شهداء البطحاء .. بذلوا مهجآ وليس دم / صلاح غني لحصيني
Sat, 7 Jan 2012 الساعة : 1:00

لم يسكت القلب وهو يخفق للحق ولم يخرس المنطق وهو يزاول الحكمة ولم تغمض العين وهي ترى بنور الحياة ، وليس للحر أن يموتولكن له أن يحيا ، لذلك امسيتم شهداء حتى تبقون عند ربكم أحباء، فالشهادة تزيد بأعمار المستشهدين ( ولا شهداء كشهداء عاشوراء ) وانتم منهم..
كثيرآ ما يجد الإنسان نفسه عاجزآ عن أن يصف بدقة مشاعر روحة وأحاسيس فكره فيمضي يفتش في حنايا الذاكرة وزوايا القلب عن ألفاظ وتعابير يمكن أن تأخذ بالوصف ما يعتلج في نفسه ويدور في خاطره فلا يعود إلا بلفظة العجلان ولا يرجع إلا بقبضة ريح أو ماء ، إذ تكسر الألفاظ في فمه كما تكسر الأمواج عند انشاطي ثم تقتفي راجعهمن حيث اندفعت أو من حيث جاءت .. اجل هكذا يجد الإنسان نفسه في كثير من المواقف ذات التأثيرات النفسية الخاصة فيجد نفسه عن اللسان ، ضحل الخيال وقد كان طويل اللسانواسع الخيال ، وما ذلك إلا لان هذه المواقف تمتلك على المرء كل إحساس وتفكير ، كذلك وجدت نفسي حين حاولت لأكتب عن شهداء واقعة البطحاء فلم يسعفني الفكر والخيال وتعثرت الأنامل بالكتابة وتلجلج اللسان وتهيب الجنان ، وإذا بي اكتب ثم أمحو، ثم اثبت ما محوت وإذا بي كمن يدور حول نفسه لا يصل إلى هدف ولا يبلغ إلى غاية وإذا الذي أريد أن أقوله لا يصلح للقول ، فأعود اثبت ثم أمحو ثم اثبت ما محوت والهدف عني بعيد بعيد والغاية طويلة المدى لا تدرك ولا تبلغ في الوصف .. ومن يدري قد يخيل للبعض أن أبالغ في القول وأهول في الوصف ولكن ربما مشاهدته بالأمس لا يحتاج إلى المبالغة والتهويل ولكنها الحقيقة، فقد كانت فاجعة تقشعر لها الأبدان ومصيبة كبرى تستحق منا أن نبكي بدل الدموع دما..
فكانوا سلالة أصحاب الحسين حين بذلوا مهجهم دونه ولم يبذلوا دمآ ، ملبين قوله علية السلام ( من كان باذلآ فينا مهجته وموطنآ على لقاء الله نفسه فليرحل معنا ) ولم يقل من كان باذلآ فينا دمه ، لان هناك ما هو أغلى من الدم وهو ما يسمى بدم ألمهجه وهو دم القلب الخالص النقي الذي لم يتأثر بشرايين وأوردت القلب ، إذ اخذ منه ولو قطرات فقد يعرض الإنسان إلى الموت المحتم أو على اقل تقدير إلى الشلل ، لذلك قال الحسين (ع) من كان باذلآ في مهجته ولم يقل من كان باذلآ فينا دمه لان الدم عندما يأخذ من اليد أو الرجل فانه لا يودي إلى الهلاك إما إذا اخذ من القلب بلا شك يودي إلى الموت والإمام كان يقول من كان مستعدآ أن يضحي بهذا الاغلئ فليرحل معنا .. وهذا ما تجسد بالفعل في حادثة البطحاء حين بذلوا مهجهم في سبيل لقاء ربهم لم يرعبهم الموت لان الشهادة في سبيل الحسين سمو ورفعة حتى شيعت جثمانهم محمولة فوق الروس وحناجر تصدح ( فجرونا ونصيح أحسين) ..
فنم في ضريحك - ياشهيد الحسين- طيب الخاطر فقد استرحت من هم الدنيا الفانية وسفاسف هذه الحياة التعسة ، وان كان من الصعب مفارقة هذا الوطن الذي كاد يضجر أسئ ولوعة لما يلاقيه من أيدي المارقين والناكثين وكيد الإذناب من ضروب البؤس وأنواع الشقاء ، كان عليك وأنت تحمل العزم والإرادة أن تشارك الأمة ضرائها وسرائها وبوسها وشقائها ، ولكن إرادة الله فوق كل شي .. نم في مثواك الطاهر كي لا ترى شعبآ يتضرر جزعآ وحزنآ يقف مكتوف الأيدي ، والأمة تصاد والصياد في برجه العاجي يتمتع في هذا الغنم وساسته منشغلين في غاياتهم دون تنديد أو أدانه وكأنهم في معزل مما يحدث متجاهلين إنهم بدماء هؤلاء قد تربعوا على كرسي المسؤولية.
لك الله – أيتها الأمة المنكوده – في ماسي وروايات تمثل على مسرج وطنك والناس تشقى ليسعد الفرد والجهود تستغل ليعيش عليها المحتكرون والمتملقون يغتنمون الفرصة ليصطادوا بالماء العكر ، ورجل الإصلاح يتقاعس عن أداء واجبه وقادة التوجيه في زوايا خمولهم ، والمخلص الغيور يعاني الويلات أن فاه الحقيقة ، فلنا من الله الصبر والعزاء أن تفقد في كل يوم كوكبة من رجال ونساء وأطفال مؤمنين بعقيدتهم ممن يعتز بهم المجتمع وتستظل الناس بلوائهم.
ولابد من وقفة إجلال وتقدير لتلك الأرواح الطاهرةمن – شهداء الجيش– بقدسية عملهم حقآ وفعلآ والذين شهدت لهم سوح الوغى يستبسلون فيها ويسترخصون أرواحهم مثل الأسد الجسور يغتنمون فريستهم مضحين بأرواحهم دون أرواح الآخرين فارضين ثباتهم على الطغاة.. كنتم بمواقفكم كأصحاب الحسين ولابد من اقامت مسجدآ لهم ليكون قبلتآ للزائرين وشاهدآ على مر السنين يجسد صلابة الرجال ومبدأ الامام الحسين وهو من:
تمزقت رايته .. ولم تنكس!
وتمزقت أشلائه .. ولم يركع!
وذبحوا أولاده وإخوانه وأصحابه .. ولم يهن
إنها عزة الإيمان في أعظم تجلياتها
صلاح غني الحصيني
Salah_gs_(at)_yahoo.com
info_(at)_urbab.net