السقوف العالية للمطالب سقوف واطئة للمواطنة-محمد الجاسم-دورتموند
Mon, 23 Jan 2012 الساعة : 19:55

بعد أن اشتبكت خيوط اللعبة السياسية في العراق وتحولت من صراع سلمي للبرامج والسياسات المتطلعة لخدمة المواطن الى صراع على السلطة لكسب المزيد من الغنائم والمكاسب حتى لو كان ذلك يكلف ثقة الشعب بسياسييه وبقادته الذين بدلاً من أن يأخذوا بيده الى شواطئ الأمن والرفاهية فإنهم يسحبونه بكل ما أوتوا من قوة القانون والعنتريات والسند الأجنبي والعربي الى شفا الهاوية .. لو لا رحمة ربي الذي هيـّأ للشعب العراقي بدلاء من الأخيار والوطنيين والمؤمنين بقضاياه العادلة الذين يجاهدون مصالحهم الضيقة والشخصية ليقدموا للشعب ما أمـّنهم عليه من تجليسهم على مقاعدهم هذه.أيام وليالٍ ونحن من نشرة أخبار الى مقابلة ومن حوار الى تصريح ومن استضافة الى تهريج ومن تهديد الى عويل ومن شكاية الى نكاية ومن قباحة تهويل الى دعوة تدويل ولم يخطر على بال أحد منهم اللجوء الى الجلوس سوية ليتبادلوا الرؤى والآراء التي تقربهم الى بعضهم وترمم ثقة الشعب بهم بعد أن أصبحت العملية السياسية عملية قياسية في عدم تمثيلها للشارع العراقي ..بس اتخذوا من المنابر الإعلامية ساحات عرضات لإستعراض قابلياتهم البدنية على فرض شروط وسقوف عالية للمطالب.. مالذي فعله هذا الطرف أو ذاك للتقارب وإبداء التسهيلات لعقد المؤتمر المستهان به سلفا والمؤتمر الذي زُرق إبرة تعويق وهو جنين في بطن أمه .. لقد أضرت القائمة العراقية إضرارا بالغا بالتمهيد لعقد المؤتمر الوطني حينما أصرت على لسان رئيسها أياد علاوي في مؤتمره الصحافي على رفع سقف المطالب ونقلها من خانة أخذ المزيد الممكن الى خانة تخريب الممكن واللاممكن إذا أمكن.. وإلا ما تفسير طلب اعادة الانتخابات أو أنتخابات مبكرة وهل الإنتخابات تُفصل على مقاسات المتضريين منها في الوقت الذي باتت فيه المفوضية العليا للإنتخابات على وشك تسليم مفاتيح شرعية صلاحياتها..وما معنى مطلب استبدال المالكي الذي لا يحق لغير كتلته التي رشحته ان تستبدله اذا رأت ذلك ضروريا وضمن السياقات الدستورية وليس ضمن المزاجات العفوية والإنفعالية والعجيب كل العجب المطالبة بحكومة مؤقتة غير الحكومة الحالية .. والسيد أياد علاوي سياسي مخضرم وعتيق لا ينبغي منه إطلاق هذه العبارات على عواهنها ، دون أن يفكر بمن يؤسس ومن يدير ومن يستوزر لهذه الحكومة المزعومة وما الداعي لكل ذلك الهياج الإعلامي الصارخ الذي ما فتئ يتهم المالكي بالديكتاتور مرة ولايستطيعون التعامل معه مرة اخرى ..وقيادية في العراقية تقول على شاشة الفيحاء ان قائمتها تضع علامات استفهام على القضاء.. مالذي تريدون أيها السادة اذا كنتم حانقون على الحكومة وتقاطعون جلسات مجلس وزرائها وحانقون على البرلمان وتقاطعون جلسات تشريع القوانين فيه ولا تعترفون بإستقلال القضاء العراقي ؟؟ لا والأدهى والأمر تظهر قيادية اخرى من العراقية هذه الليلة على التلفاز وتقول ان كتلتها تدرس خيار العودة الى البرلمان للتصويت على الميزانية فقط ثم تعاود المقاطعة ..هل المشاركة الفاعلة وتقاسم الصناعة للقرارات التي يطالبون بها تتم بهذه الطريقة اللعوب..هل إقحام قضية معاقبة موظف في مجلس الوزراء وإن كان نائبا لرئيس المجلس بالقوة والمحاصصة من قبل رئيسه والمطالبة بإطلاق جميع المعتقلين بالرغم من ارتكابهم جنايات وجرائم معينة والإصرار على التدخل بالقضاء العراقي بصدد قضية الهاشمي المتهم بقضايا خطيرة تتعلق بالدم العراقي الطهور.. وغيرها .. هل هي خيارات منطقية قابلة للجدل والأخذ والرأي وتخدم مصلحة المواطن العراقي البسيط ؟؟ إنما هي خيارات ما أنزل الله بها من سلطان الغرض منها الإجهاز على الحكومة والبرلمان وتعطيل أعماله التشريعية والرقابية وإطارات فضفاضة للمطالب التي لا تنتهي..هل جال في بال أحد الذين يرددون أفكار ومطالب السيد أياد علاوي من الذين وضعوا أنفسهم في خدمة التصعيد الإعلامي والتهييج الشعبي دون التفكير بمصالح الشعب العليا في توفير الخبز والطاقة والخدمات والكرامة أن يفكروا مرة واحدة بكيفية أعادة ترميم الثقة المهشمة بينهم وبين باقي الكتل التي في الساحة أو بينهم وبين أنفسهم هم بعد كل هذا الإنشطار والتشظي الذي أحاق بالقائمة وهي تسير نحو المجهول والانحلال والإختفاء من الساحة السياسية.قيادية أخرى تظهر لتبرر سقف المطالب العجيبة والتعجيزية التي تلاها السيد علاوي في مؤتمره الصحافي لتقول إنها تعتبر خارطة طريق .. أي طريق هذا الذي تقودون الناس الى ظلاميته وسوداويته ووحشة السير فيه وهو يطالب بقلب كل ما بني في السنوات التي تلت التغيير..وأي خارطة تلك التي تجعل السقوف العالية للمطالب سقوفاً واطئة للوطنية.
إن الشعب ينصح سياسييه بالإبتعاد عن التصعيد ووضع حد منطقي لتفريخ الأزمات والتخلي تماما من العـُقد النفسية والشعور بالقصور وترك عبارات التهميش والإقصاء والبدء فورا بجلسات ودية للتهيئة للمؤتمر المأمول.وعلى دولة القانون في الطرف الآخر للصراع أن تفتح ذراعيها للأخرين الذين يشكون في مصداقيتها ويثبتون لشعبهم حسن نواياهم ولا تأخذهم العزة بالأثم إن وجدوا أنفسهم سائرين في طريق العناد والتصعيد والتعاون مع الجميع لتفكيك الأزمات وتحجيم آثارها السلبية على الوطن والمواطن وربّ قولٍ أنفذ من صوْل.
ناصرية دورتموند
22 كانون الثاني 2012