وماخلقت الجن والانس الاليعبدون/ابراهيم عفراوي

Tue, 31 Jan 2012 الساعة : 12:41

بسم الله الرحمن الرحيم ( قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران لاياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) صدق الله العلي العظيم
عالم اخر غامض وغير معروف لنا اذ ليس لدينا الكثير من التفاصيل عنه على الرغم من انه يعيش فيما بيننا و بالقرب منا وهو يسمعنا دون ان نسمعه و يرانا دون ان نراه لحكمة ارادها الله خلقه من نار السموم قبل ان يخلقنا من طين لازب , قال تعالى ( ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حم مسنون * والجان خلقناه من قبل من نار السموم ) واسكنه الارض ليعمرها قبل ان يسكننا فيها , عالمهم اوسع من عالمنا واعدادهم تفوق اعدادنا باضعاف مضاعفة , صورهم واشكالهم تختلف عن اشكالنا التي لاتحمل فوارق كثيرة في حين ان لهم اطولا واشكالا تختلف من صنف الى صنف فمنهم من يصل طوله الى مئات الامتار كالمارد ومنهم من لايتعدى طوله المتر الواحد بل انهم يتمايزون فيما بينهم في حركتهم وانتقالهم فمنهم من يدب على الارض ومنهم من يطير في الهواء وبسرعة تقارب سرعة الضوء , وهم اولئك الذين يسترقون السمع من السماء , قال تعالى ( وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا ) ومنهم من يسبح ويغوص في البحار والانهار , قال تعالى ( ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا له حافظين ) , اصنافهم تلك ذكرها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في احاديثه الكريمة ومنها قوله : الجن على ثلاثة اصناف , صنف منهم لهم اجنحة يطيرون في الهواء , وصنف حيات وكلاب , وصنف يحلون ويظعنون , وقال ايضا صلى الله عليه واله وسلم :- الجن ثلاثة اجزاء , جزء في الهواء , وجزء يصعدون وينزلون حيثما شاوؤا , وجزء مثل الكلاب والحيات . ولهم حياتهم واسرهم وقبائلهم وعشائرهم مثلما لنا ولديهم ايضا ممالك ودولا وحكومات ومدن وقرى مثلما لنا ولديهم مشاريعهم وصناعاتهم وزراعاتهم واستثماراتهم مثلما لنا وهي ايضا يخوضون حروبا ايضا مثلما نخوضها نحن مع بعضنا , ولديهم المشاعر والاحاسيس والعواطف فهم ايضا يحبون ويكرهون مثلما نفعل نحن وهم ايضا يمتلكون الاعين التي يبصرون بها والاذان التي يسمعون بها والقلوب التي يفقهون بها مثلما نحن عندنا , قال تعالى ( ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم اعين لايبصرون بها ولهم اذان لايسمعون بها ) وهم ايضا ياكلون ويشربون ويتزاوجون فيما بينهم لينجبوا البنين والبنات وهم يشتركون معنا في صفة الادراك والعقل والارادة والقدرة على الاختيار بين الخير والشر وهم مكلفون من الله مثلنا بطاعته وعبادته وعدم الاشراك به واتباع اوامره ونواهيه , اذ قال تعالى ( وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون ) فالمسلمون منهم عليهم ما علينا من فروض وطاعات وواجبات كاداة الصلاة وايتاء الزكاة والحج والصيام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غيرذلك من الاوامر والتكاليف الشرعية التي حددها الله واوصى باتباعها , فهم وبلاشك لديهم العبادات والديانات والمذاهب المختلفة مثلما لنا ففيهم المؤمن والكافر و المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي وعبدة النار والابقار وعبدة الشيطان ..... , قال تعالى ( وانا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن اسلم فاؤلئك تحروا رشدا ) , وقال ايضا ( وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا ) ولهم رسلهم الذين اختارهم الله لهدايتهم الى سبيل الرشاد واخراجهم من ظلمة الجهل والضلال الى نور العلم والايمان مثلما نحن لنا رسلنا ماعدا نبي الرحمة للانس والجن وخاتم الانبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم الذي بعثه الله للعالمين جميعا نورا ورحمة وهداية الى صراطه المستقيم وطريقه القويم الذي يقودنا الى رضا الله والفوز بجنات النعيم , قال تعالى ( يامعشر الجن والانس الم ياتكم رسل منكم يقصون عليكم اياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا )فالذين لديهم اذان يسمعون بها وقلوب يفقهون بها عندما يستمعون لكلام رب العالمين يدخل الايمان في نغوسهم وقلوبهم وعقولهم ويهتدون ليكونوا من المسلمين , قال تعالى ( قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرانا عجبا *يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا احدا ) وقال تعالى (وانا لما سمعنا الهدى امنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولارهقا ) ومثلما نحن لدينا اناس مؤمنين بالله ويومه الاخر امتلئت قلوبهم طيبة ورحمة وخيرا وبركة بفضل الله ورحمته فاخذوا على عاتقهم وبما اوصى به هداية الناس وارشادهم وتوعيتهم وحثهم على التمسك وتطبيق ما امر به الله تعالى في كل اديانه وشرائعه وكتبه السماوية فهم ايضا فيهم المؤمنين بالله ودينه الحق ويسعون ايضا لهداية غيرهم وتنوير قلوبهم وعقولهم بتلك الحقائق التي غفلت عنها نفوسهم طويلا حتى غرقت في بحر الضلالة والجهل وعبادةما لم ينزل به سلطانا , فانظروا الى اخواننا الجن في دين الله ماذا يقولون , قال تعالى ( ياقومنا اجيبوا داعي الله وامنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم ) فهم ايضا يرتكبون الذنوب والمعاصي التي تثير غضب الله ونقمته واعراضه وصدوده والتي تحرمهم من الفوز برضاه ومغفرته ورحمته , وهم يسعون ايضا الى التوبة عن تلك الذنوب والمعاصي والاثام والالتزام بدين الله الحق , فهو الطريق الوحيد الذي فيه خلاصهم من عقاب اليم ينالهم يوم البعث والحساب المؤمنين به ايمانا مطلقا كما امنا به نحن ايضا , , فمؤمنيهم والطائعين لله قلبا وقالبا والمؤدين لكل الفروض والطاعات والواجبات التي امر بها والمبتعدين عما حرمه وحذر منه فثوابهم وجزائهم كبير في جنات نعيم دائمة يسقون فيها من رحيق مختوم . اما كفارهم والعاصين منهم لله فسيكون مصيرهم نار جهنم التي سوف تعذبهم وتحرق اجسادهم التي خلقها منها , قال تعالى ( وتمت كلمة ربك لاملان جهنم من الجنة والناس اجمعين ) .
وبلاشك ان الشيطان اصله من الجن وهذا ماشار اليه الله تعالى بقوله ( فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه , افتتخذونه وذريته اولياء من دوني وهم لكم عدو مبين بئس للظالمين بدلا ) وقد ناله غضب الله وسخطه والخروج من رحمته بتلك الحادثة الازالية التي حصلت بعد خلق ادم (عليه السلام ) وامر الله للملائكة بالسجود له , فهو الوحيد الذي خالفه وعصاه فيما امربه ليصبح فيما بعد عدوا لادم وذريته الى يوم البعث والحساب , وبلاشك ان هذا المخلوق الذي انحدر من عالم الجن هو ايضا عدو له وخصوصا من تنساق نفسه وتؤمن روحه بالله واديانه وكتبه المنزلة من السماء , فتزيينه للفواحش والمحرمات ماظهر منها وما بطن ومحاولاته المستمرة لاضلال العباد وجرهم عن طريق الحق وصراط الله المستقيم وغيرها من الافعال والاعمال التي اتخذ على نفسه عهدا امام الله على القيام بها من اجل الوصول الى اهدافه وغايته لاتقتصر على عالم الانس فقط بل تشمل ايضا عالم الجن , لذلك انساق من انساق منهم واتبع خطوات الشيطان وافكاره ليصبح فيما بعد وليا وناصرا له وعبدا مطيعا تحت سلطته وهم شياطين الجن , قال تعالى ( وكذلك اوحينا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم بعضا زخرف القول غرورا ) ومثلما بعضهم قد انقادت نفسه لاغراءات الشيطان ووساوسه الخبيثة حتى تخلى عن ايمانه بالله وكتبه وشرائعه السماوية ليصبح عبدا ووليا وتابعا له ففي عالم الانس ايضا من اتبع تلك الخطوات التي قادته في نهاية المطاف ليصبح جزء من مملكة ودولة الشيطان اللعينة على الارض التي كانت ولازالت ميدان حرب وصراع مستمر بين الحق والخير والنور والايمان المتمثل باولياء الله وعباده المخلصين والباطل والشر والظلام والضلالة والجهل المتمثل بالشيطان واوليائه والتابعين له , وهولاء يطلق عليهم شياطين الانس والذين لابد ان يكون لهم ترابط وتفاعل وتعاون مباشر وغير المباشر مع شياطين الجن لنشر الفساد في الارض وكل المحرمات والمعاصي والاثام التي تهدف الى اغواء واضلال بني الانسان لتخرجه من دائرة الايمان بالله والفوز برحمته ومغفرته ورضاه وجزائه الاوفر يوم البعث والحساب التي ارادها للانسان وغيره من خلقه الذي كلفه وامره بعبادته واطاعته , ومن تلك الطرق والمسالك المحرمة والمؤذية التي ابتدعها الشيطان ولجا اليها وحث اتباعه من شياطين الجن لنشرها بين الناس هي السحر باصنافه المتنوعة , قال تعالى ( واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) فالسحر يؤدي الى الكفر بالله والخروج عن طاعته واوامره ونواهيه والحرمان من عفوه ومغفرته ورحمته في الدنيا والاخرة وهذا هو الخسران الاكبر , ولايمكن لاي انسان ان يدخل عالمه و يتعلمه ويزاوله الا بالتجرد التام عن اخلاقه وتربيته وايمانه بالله ودينه الحق ويرتكب مالذ وطاب من المحرمات والذنوب والمعاصي والكبائر العظام ليلتقي فيما بعد مع احد الشياطين ( الجنية ) التي سترشده الى تلك الطرق النحرمة في كل شرائع الله وكتبه السماوية , وبلاشك ان هؤلاء الظالمين المستبدين في الارض والمتمسكين بتلك الحياة الدنيوية كتمسك الشيطان بخلافة الارض سيعيشون حياتهم امنين مطمئنين بعد ان سببوا جروحا والاما ومصائب لاحصر لها ولاعد للكثير من عباد الله المستضعفين والذين ضاقت بهم الدنيا بما رحبت واحتارت عقولهم في كيفية علاج وشفاء نفسها من هذا الداء والابتلاء العظيم الذي اصابها حتى انفقت زهرة شبابها وكل ماتمتلكه دون الوصول الى ماتطمح اليه نفسها في حين ان هؤلاء المجرمين يراقبون ضحاياهم عن قرب ويشعرون بالفرح والسرور وبنشوة الانتصار بالنتائج التي وصلوا اليها بفعل اعمالهم الشيطانية الشريرة والمهلكة . اذا كانت البشرية جمعاء لاتدرك مخاطر انتشار السحر والسحرة داخل مجتمعاتها فلتنظر بعين الرعاية والاهتمام لتلك الماساة الواقعية التي تعرضت لها تلك العائلة البريئة المظلومة , انها جريمة قتل الانسان بالسحر وتسخير الجان التي لاعقاب لها مهما طال الزمان .

Share |