كردستان .. مضيفٌ تبدّلت فناجينه ؟ ـ عقيل الموسوي
Tue, 24 Jan 2012 الساعة : 21:39

البخت يضعف ولا يموت .. مثلٌ تناقلته الاجيال ولا زلنا نتناقله حينما نريد التعبير عن ضعف الاصالة في الاخلاق وادامة العادات والتقاليد .. تلك الامور التي قد تتعرض في مرحلةٍ ما الى هزةٍ لسببٍ او لآخر تؤدي الى اضعافها أو اضعاف التمسّك بها .. الاّ انها وفي كل الحالات لن تموت لأنها جزءٌ لا يتجزّء من هيبة الأشخاص والعوائل ومكانتهم الأجتماعية , بل هي التي تجعل من البعض ينطلق عالياً ليصنع مكانته ويفرض هيبته واحترامه ضمن نطاق مجتمعه أو حتى المجتمعات الأخرى سواء كانت مجاورة له او تفصله عنها المسافات .. وهذا ما يُعرف بالبخت .. وحين يتعرض البخت الى هفوةٍ أو كبوةٍ بسبب ضعفٍ مادي أو معنوي أو أنجراف أمام تياراتٍ أخرى سواء تلك التي توصف بأنها تيّارات تجديد أو غيرها .. فأنه ما يلبثُ حتى يستعيد عافيته على نفس الأيادي في حالاتٍ كثيرةٍ مجرّد زوال المؤثر الذي ادّى الى ذلك الأنجراف .. أما في حالة انقلابه رأساً على عقبٍ وبدون سابق أنذار أو ضغطٍ خارجيٍ فأن ذلك لابد أن يكون منبعثاً من حالةٍ مرَضيّةٍ أو أنحدارٍ نفسي يُنذرُ بعواقب وخيمة .. لم يكن أقليم كردستان أو أهله بعيدين عن الواقع العراقي بكل ما تعرّض له ذلك الواقع من نكباتٍ أو مطبّاتٍ أو حالات رخاءٍ وهي نادرة الحدوث على اقل تقدير في تاريخ العراق الحديث .. لذا كان الأقليم وأهله ولا زالوا امتداداً طبيعياً لبقية مكوّنات العراق المختلفة .. الأمر الذي جعل من الأقليم ملاذا آمناً لكل الذين تعرّضوا للمطاردة أو الأضطهاد من قبل النظام السابق وأجهزته القمعية .. وقد أفصح الأخوة الكرد عن حُسن ضيافةٍ جعلت الغالبية العظمى من مثقفي العراق وعلمائه وسياسييه يلجأون الى كردستان ليكون لهم القدمة الآمنة والتي يمكن من خلالها على اقل تقدير الأنطلاق الى رحبة العالم الفسيح ليس هرباً منها لسوء استقبال أو ضيافة أو معاملة بل لبساطةٍ في الأمكانات بسبب الحصار الذي كان مفروضاً من قبل السلطة الظالمة حينها على تلك البقعة الكريمة من ارض عراق الخير والبركة .. أقول وبرغم أمكانات الأقليم المحدودة في تلك الفترة ألاّ أنه بقي يحمل بختاً يشهد له كل متابعٍ للموقف فضلاً عن اولئك الذين حلّوا ضيوفاً مكرمين على قلب كردستان النابض بالخير والمحبة وفي مقدمتهم قادة العراق الحاليين .. أن الأمر الذي جعلني أضع علامات استفهام وبأحجامٍ أكبر من حروف الأسئلة التي تطرح نفسها هو انقلاب الأقليم من مضيفةٍ للأدباء والشعراء والمفكرين والمثقفين والسياسيين المعارضين لنظام البعث الارهابي المقبور الى مضيفةٍ أو بالأحرى الى وكرٍ من الأوكار التي تحتضن الأرهاب والأرهابيين .. فهل يعقل أن يقوم القادة الكرد بالقضاء على بخت الاقليم بأستبدال فناجين الضيافة والكرم بأنخاب يكرعها قتلة الشعب العراقي ؟؟ .. ففي الوقت الذي كنّا نأمل فيه بتطوير مضايف كردستان ومصايفها لتكون حرماً آمناً وملاذا يُستنشق منه هواء الحرية ويستعيد البعض المناضل بين اروقته ذكريات الفخر والاعتزاز خصوصاً بعد أن أجتاز العراق محنة الدكتاتورية والتهميش الذي عانى منه الكرد أكثر من غيرهم فأننا وجدنا الاقليم وقادته يفسحون المجال مع سبقٍ في الاصرار والترصد امام اولئك المجرمين الذين تربَّوا في أحضان البعث وأفكاره العفنة ليحلّوا بين ظهرانيهم معززين مكرمين رغم مطاردة القانون لهم .. بل الأدهى والأمَر أن قادة الكرد ذهبوا بعيدا في مخالفة الدستور الذي ساهمت أناملهم في صياغته .. وراحوا يواجهون القوانين التي من المفروض أنها الخيمة التي تُظلل الجميع بدون استثناء وبشكلٍ متساوٍ .. فهل نحن امام بختٍ كردستاني على وسادة الموت ؟؟ أم استبدل مضيف كردستان يا ترى فناجينه بفناجين من نوعٍ آخر ؟؟