الانتفاضة الشعبا نية ..الفصل الثاني /محمد حسن جياد
Sun, 29 Jan 2012 الساعة : 8:18

وبدأ صدام باستخدام نفوذه السياسي والدبلوماسي وكثف مباحثاته لعله يجد منفذاً للخلاص, واجتمع اثنان وسبعون حزب وتنظيم عراقي في نيويورك لتشكيل حكومة في المنفى تستلم السلطة بعد سقوط حكومة صدام ,واتفقت هذه المعارضة على وضع آلية للإطاحة بصدام بمساعدة أمريكا التي طلبت ان يدخل جيش المعارضة للعراق من الأراضي الإيرانية حال دخول قوات التحالف للكويت, لكن إيران رفضت دخول جيش المعارضة العراقية للعراق من أراضيها... وطلبت منهم ان يدخل هذا الجيش من الأراضي السعودية . كون جيوش التحالف جحفلت قوتها في الأراضي الخليجية خصوصا في قطر والسعودية ,وهذا تبريراً للرفض , اما السبب الحقيقي هو احتراز إيران من كمين أمريكي على انها احتلت العراق مثل ما احتل العراق الكويت ليكون ذلك ذريعة لمحاربة ايران من قبل جيوش التحالف فيما أعلن السيد محمد باقر الحكيم (وقد انتخب وقتذاك رئيسا للمعارضة في المنفى )ان تلك مؤامرة للإطاحة بالمعارضة وليست للإطاحة بصدام وأعلن انفصاله من الاتفاقية التي أبرمت وكذلك د.إبراهيم الجعفري(رئيس حزب الدعوة)أعلن انفصاله منها .
* في 8/2/1991 غادر سعدون حمادي بغداد الى الأردن في طريقة الى ليبيا من إيران بعد رفض العراق مبادرة سلام إيرانية . في الوقت الذي طلب الكونكرس الامريكي تأجيل الهجوم البري لاسبوعين قادمة .
* في يوم 13/2/1991 قصف ملجأ العامرية وقصف قصر المؤتمرات في بغداد وغادر بريمياكوف وزير خارجية روسيا بغداد بعد ان قدم مبادرة روسية تتضمن الانسحاب لمدة 21 يوم وايقاف القتال واعتراف صدام بالكويت وسحب عتاد الجيش العراقي للعراق تقابلها الشروط الامريكية المتضمنة الانسحاب لمدة اسبوع والاعتراف بقرارات الامم المتحدة وعددها12
* وقد أعلن صدام يوم 15/2/1991 تمام الساعة الثانية ظهراً استعداده للانسحاب من الكويت بشروط عارضتها امريكا ودول الخليج ورحبت بها موسكو بعدا ان طلب غور باتشوف تأجيل الهجوم البري الى مابعد محادثات طارق عزيز في موسكو .
* في يوم 17/2/1991 غادر طارق عزيز بغداد متوجهاً لموسكو بعد مروره بايران ورجع للعراق حاملا برنامج سلام وصفه بوش بأنه مبادرة غادرة وخائنة لبريطانيا
* في 20/2/1991اعلن ان الهجوم البري على اتم الاستعداد ورهن الاشارة فيما رد صدام بخطاب .. (الذي يريد منا الاستسلام سيندم وسندافع بكل مانملك ) وقالت وكالات الانباء ان العراق اعتمد سياسة الارض المحروقة حيث شبت النيران في اكثر من مئة واربعين بئر نفطي كويتي .
* فيما اعلن يوم 21/2/1991 ان مجموع طلعات الحلفاء اربع وتسعون الف طلعة جوية ومجموع صواريخ العراق الى اسرائيل خمسة وثلاثون صاروخاً .
* في 22/2/1991وافق صدام رسمياً بالانسحاب بلا شروط وتكفل بأتخاذ الاجراءات لأحلال السلام
وتلقى صدام يوم 23/2/1991 انذاراً بسحب جيشه خلال مدة اقصاها الساعة الثامنة من مساء اليوم ذاته
* في يوم 24/2/1991 الساعة الخامسة صباحاً بدأ الهجوم البري لتحرير الكويت واستسلم اكثر من عشرين الف جندي عراقي وتوالت الشهداء وعم الغضب
* في يوم 25/2/1991 سادت في الجو ظلمة نتيجة دخان الحرب والقوات الدوليه على مشارف الكويت من البر .
* في يوم 26/2/1991 انكسر الجيش العراقي في اكبر هزيمة نكراء له حيث فر من الكويت مذعوراً بين ليلة وضحاها وقوات التحالف تتابعه بالضرب حتى البصرة والناصرية
* في يوم 27/2/1991 طلب صدام حق اللجوء السياسي رسمياً من دولة الجزائر و استلم الشيخ جابر دولته فيما رقص الكويتيون على جنائزهم فرحاً ….
واعلن ان جيش التحالف عبر الفرات بأتجاه الناصرية واحتل قاعدة الامام علي (ع) واخيراً وافق اليوم صدام على اثني عشر قرار للامم المتحدة منها ادانته وتغريمه تكاليف الحرب .
* في تمام الساعة الثامنة صباحاً من يوم 28/2/1991 توقفت الحملة العسكرية على العراق مدة ثمان واربعون ساعة على ان تدون موافقة صدام
أي ان المعركة استمرت 99 ساعة فعلية .
وتلقى الشيخ جابر التهاني من حكومات دول العالم فيما تقول الاخبار ان جيش العراق فقد مئة الف جندي ومئة وخمسة وسبعون الف اسير وفي كل بيت رنة وعويل …… واثناء رجوع الجنود العراقيين من الكويت عبر طريق الفهود استعدت النخب الاسلامية والوطنية للانتفاضة بعدما وزعت منشوراتها في نهاية شهر رجب الامر الذي قاد ابناء الشعب الغيارى في اكثر
مدن العراق بتقديم الدعم المعنوي لرد اعتبار هذا الشعب الابي فأنطلقت الانتفاضة في الرابع عشر من شعبان من الطار والفهود والهورواطراف البصرةحيث معقل المناضلين وتجحفلهم هناك لتلقي بتباشيرها يوم الخامس عشر من شعبان الموافق 2/3/1991 على كافة المدن خاصة الجنوبية
* وهنا نتحدث بخصوص انتفاضة الشطرة كوننا في قلب الحدث انذاك وانقطاع الاتصال بالعالم البعيد والقريب منا … حيث هبت شباب الشطرة ورجالها وشيوخها وحتى النساء لمقارعة البعثيين وقتلهم وتشريدهم واضرمت النيران في دوائر الامن والمقرات البعثية واستولى الثائرون على اليات وسلاح ومشاجب. وسطر شباب الشطرة الثائر الابي اروع صور البطولة والتضحية والفداء في سبيل الله . وتشكلت لجان في المدن لتنظيم الحياة..... الا ان بعض المندسين وبتوجيه من البعثيين الفارين وخوفاً من ان تنفضح اسرارهم و تنكشف تقاريرهم عمدوا لحرق الاضابيروالمستمسكات في دوائر الامن والمنظمات وحاولوا تشويه الانتفاضة بحرق بعض الدوائر العائدة للشعب والعبث بها . لكن الاباة من الثوار ادركو هذا الفعل الخبيث فسيطروا على مابقي منها حيث برز قادة الانتفاضة وتجمعوا في الجوامع ليوجهوا الشعب الثائر نحو الاتجاه السليم . وما كان تجمعهم في بيوت الله الا دليل على الايمان الفطري واشتياقهم الى الدخول للجوامع التي منع صدام والبعثيين دخولها وكانت هناك خطبة في جامع الكرباسي اشتهرت و ابتدأت ( ياأيها الذين امنوا مالكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الارض ارضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة الا قليل ) رفعت من همم الابطال ومعنوياتهم وتبقى مخلدة تلك المرأة التي عبرت جسر الشطرة وبيدها اليسرى ابنها ذو التسعة اعوام وهي تثير الهمم في نفوس الثائرين لتأتي رصاصة في رأس ولدها من احد رجال الامن وترديه صريعاً لتحمله بين يديها مخضبا بدمه فاقدا للحياة.. ومخابرات الطاغية وأمنه الخاص والعام كانوا جميعا معبأين لمثل هذا الأمر ،فاخترقوا صفوف المنتفضين حيث شنوا صفحة الغدر والخديعة وقاموا بطعن الشعب من الخلف ،فتضافرت الخديعة مع القوة المفرطة جدا ،لتحاول أجهاض الانتفاضة بعد ان وصل توهجها الى بغداد ، والى كردستان
* في يوم 4/3/1991حاولت وحدات الحرس الجمهوري ان تدخل مدينة الشطرة وتربص لها الثائرون من كل مكان واستخدم الجيش طائراته المروحية وسلاحه الثقيل وفي تمام الساعة الثالثة والنصف جرى اشتباك في الشطرة فريد من نوعه بين الجيش والثائرين الذين يقاومون كلاً بطريقته الخاصة
دون خطط او توجيهات اذ اعتمدوا على الله بالتصدي فلا انسى مقاومة الابطال وخاصة الشهيد البطل محمد هاشم خيون وحسين الشريباجي وهم متسلطين على الجيش ببنادق الرشاش ومن على سقف معمل الثلج المطل على نهر الشطرة حيث اوقفوا محاولة الجيش للوصول الى الجامع الذي بقي فيه رجال استمروا في توجيه الرعب للجيش من خلال مكبرات الصوت التي تنادي للجهاد
يركض علمنايا بلهفة العطشان وللموت بشرف فاتحها ذرعانه
ولكل شهيد حكايه بطولية رائدة تقع على ذمة الكتاب والمؤرخين اذا لم يسردوها ويطرحوها للمجتمع وحرام على كل من يستطيع ان يكتب عنهم ويكتم شهادته اذ بتضحياتهم نعيش .والتضحيات مستمرة
* في يوم 5/3/1991 سيطر الحرس الجمهوري على المدينة واخذ يتجول فيها ويعتقل كل من في دربه ويرسلهم مكبلين الى بغداد او الى تنفيذ حكم الاعدام بهم او دفنهم احياء وقليل هم الذين اعتقلوا وافرج عنهم ليرووا صورة النجاة من جحيم صدام وظلمه الذي لايوصف وكيفية قتل اخوانهم واصدقائهم امامهم بطريقة مروعة ... وفي هذا الوقت لجأ باقي الثائرين الى السعودية التي استقطبتهم من خلال تجهيز مخيمات بائسة لهم وكل بطل من هؤلاء له مأساته ومعاناته الى ان يصل الحالة التي يرثى لها في مخيمات السعودية
البدائية ..المهم هو ينجو من الاعدام الذي ينتظره من جلاوزة صدام والبعث ليختار اهون الشرين ... وتنصب هذا اليوم 5/3/1991
علي حسن مجيد وزيراً للداخلية.
* في 6/3/1991 تستمر المعارك في شوارع الناصرية واكثر الجنود يتسربون مع المعارضة وتناثرت الجثث في كل الشوارع وامتلأت المستشفيات بها .ولا نستطيع ان نلم بهذه الايام القليلة كل ماحدث نسأل من الله ان يلتفت المؤرخين اليها ولا يغضوا النظر عنها
* في يوم 7/3/1991 علمنا بأن الجيش لايستطيع الدخول الى مدينه البصرة لعدم سيطرته على مدينتي الناصرية والعمارة… و هناك احتمالية استخدام الغازات الكيمياوية ضد الثائرين في النجف وكربلاء فيما حذر جورج بوش من استخدام الكيمياوي ضد الشعب بالوقت الذي اعان وساعد صدام بقمع الانتفاضة حيث ان من شروط وقف القتال هو عدم طيران الطائرات العراقية المقاتلة لكنها طارت بلا رادع لضرب المنتفضين العزل وملا حقتهم ومساعدة الحرس الجمهوري بالسيطرة على زمام امور صدام…. وادانت لجنة حقوق الانسان جرائم صدام الوحشية بحق شعبة هذه الايام ،حيث الإبادة البشرية والمقابر الجماعية ،اكثر من ثلاثمائة الف ضحية دفنوا بعد ان أريقت دماء معظمهم ودفن الآخرين أحياء.
أمـــاه لاتَبكـــي عَلـْــيَ لأنَنــــي
بِالجَرحَ أو كَفنٌ الشَهيدُ فَخورُ
أناا إن سَقَطتُ مَُضرجَا بِدَمِ الفَدى
فََهُناكَ في أرضي تَحومُ نُسورُ.
* في 9/3/1991 كثف جيمس بيكر مباحثاته مع المعارضة رسمياً واعتبرها هي الممثل الحقيقي للشعب العراقي. …. واجتمع في لبنان اكثر من مئتي معارض يمثل 80 منهم تيارات اسلامية و40منهم التيار القومـي و40 مــن التيـــار الكردي و40 مـــــن الموالين للغرب وحددوا لجان سياســـية واعلامـــية وعســـكرية ……
* في 12/3/1991 واصل الجيش الكردي الثائر زحفه الى كركوك ليدخلها واستسلام القوات العراقية والكتائب والوحدات العسكريه بكاملها وقتل ثلاثون الف عراقي فيما استخدم الجيش كل امكانياته للضرب .
* في 13/3/1991 ادعى الجيش السيطرةعلى مدينة الناصرية وحاصروا المنتفضين في الجانب الاخر (الشامية ) والمناطق القريبة من سوق الشيوخ فيما تدور معركة حامية الوطيس في كركوك , وفي البصرة مقاومة ,و في النجف وكربلاء مذبحة , وفي الزبيرمحنة لا مفر منها..وقوات التحالف تفضل الإبقاء على نظام مهزوز رعديد مكبل بوثيقة دولية أملت عليه شروط الهزيمة ،بدلا من نظام شعبي إسلامي يمكن ان يعيد توزيع مراكز المعادلة السياسية العالمية ،مما اضطرها ذلك الى السماح للقوة الجوية العراقية ببسط نفوذها في الأجواء الملتهبة ،كما ترك الباب مفتوحا لقوات الحرس الجمهوري لكي تمارس بطشها بالشعب الأعزل ،فيما شرعت صواريخه الإستراتيجية والتكتيكية التي بقيت محصنة طيلة الحرب لتضرب فيما بعد مدن البصرة وكربلاء والنجف المقدستين ،حيث تحولت الصحون الشريفة الى ثكنات عسكرية ومراكز إعدامات ،بعد ان شهدت اروع صفحات البسالة والتضحية والصمود ،حتى ان المجاهدين فيها قد صمدوا اكثر من ستة عشر يوما امام اكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط.
*في 14/3/1991 يروي احد ابناء الناصرية من قلب الحدث قائلا(أخذت اليوم القوات الصدامية تدك المدينة بالهاونات التي زلزلت البيوت والمحلات التجارية والأسواق، وسقط كثير من المواطنين صرعى في الشوارع، وساندت الهاونات مدافع ثقيلة ركزت في الحقول الزراعية على مبعدة أميال من مركز المدينة، وامتلأت بيوت الفلاحين بالنازحين من أبناء المدينة وباشرت المروحيات الخفيفة بحصد الأرواح و أمطرت المدينة بآلاف القنابل والصواريخ حمما حاقدة، باركها الطاغية في أعلى حالات حقده، وسكتت عنها القوات الأميركية في غربي البلاد وجنوبي الناصرية،و في سماء المدينة الغاضبة تحلق مروحية تناور شبكة نيران لاتصل إليها، وبعد قليل ترسل المروحية إحداثيات دقيقة لرماة المدافع ، ثم تعود إلى مطار مؤقت يقع خلف السدة الترابية الواقعة في شرقي المدينة : دقائق وتمطر المدينة بأنواع مختلفة من القذائف والمدافع تدك البيوت على من بقي فيها، جرحى يموتون قبل أن يجد ذووهم واسطة لنقلهم إلى مستشفى قريب، أطفال يئنون خمدت أنفاس آبائهم وأمهاتهم إلى الأبد، وأفواج الناس هاربة بأرواحها إلى البساتين المحيطة بالمدينة، ومن الرجال الآخرين أمسكوا بالأرض ، وراحوا يتصدون بثبات رجولي وفدائي لقطعان الخنازير البعثية الحاقدة)