القضاء على القضاء-مرتضى الشحتور- الناصرية

Fri, 3 Feb 2012 الساعة : 10:50

ستظل قضية استقلال القضاء من اصعب الامورواكثرها تعقيدا ذلك ان مبدأ الفصل بين السلطات والذي يمثل الضمانة الحقيقية لمنع دوران المؤسسات الثلاث في فلك احداها لايزال محل شك وكلما احتدم المشهد الديمقراطي وزدادت عمليات التعبئة الفئوية انطلقت السهام لتضرب بكل الاتجاهات وبما لايدع جهة مهما اتخذت من تدابيرالمنعة و الحصانة مايجعلها بعيدة وغير متهمة .
ان استقلال القضاء العراقي ومهابته ومهنيته التي ظلت على الدوام محل اعتزازنا تتعرض اليوم لهجمة غير مسبوقة وبما يجعلنا في قلق حقيقي ازاء تطور الاوضاع.
القضاة في كل دول الكون وحتى في الامم المتقدمة علينا في ماسسة السلطات هم اكثر الناس بعدا عن الجماهير.
ذك ان القضاة لايعتنون بالعواطف الشعبية وتيراتها وامزجتها و هم ابعد مايكونون من عامة الناس.
ليس القاضي بالمشرع الذي يسعى لتوسيع حظوظه الجماهيرية؟
القاضي ليس نائبا ولا تنفيذيا مكشوف للعامة .
التنفيذي يجد نفسه ملزما بالعمل لنيل رضا الناس ليجددوا له، وليتجنب تقريعهم وتجريحهم.فعمله مكشوف وصفحته معروضة للناس.
مهمة القضاة ليست وظيفة بقدر ماهي مسؤولية نوعية كانت على الدوام تقتضي درجة عالية من التحفظ ولربما استوجبت التحرز في الحضور والظهور .
كانت قلة الحديث من ادبيات القاضي المحنك.
ولهذا تبدو سمعة القضاء في ظل عدم تصدي القضاء لمهمة الذب لمواجهة التهم والرد عما يصدر وينسب معرضة للانتهاك والتشويه.
واظن ان القضية غير مرتبطة بحادثة معينة ولكن الحوادث تمثل كشفا لواقع لم نعاينه ووضع لم نفلح في تحديد تحديداته وتحدياته.
ان اقرارالفصل بين السلطات دستوريا ورهن استكمال المؤسسات واضافتها الى اجل مسمى كان امرا غير طيباوكانت كانت له مسببات معقولة .
وحيث حلت الاجال ولم يتم استكمال المؤسسات اصبح الامر مفتوحا على المخاطر.
لقد اخذنا من الامم العظيمة تلك العناوين الملهمة . سلطة تنفيذية وسلطة قضائية وسلطة تشريعية.
لكن الاصول اللازمة للقول بجدارة هذه المعادلة يكمن في اكتمال المؤسسة التشريعية وتشكيل المجلس الا خر .
اقصد مجلس الاتحاد.
حقيقة ان السلطة القضائية تواجه خطر التحلل من تنفيذ هذا الاستحقاق.وهي تتحمل ما يتجاوز مسؤوليتها.
ان ازدواجية سلطة التشريع ستوفر على القضاء هذا المجهود وستضمن تكريس هيبة القضاء.
ذلك ان القضاء العراقي لم يتعرض لاية اتهامات في دوره بالتصدي للقضايا الجنائية والارهابية.
بيد ان المعضلة التي تواجهها السلطة القضائية الموقرة ليست بسبب مواكبتها للمواجهة السياسية بقدر كونها نتيجة تاخير اكمال المؤسسة التشريعية.
محاكمة الرموز السياسية ظلت مسؤولية خاضعة للسلطة التشريعية وحين تنتهي السلطة التشريعية ويتاكد مخالفة الزعماء.ينتهي وضعهم السياسي.وهنا سيكون ميسورا وضعهم امام هيئات القضاءدونما تاليب او ترهيب.
لقد حكم القضاء الفرنسي قبيل اشهر على رئيس البلادالسابق جاك شيراك بالحبس لعامين.والقضاء في تل ابيب حكم على موشيه كاساف بالسجن لسبعة اعوام مع النفاذ.
واودع رئيس اركان الجيش التركي التوقيف على ذمة التحقيق.
والسيدة لوكشنكو رئيسة وزراء اوكرانيا حبست واخلي سبيلها بكفالة.
لكن اشارة اتهام لاداء القضاء لم تحدث حيث مرت الامور ضمن القنوات المعتادة.
اعتقد ان تشكيل مجلس الاتحاد واناطة مهمة محاكمة الزعماء من خلال لجانه سيكون عملا مهما ينهي الجدل ويقطع الطريق على مطلقي الاشارات غير المسؤولة تجاه السلطة القضائية في بلادنا.
اعداء الديمقراطية ومناهضي التجربة الوطنية والذين يعيقون عمل الدولة ويشككون ويعرقلون خطواتها ويكبلون مسيرتها انبروا اليوم لمهمة القضاء على هيبة القضاء العراقي.
واعتقد ان زعامات الكتل الكبرى مطالبة وبصورة عاجلة لاقرار قانون مجلس الاتحاد الدستوري.
فلا يمكن الحديث عن الفصل بين السلطات بوجود سلطة تشريعية من مجلس واحد.
المبدا الذي افرز الفصل بين السلطات الثلاث هو ذات المبدا الذي اسس السلطة النيابية على اساس المجلسين!
اعود لما اعتقده ولما توصلت اليه.
محاكمة الزعامات من خلال المحاكم العادية وقبل مساءلتهم من السلطة التشريعية تقود حتما الى التأثير في المواقف ونادرا ماتجري دون ان تثير العواطف وتشعل العواصف وستصيب البناء المؤسساتي بضرراكيد . كما ستجعل المجتمع اكثر انقساما بين جماعات مناصرة للمتهم او معادية له بهذه الدرجة او تلك ، وان اكثر المؤسسات تضررا ستكون السلطة القضائية .
ذلك ان الانقسام سيتعمق والمشاعر ستوجه بطريقة غاشمة وبغض النظر عن درجة الذنب ونوعية الاتهام.
اتهام الزعامات يبدا في المؤسسة التشريعية.
هذا ماوجدته عرفا دستوريا وقانونيا في كل الامم الديمقراطية وهذا مااعتقده مهما لنحفظ القضاء في العراق من تخرصات الاعداءوحتى لانسمح بالقضاء على سمعة القضاء .
 

Share |