بين سليماني وأردوغان : مجانبة الحقائق عند البعض!!!/جواد كاظم الخالصي
Fri, 27 Jan 2012 الساعة : 8:27

تصاعدت موجة من التصريحات السياسية والمهاترات الاعلامية على مستوى الساحة العراقية من سياسيين الى كوادر علمية ومثقفين بل حتى الكثير من المواطنين للرد والاحتجاج على ايران وتركيا وذلك لتصريحيهما وتدخلهما بالشؤون العراقية الداخلية ولننظر الى ما قاله كل منهما كي نتأكد هل فعلا أنهم صرحوا بذلك أم انه مجرد نُقل عنهما ليتسنى لنا الوقوف بوجه تصريحاتهم ونرفضها رفضا قاطعا حتى تعرف كل دولة حدودها وأسس التعامل الدبلوماسي في التخاطب الدولي واحترام السيادة العراقية .
بداية وقبل ان اخوض في ما أثير حول ايران فإنني لا أدافع عنها او عن موقفها بل ان موقفي من هذه الدولة عبرت عنه في مقالات سابقة وشجبت قضية قطع مياه الأنهر النابعة من اراضيها وكذلك النزاع على البئر النفطي في العمارة وغيرها من دعم بعض العناصر المسلحة ولكن في الوقت نفسه لا يعني ان نصفق مع الهيجان الاعلامي العربي الذي يدس السم بالعسل بمباركة المهرجين المصفقين لهم من داخل العملية السياسية في العراق.
ففيما يخص تصريح قاسم سليماني الذي نقل عنه الاعلام ما قاله الخميس الماضي ((أن إيران حاضرة في العراق وجنوب لبنان، وأن هاتين المنطقتين تخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها، مؤكدا أنه يمكن لبلاده تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية فيهما بهدف مكافحة الاستكبار )) لنقف عند هذا التصريح وما خَلّف من موجه سياسية عارمة مدعومة بالاعلام العربي والمحلي والصراخ السياسي من قبل المتخاصمين في العملية السياسية العراقية حيث علا صوت التشنجات والسب والقذف وتوجيه التهم وأولها ان الحكومة تابعة لفكر ونهج الاحلام الصفوية كما عبروا عنها وهذه في طبيعة الحال حذلقة وغمز اعلامي قبيح لتأجيج الوضع العربي والعالمي ضد حكومة منتخبة من قبل البرلمان والشعب العراقي في حين أن هؤلاء لم ينتظروا حتى تصريح الناطق الرسمي للدولة الايرانية بخصوص صحة الخبر من عدمه ولم يكن لهؤلاء الصارخين والنافخين في الاعلام حتى تبيان موقف سفارة ايران القريبة منهم في بغداد من هذه التصريحات فإن كانت صحيحة وتم السكوت عليها من قبل الحكومة الايرانية وسفارتها في بغداد فعند ذاك يحق لكل عراقي من سياسيين وغيرهم ان يلقموا المسؤول الايراني حجرا ردا على استهتاره وتجاوزه إن كان متجاوزا على دولة مستقلة وذات سيادة ولها عمق تاريخي في السياسة الدولية ومواقف لا يمكن نسيانها، اذن الصراخ الذي مورس من قبل الكثيرين وخصوصا السياسيين منهم عبر الاعلام المفبرك بشن هجوم كلامي كبير يعتبرا فارغا ومقززا حد الاستفراغ عندما يخرج الناطق باسم الحكومة الايرانية وكذلك سفيرهم في بغداد لينفي صحة ما قيل على لسان احد مسؤوليهم المدعو قاسم سليماني ،، إذن القضية قيل وقال وقالو!! وصرح مصدر!! أو نُقل أن سليماني قال !! أو نقلت بعض الانباء أنه قال!! وبالمناسبة لقد أتعبتنا تلك المقولة التي تتصدر وسائل الاعلام اليوم " صرح مصدر لم يذكر اسمه بما يلي..." أو من قبيل " علمت مصادرنا الخاصة " وما الى ذلك من تشويش وخلط للاوراق بسبب بعض الاعلام المغرض الذي يعمد الى خلق الازمات الداخلية ، وهذا ابتعاد عن المهنية الاعلامية وأخلاقها التي لا بد ان تنسجم مع مفهوم حماية المجتمعات من التضليل والابتعاد عن خلق مستنقعات جماهيرية مضطربة.
لنقف ثانيا على ما صرح به أردوغان وعلى لسانه بشكل مباشر من على قناة الجزيرة الفضائية خلال حديثة أمام حزبه في البرلمان التركي حيث قال عن نظيره العراقي نوري المالكي أنه يقوم بالسعي إلى إثارة “نزاع طائفي” في العراق،(( فيما حذر من أن أنقرة لن تبقى صامتة في حال أقدمت بغداد على هذه الخطوة كونها لن تسلم منها))!!!!!.
في الحقيقة وضعت الفقرة الاخيرة بين قوسين مع علامات التعجب لأنها تُنبيء عن خطر حقيقي تحاول بعض الدول ممارسته من اجل إجهاض العملية السياسية في العراق وهذا بالتأكد ما تبحث عنه اثنين من الدول الخليجية ولا مانع لديها من تعويض تركيا اذا خسرت امتيازاتها الاستثمارية القادمة من العراق ، أقول ان هذا التصريح لم ينقل عن مصادر خبرية أو قيل عنه بأنه قال كذا وكذا بل هو من قالها وعلى الملأ بمليء فمه وبشكل مباشر دون حياء او حساب لجرح كرامة دولة مستقلة ذات سيادة، حيث كان يتحدث بلكنة واسلوب وكأن العراق واحدة من الضيع العثمانية التابعة له ويحاسبها متى ما شاء كالمعلم الذي يحمل العصا ليعاقب كل طالب يخالف نظام مدرسته ومع كل ذلك لم نسمع من الصارخين والمولولين الذين شدوا الأحزمة وبدأوا صراخهم بعالي الصوت على كلام نسب الى مسؤول ايراني نفته القنوات الرسمية لدولته فلماذا هذه الازدواجية الممجوجة بريح العداء لطرف دون آخر، فاذا كان خوفكم على العراق فلماذا خرست أو أُخرست ألسنتكم بوجه هذا التجاوز القبيح من دولة مفترض انها يجب أن تراعي الاعتبارات الدبلوماسية في تخاطبها وعلاقاتها الدولية، التساؤل هنا ألا يُنبيء ذلك بخطر حقيقي وداهم لتقويض كل العملية السياسية في العراق وهو ما تعمل عليه دولة صغيرة بصغر محافظة من محافظات العراق ؟ ألم يكن من العيب عليكم وأنتم تسمعون هذا التدخل المخيف والمرعب والذي يدفع باتجاه زرع التحامل بين أطياف الشعب العراقي ويدعوهم بشكل غير مباشر لحمل السلاح والدخول في متاهات لم يسلم منها حتى المنبطحين للسياسات العثمانية واجندات بعض الدول العربية ؟ أين ذهبت صرخاتكم العروبية ووحدة العراق والصف العربي ، هل جن جنون البعض أنهم فقدوا المناصب في الدولة فبانت الحقائق الوطنية المزيفة وتعرت ثقافات حب العراق الكاذبة؟ ألهذا الحد أصبح البعض يكذب وينافق على قواعده الشعبية ويوهمهم لإدخالهم في نفق مظلم لم تُمحى ذاكرته من مآسي 2005 و2006 و 2007 الى اليوم ، ألسيت هذه مجانبة للحقائق عندما يكون التعامل بين الفرقاء السياسيين من أبناء البلد الواحد بطريقة النفاق السياسي؟
عبرة لكل المتصدين:
رحمة بهذا الشعب المسكين أيها المتنازعون على دنيا زائلة فلن يرحمكم التأريخ عندما تظهر الحقائق المخزية وتتعرون أمام من انتخبوكم، وهنا لا أقصد بتعريتكم امام المتملقين بل امام أغلبية أبناء العراق الشرفاء ومن كل القوميات والأديان والطوائف.