في ذكرى تتوج الإمام المهدي - سمير القريشي
Fri, 3 Feb 2012 الساعة : 10:24

الحديث عن تاريخ وفاة الإمام العسكري صلوات الله عليه يعني الحديث عن تاريخ جديد دخل فيه المجتمع الإنساني بحسب ما يعتقد به إتباع الدين الإسلامي عامة وإتباع آهل البيت خاصة ..ففي التاسع من ربيع الأول توج الإمام الثاني عشر من أئمة آهل البيت بمنصب الإمامة والذي يعد خاتم الأئمة المعصومين .مقام الإمام المهدي لا يعني في المفهوم الإسلامي بان الإمام الثاني عشر أفضل من إبائه صلوات الله عليهم ولا يحتل مرتبة أعلى ولا غير ذلك آلا انه أنيط بالإمام الثاني عشر مهمة تغير العالم الإنساني برمته ..تغير كل هذا العالم بجميع أطيافه وأجناسه وأعراقه وأديانه.. ومن هنا فوجود عقيدة الإمام المهدي تمثل في جوهرها غاية الدين الإسلامي في القران الكريم ..أن الدين عند الله الإسلام.. بعبارة أوضح عقيدة المهدي تمثل البعد العملي في أسلمة الكون وليس الكرة الأرضية فحسب .
.محاولات عددية وكثيرة في التاريخ عرضت نفسها بصفتها النموذج الحضاري الذي يجب أن يمتد إلى بقاع العالم .هذه المحاولات لم تتوقف بحدود معينة من التاريخ بقدر ما شملت كل مراحل التاريخ وما نراه اليوم من صراع سياسي يعكس بوجه من وجوهه رغبة الفلسفات والنظريات أو السياسيات بفرض نفسها كنموذج للإنسان ..هذه حقيقية لا تنكر.. في الأمس القريب وتحديدا في منتصف الأربعينيات من القرن المنصرم دخل العالم بما يسمى آنذاك بالحرب البادرة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق من اجل سيادة احدهما على العالم لتنتهي هذه الحرب مع مطلع التسعينيات بانتصار الولايات المتحدة حينها وجد العالم نفسه في نظام عالمي جديد أطلق عليه نظام القطب الواحد ..
هذا في تاريخنا المعاصر كشاهد على ما ندعي و انطلاقا من واقع تاريخي ومنطقي يقول .. لا يمكن أن يحكم العالم بدون أن تسود قوى كبرى تنظم شؤونه بما تهوي وتحب. فحتى القوى التي تؤمن بالسلام والعدل والسعادة لا يمكنها أن تحقق أهدافها أن لم تحقق أولا وجودها الفكري والسياسي في كل العالم ..
أن كل القوى التي حاولت وتحاول فرض وجودها على الإنسان ( كل إنسان ) لم تتخذ لتحقيق طموحها سوى القوة وإضعاف الآخرين ومحاربه كل من يقف في طريقها .لأنها لا تملك أكثر من ذلك ..لا تملك رؤية عميقة للكون ولهذا الوجود .لا تملك أفق واسع يضعها في الموقع الذي تستطيع أن ترى منه إلى أين يتجه هذا الوجود من غاية .لا تملك ارتباط بخالق الوجود وبالتالي لا تملك أي رؤية لغاية الخلق والهدف من خلقه.. لكن مع ذلك أرادت أن تغير العالم ..أرادت أن تتسلط على رقاب الخلق ..بالمناسبة حين حكا القران الكريم عن فرعون لم يحكي باعتبار الشخص بقدر ما تكلم باعتبار النوع ..القران الكريم أوضح في كثير من آياته المباركة النزعة التسلطية للإنسان وانه على استعداد لمنازعة الله تعالى في تدبير شؤون خلقة لو استطاع إلى ذلك سبيلا ..أذن نحن حين نتكلم عن النزعة الانفرادية في المجتمع البشري لا نتكلم عن شيء تاريخي فقط بقدر ما نتكلم عن حقيقة تكوينية في وجوده.. ومن هنا فالكثير يسعون إلى الانفراد بالتحكم بالعالم ..
على كل حال الإسلام لم يقدم نظريته الكونية على أساس القوة والسيطرة بل أن رؤيته للفتوحات الحربية للبلدان تختلف عن غيره من و كمثال على ذلك ..يؤمن أتباع مذهب أهل البيت صلوات الله عليهم بالحوار لأنهم يمتلكون كل أدواته ووسائله بالوقت الذي يملكون كل البراهين والأدلة بشتى مجالاتها لأنهم ينطلقون من احترام المعتقدات الأخرى لأنه مقدسة في نظر من يعتقد بها ولا حق لأحد في المساس فيها ما دامت في أطار الفكر الإنساني وما دامت لم تستخدم وسائل الضغط الغير مشروعة .... ولا يؤمن هذا المذهب الشريف أيضاء بفرض الاعتقاد بقوة السلاح وإقصاء الأخر ورفضه ..الأئمة ألاثني عشر شهد لهم التاريخ أنهم كانوا يسمحون لكل من يرغب في حوارهم بالحوار معهم ومن بينهم الزنادقة آو الملحدون . ثم أن الإسلام يملك رؤية كونية لكل هذا الوجود وفي جميع عوالمه بالمستوى الذي يذهب الشك والريبة عن العقول والأذهان وبالمستوى الذي يؤهله لإجابة على كل التساؤلات التي حيرت الإنسان وبالمستوى الذي يقدم الإسلام باعتباره الضمان الواقعي لسيادة العدل واحترام الإنسان بل أن الإسلام يعرف الإنسان بقيمته الحقيقية. يضعه بموضع الخلافة الإلهية ..أي أطروحة وضعية وضعت الإنسان بهذا المقام ؟؟ أين منها عرفه مقامه الكريم العالي في السماء ؟؟ أين منها قالت للإنسان أنت أفضل خلق الله وخليفته وأنت لا تملك فقط الحرية والكرامة وحق العيش بل تملك السيادة على كل عالم الإمكان ؟؟.
المهم ..حاولت قوى الاستكبار العالمي أن تقدم الإسلام لمجتمعاتها من خلال تنظيمات إرهابية تكفيرية لأسباب عديد وكثيرة ومعروفه. لكن ما يهمنا في المقام هنا هو أننا نعتقد أن العالم الغربي يدرك أن الإسلام أذا قدم بواقعة الصحيح فسيكون الدين الأول .لما يتمتع به من قوه منطقية وروحية .ومن اجل ذلك عملوا بكل جد على طرح أسلام مصنوع في معامل المخابرات الغربية ..لا أريد القول هنا أن عقدة التكفير ولدت حديثا وان الغرب كان خلفها لكن أقول أن الغرب استطاع أن يستثمرها خير استثمار..
والمتحصل مما تقدم أن قوى الاستكبار تعلم أن الأطروحة الإسلامية أذا ما سارت بواقعها الصحيح فإنها ستحدث انقلاب نوعي وبالملازمة مع هذه الاعتقاد فلا يستعبد أن يكون اعتقادهم بقدرة الإسلام الذي برهن على أصالته أن يطرح نفسه كبديل عن الحضارة الغربية وهذا ما تنبأ به الكاتب الفرنسي الكبير روجية غاوردي في كتابه الشهير البديل .. فبغض النظر عن اعتقادهم بالإمام المهدي صلوات الله عليه أو عدم اعتقادهم مع أنهم يعتقدون لان من يتعقد بقدرة الدين الذي يطرح منظومة كونية متكاملة .يعتقدون بقدرة الدين الإسلامي على أن يخطط لحدوث تغير كوني كبير بأيد إلهية عبر رسل الله تعالى الذين يؤمنون بهم كاعتقادهم بعوده المسيح سلام الله عليه ..
اعتقد أن المسؤولية كبيرة وتزداد تعقيدا يوما بعد يوما فالمعركة اليوم كبيرة بكل المقاييس لأنها معركة اعتقادات قبل أن تكون معركة أشخاص


