الى من يهمه الامر / تذكرة لمن نسي- علي الناصري-/ذي قار
Thu, 26 May 2011 الساعة : 12:05

بعد إن كنا حيارا نحتسي خبز الأنينْ ..
بعد صبرِ ٍمرعبٍ في كل حينْ ..
وخفافيشُ بغتْ في أرضنا ..
وطراطيرٌ توزِّعْ مَحِنا ..
وابواقٌ لهم دوماً تلاحقنا .. تطاردنا ..
اينَ تذهبْ ..
لِمَ تأتي ..
أَرِني كلَّ جوازاتِ السفرْ ..
أرِني كلَّ هوياتِ الحضرْ ..
انتَ مِنْ وَينْ أنتَ كُلي ؟
عَجَلْ يَابهْ .. دَحِّجْ انتَ ..
اليس الهندُ موطِنكمْ ؟
انتمْ اشروكيّة انتمْ ..
باعة ُالجاموس ِانتُمْ ..
لِمَ اولادٌ لكم في وطني !!!
لِمَ انتمْ هاهنا في وطني !!!
تشتري منا توابلْ !!
اتبيعون الفلافلْ ؟!
ياقشامُرْ .. ياعشايرْ..
بعد تفتيش ٍطويل ٍ ..
بعبارات ٍ مُمِلهْ ..
وَتَفاصيلَ مُذِلَّهْ ..
بلغت حتى لعورات الرجال ..
بلغت حتى لربات الحجال ..
ومئات الأسئلة ..
وصلت حتى لأُمي وأبي ..
أصحيح أنت من أهل الجنوب ؟!!
وبيوت ٍ عربيهْ ؟!
فأصولكم قد لا تكونُ كما هيَ ..
سلوا جدَّتكمْ عن سِرَّ خِلْقتكمْ ..
يا أهلَ ميسان سلوا ..
يا أهل ذي قار سلوا ..
يا كلَّ أبناءِ الجنوبِ سلوا ..
احقا ً أُمَّكُمْ كانت تميميهْ ؟!!
فأصولكم قد لا تكونُ كما هي َ ..
* * * * * * *
بعد ان كان الأسى فينا مقيما ..
ورقيبٌ خائن ٌ خلاً حميما ..
وزنازينٌ غََدَتْ اماً رؤوما ..
بعد إن كان الوطنْ بيتاً حزينا ..
بعد اعوام ٍ خَلَتْ .. أضحت قرونا ..
فالناسُ كالأحجار كالأوساخ ِكالطين ِ ..
الناس كالثيران ِ كالبعران ِ كالضأن ِ ..
جراثيمٌ وجوُدهُمُ ..
وأنجاس جُسُوُمُهمُ ..
وازبال ٌ بُيُوتُهمُ ..
بعد سكين ٍ طويل ٍ ذبحتْ حتى الحسين ..
وجراح ٌ نزفت كل َّ كرامات الزمن ْ ..
قمع ٌ ولا حريّهْ ..
جيلٌ بلا قضيّهْ ..
شعبٌ بلا هويه ْ ..
حتى غدوْا أهلي بغير ِ وطنْ ..
وسجلُّ هويتي محروقُ ياوطنْ ..
بعد ما كان وكان ..
من عبيد الصولجان ..
وعقائد الطاعون في ذاك الزمان ..
يأتي من يسخرُ منا ..
من يريدُ الذلَّ فينا ..
يأتي مَن يكذب ْ عَليّنا .. لِيقُول ..
أمسُنا خيرٌ لنا من يومنا ..
خوفنا خيرٌ لنا مِنْ أمنِنَا ..
أهذي الناس لا تخجل .. ؟ !!
أهذي الناس لا تفهم .. !!
وجزما ً إنني أعْلَمْ ..
فهذي الناسُ لا تَخجلْ ولا تَفهمْ ..
* * * * * * *
وطنيون ابوْا إلا افولا ..
وطنيون يدُقّوُن الطبولا ..
وعهود قد سمعناها طويلا ً ..
لو أدار الله يوماً قطبها وجاءتْ الرئاسهْ ..
أو امتلكنا في الزمن النحس ِمقاليد السياسهْ ..
لاقتدينا بمسار الصالحين ..
واقتفينا اثر المولى .. عليّ ً والحسين ..
ومحونا عنكمُ كل َّ أخاديد المِحَنْ ..
وعبرنا بـِكُم البحرَ وعمَّرْنا الوطنْ ..
وأكلنا خُبزَنا جمعاً ..
بلا اثم ٍ .. بلا قيءٍ .. بلا دمْ ..
وعاد الغرب يخشانا ..
تؤرِّقُهمْ مواضينا ..
فبعد النكبةِ الكبرى ..
لنا عادتْ أغانينا ..
لماذا خبزُنا علقم ْ ؟
ألا نخجل ؟ ألا نفهم ؟
* * * *
أكل الجراد زروعَنا ..
نـَهَر الصغارُ كبارَنا ..
سكن الذباب ديارَنا..
واستُضعِفَ الفقراءُ في حاضِرنا ..
وغدا الحجاجُ عبداً صالحاً ..
وبدا السنديَّ فينا مٌفلِحاً ..
وتناسيْنا شعاراتِ الوطنْ ..
وركبنا كلَّ امواج الفتن ..
وغدا الكرسيَّ اماً واباً ..
وصالَ الوغدُ في بلدي ..
وبالَ الكلبُ في بلدي ..
وذقنا المرَّ والعلقمْ ..
أما نخجلْ .. أما نفهمْ ..
* * *
أصواتنا عالية ٌ في خرائب ِالزمانْ ..
افعالُنا كصرخةِ الهذيانْ ..
يخوِّنُ بعضُنا بعضا ..
ويلعنُ بعضُنا بعضاً ..
ويهزمُ الشيطانُ كلَّ جموعِنا ..
سماسرةٌ واقزامٌ تلاحِقُنا ..
والوافدون بايديهمْ شواربُنا ..
وأهلي كُلُّهمْ مرضى مجانينا ..
فاحذية ُ الغرباءِ في أوطاننا ..
ومزارعُ الطاعون ِ فوق ترابنا ..
والناكِثوُنَ عهودِهُمْ بلا دين ٍ ولا شرف ٍ ..
والخائنون عراقهم قد ابتاعوا أعادينا ..
غَدَتْ من عُهر ِنا حزنى بوادينا ..
غَدَتْ من كفرنا صحرا روابينا ..
نسينا عفلقاً يقتلْ ذرارينا ..
نسينا الذل حادينا . .
وفاجعة ً ومأساة ً باهلينا ..
فضاع المجدُ والبلَسمْ ..
وصارَ شرابُنا علقمْ ..
أما نخجلْ .. أما نفهمْ ..
* * * *
هزيمة ما بعدها هزيمهْ ..
الفجر قرآنٌ وفي الظهر ِ نميمهْ ..
وهيبة ُ الرهبان ِ في الصبح وفي الليل ِ بهيمهْ ..
والقارءونَ لرأس ِ المال ِ يا وطني ..
غدتْ أفكارُهمْ جدّ ُ قديمهْ ..
والحافظون كتابَ اللهِ يا وطني ..
تمزِّقُهُمْ شياطين وأهواء ٌ سقيمهْ ..
والعاشقون لباريس وواشنطنْ ..
يظنون الحضارة في الوليمهْ ..
لا يعرفون سوى أشكال خلقتهم ..
يظنون الحداثة في التخنُث والتَّحلُل ِ والجريمهْ ..
وعذراً منك يا وطني ..
وعذراً منك يا زمني ..
لأني قد اعدِدَهُمْ ..
وقد ارسم ملامحهم ..
وقد أعلن اساميهم ..
اقول للتاريخ مَنْ هُمْ ..
واحفادٍ لنا مَنْ هُمْ ..
الراكضون وراء الكرسي والفتَن ِ ..
اللاهثونَ لاجل المال ياوطني ..
المشركون غـَدوْا كثراً بلا وثن ِ ..
العازفون على جرح ٍ بغير ِ دم ِ..
البائعون غداً للشعب يبتسم ِ ..
وطنيون بأسماء لهم تـُرفعْ ..
وطنيون وعين للوطن تدمَعْ ..
وطنيون وأهلي للكذب تسمَعْ ..
السارقون لأرصدة الحكومهْ ..
البائعون مشاريع الحكومهْ ..
المفسدون قوانين الحكومهْ ..
وأكثرهم مرضى بداء السلِّ والزُهري ..
وأكثرهم موتى بلا كفن ولا قبر ِ ..
وأكثرهم سكرى بلا ترياق أو خمر ِ ..
وكي نبدو كأجسادِ النواعِمْ ..
لبسنا ضيقاً جداً ..
وقصات كعرفِ الديكْ ..
ورأساً يشبه الشلغم ..
وخيطاً حف حاجبنا ..
وخداً صاغه المرهَمْ ..
فعذراً منك يا وطني ..
لانَّ الحُرَّ قد يفهم ..
وعذراً يا رفاق الدربْ ..
فهذي الناس لا تخجلْ .. ولا تفهمْ ..