشاعر محمد بن سليمان فضولي البغدادي وهوعاش في كربلاء ومات فيها ومدح الامام عليا ع خمسين عاما كما يقول الدكتور حسين علي محفوظ في كتابه عن الشاعر المطبوع في عام 1958 وكان الشاعرفي اواخر ايامه يشعل قناديل الروضة الحسينية المقدسة وكان مزاره معروفا في باب القبلة فازيل في سنة 1973 من قبل النظام بالرغم من وجود اتفاق بين تركيا والعراق على ان يبني الاول قبر امرؤ القيس وقد عثر على قبره في منطقة التين داغ القريبة من العاصمة انقره ويبني العراق قبر شاعره فضولي البغدادي فانظر الى هذا الفرق فكأن امرؤ القيس عراقي لكونه عربيا بينما فضولي هو غير عراقي لكونه تركيا . وقبل مدة عملنا مهرجانا باسمه في مدينة كربلاء بعنوان ( مهرجان الوفاء للشاعر العراقي فضولي البغدادي ) وقد القيت هناك محاضره بعنوان محاولة للكشف عن اسرة فضولي0
كتبت عن هذا الشاعر اكثر من 20 مقاله ولكن مع الاسف الشديد ان العراقيين لم يهتموا بهذا الشاعر مثلما اهتم به من قبل المستشرقين والاتراك 0 فاشعاره يدرس في الجامعات التركية والاذربيجانية والدول الناطقة باللغة التركية وقد حصل اكثر من 200 باحث على شهادة دكتواره عن هذا الشاعر والاستاذالدكتور حسين مجيب المصري اول عربي حصل على شهادة دكتواره عنه عام 1954 وطبعت اطروحته بعنوان ( في الادب الاسلامي فضولي البغدادي امير الشعر التركي القديم ) في سبعمائة صفحه واليوم تحيي ذكرى هذا الشاعر جامعات الدول الناطقة باللغة التركية وقبل مدة احتفلت جامعة قبرص بذكراه .
مشاركتك في المؤتمرات العالميه0شاركت مؤتمرات عالميه في بعض مدن تركيا وتبريز واذربيجان وتوركمانستان واقليم خوارزم ومقدونيا واول مؤتمر شاركت فيه وهو عن الشاعر نظامي كنجوي في مدينة تبريز عام 1991 وهو اول من نظم ملحمة ليلى ومجنون باللغة الفارسية ثم شاركت بعد السقوط المؤتمرات التاليه وهذا بعضا منها
مؤتمر اللغة التركية المقام من قبل مجمع اللغة التركية في انقرةسنة2008 وشارك فيه باحثون من 36 دولة من دول العالم
2:المؤتمر العالمي للغة والادب التركماني : اقيم هذا المؤتمر من قبل جامعة (ارجيس) في محافظة قيصري التركية
3: مؤتمر الاعلام و الصحافة التركمانية : في اسطنبول
4: مؤتمر الشاعر (محمد حسين شهريار ) : اقيم هذا المؤتمر في مدينة تبريز
5: المؤتمر العالمي للادب المقارن : في مدينة باكو عاصمة اذربيجان
6 : مهرجان الشاعر نظام كنجوي العالمي في تبريز عام 1991
7: مؤتمر الثقافه التركيه في انقره عام 2009 بعنوان اسطنبول في الثقافه العالمية شارك فيه38 دوله وقدمت بحثا بعنوان اسطنبول في الشعر العراقي الحديث
8-المؤتمر العالمي عن ملحمة اوغوز خان في مدينة عشق اباد في توركمانستان
9-المؤتمر العالمي عن الشاعر نور محمد عندليب في مدينة داش اوغوز في اقليم خوارزم
10- المؤتمر العالمي عن دور اتا تورك في بلاد البلقان في مدن اسكوب العاصمه ومانستر واوهري في مقدونيا
11-المؤتمر العالمي عن عصر البرونز والنحاس في توركمانستان
وغيرها من المؤتمرات التي لم تسع المجال بذكرها
ما هو رأيك في الصحافة العراقية ؟
مع الاسف الشديد ان صحافتنا تحولت الى صحافة احزاب وهي تطبل وتزمر لصاحبها وليست هنالك صحافة حرة مستقله الا نادراً ما تجد هناك صحيفة ، وعلى الكاتب ان يثني ويصفق للاحزاب ، والكاتب الحر بعيد عن هذا الشيء فيصمت ويحترق في داخله حسرة والم وما اكثر الاحزاب في يومنا هذا من كل الطوائف والقوميات ، ولكن مع الاسف الشديد عندما تكتب الحقيقة لمسؤول ما فانه يقيم دعوة قضائيه ضدك وعلى هذا لا تستطيع كتابة شيء .
هل كتبت القصة ؟
كتبتها باللغة التركية قبل 20 سنة ولكن تحولت الى كتابة المقالات نظرا لقلة كتاب المقالات والبحوث في تلك الفترة .
هل التقيت بكتاب القصة العالميين ؟
نعم ، التقيت الكاتب العالمي رسول حمزة توف في بغداد صاحب كتاب ( داغستان بلدي ) والروائي عزيز نسين في بغداد وجنكيز ايتماتوف في انقرة وكتبت عنه مقالة وهناك كتاب اخرين التقيت بهم في اذربيجان الشمالية والجنوبية .
ما هو الفرق بين القاص والشاعر ؟
كلاهما مبدع فهذا الشاعر يبدع بقلبه والثاني يبدع بعقله على اختلاف الاقلام
ما هو رأيك بالمؤتمرات والمهرجانات والندوات الادبية والشعرية وما الذي تقدمه للاديب ؟
كل شيء صالح للثقافة مقبول وما اكثر المؤتمرات والمهرجانات السياسيه في يومنا هذا غير انه عندما ينتهون من اعمال مؤتمرهم يخرجون ببيان ختامي الا انه يبقى حبر على ورق وليس هناك اي تفعيل وتكون اكثرها اعلامية ، وقبل فترة حضرت في مؤتمر في تركيا ( مؤتمر اللغة التركية ) وحضره علماء من 36 دولة وهؤلاء العلماء معروفين عالميا كما رايت مؤتمرا في اربيل ( مهرجان المدى الثقافي ) وكان مهرجانا ناجحا وهناك رايت كل كتاب العراق المعروفين من قاص وشاعر وباحث تاريخي وسياسي وغير ذلك ، ولكني ارى اكثرهم جمودا هم اساتذة الجامعات انهم لا يكتبون شيئا .
كيف تصف مهرجان ربيع الشهادة في كربلاء ؟
هذه اول مرة احضر المهرجان والتقيت هناك بالمبدعين العراقيين خاصة المغتربين من شمال العراق وجنوبه والتقيت بالعلماء الاعلام ، وكان مؤتمرا ناجحا ونجاح المؤتمر مقرون ببركة ابي عبدالله الحسين (ع)
اراك حزينا رغم امتلاكك لروح النكتة ؟
المشكلة في حياتي حيث كانت سفينتي تسير عكس الرياح ، انا حاولت ان اكمل دراستي عن الادب المقارن الا ان النظام البائد منعني من ذلك فقدمت طلبا للدراسة على نفقتي الخاصة ( المفروضة ان تكون الدراسة مباحة كالماء والهواء ) . ولم يكتفوا بعدم الموافقة حيث أدرجوا أسمي في قائمة الممنوعين من السفر الى يوم السقوط وأنا الآن ظمآن للدراسة رغم أني جاوزت الخمسين من عمري .
متى يموت الشعر . المقال . القصة ؟
يموت كل شيء عندما يموت ضمير الأنسان ويكون الكاتب عبدا مطيعا للسلطة ومسؤليها، وأذا كانت الدولة لا تهتم بالثقافة فالأنسان يضطر ليكتب لنفسه وبمرور الأيام ربما يمزق بما كتب من الهم .
ما الذي ندمت عليه عبر مسيرتك الطويلة ؟
ندمي وأنا اليوم اتحمل وزر عدم خروجي من العراق سراً لأكمال دراستي العليا وحتى وأن لم توافق الدولة على سفري وكل ما أتذكر هذه الأيام أكون في حالة نفسية مزرية .
هناك ثلاث مفردات عليك ان تصفها بما تمثلة لنفسك ( كركوك ، طوز خور ماتو ، محمد سعيد الطريحي )
كركوك .. ثلاثة اخوان تقدموا للزواج منها الا ان الثاني اصر بانها له فانها نطقت وقالت لايجوز الزواج مني لاني امكم وانتم اولادي انا كركوك .
طوزخورماتو .. خزين فيه من كل المواهب والقابليات ، مدينة الادباء والشعراء وليس هناك بيت الا وفيه شاعر وكاتب وان لم يكن فهو متذوق للادب . فان كانت كركوك مركزا للقومية التركمانية فان طوزخورماتو هي المركز الثقافي لهذه القومية العراقية الاصيلة
محمد سعيد الطريحي .. رجل مؤمن لربه ومؤسوعة علم الرجال يحمل بين خافقيه روح المتصوفين الصالحين .