قبلة الأحرار في العالم-محمد خالد علي السبهان

Wed, 4 Jan 2012 الساعة : 17:27

 تطل الدنيا على زحف مليوني مقدس في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام حيث يسير عشاق الحرية في العراق والعالم صوب قبلة الأحرار ورمز العشق الإلهي لينهلوا من نبعه قبسات الحرية التي أطلقها الحسين (ع) ليخط منهجية ثابتة لنا ولمن قبلنا وبعدنا وهي الثورة على الظالم وفتح باب لن تغلق إلى يوم القيامة.إن أربعينية الإمام الحسين من كل عام، منطلق سنوي جديد ونقطة تحول جذرية في حياة المسلمين، تحدث تغييراً في اتجاه الفرد وتوجه المجتمع، وعليه يجب معرفة الحقائق الكامنة وراء انطلاق الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء حيث استشهاده مع ثلة طيبة من أهل بيت الرسول الكريم (ص)، وإقدامه على النهوض والثورة، وفي أي مرحلة وزمان كان ذلك، وكذلك قراءة واقعنا والمرحلة التي نعيشها اليوم لمعرفة الدور والمهمة المبنية على الفهم السليم لقضايانا التاريخية والواجبات الأساسية المطلوبة، فالحسين (ع) نهض وثار واستشهد من أجل بقاء أسس الدين الإسلامي ومعالمه التي تتمثل أولاً بالصلاة والإيمان والصدق والمحبة، وبإعادة الناس إلى ربوع الدين الحنيف والعبودية لله الواحد، وتخليصهم من أسر الشيطان والأهواء التي تعرض لها المسلم في ذلك الوقت من جراء حكم الطاغية يزيد الذي انحرف بالدين الإسلامي عن مساره الصحيح وأراد إبعاد الناس عن الصراط المستقيم من خلال الممارسات الخاطئة التي كانت تمارس في الدولة الإسلامية في ذلك الوقت من فساد السلطان وظلمه للرعية والابتعاد عن تطبيق أحكام الإسلام الحنيف، فتصدى الحسين لكل ذلك وضحى بنفسه وبأهل بيته في سبيل الإسلام حيث يقول (والله لم اخرج أشرا ولا بطرا ولكن أردت الإصلاح في امة جدي).
ولقد تركت لنا عاشوراء العديد من الدروس والعبر يجب أن يستفيد منها المسلم في شحذ هممه وتقوية إيمانه والعودة إلى الله، وكان الدرس الأهم هو الوقوف في وجه الظالم وعدم الرضوخ لإرادة الشر مهما كانت قوتها وسطوتها لينتصر الدم على السيف، وهذا الانتصار يتجسد في الخلود الأزلي الذي وصل إليه الإمام الحسين فهو منارة الحق وانطلاقة جديدة نحو الالتزام بالمبادئ ومن أراد الحرية فعليه ان يدخل ساحة الحسين فهي ساحة العزة والإباء، ومن أراد ان يستلهم معاني الشجاعة وينتصر على ضعفه فعليه أن يمشي إلى الحسين .. ولقد قدم الحسين في واقعة الطف أروع الأمثلة في العشق الإلهي بتقديم اعز ما يملك للمعشوق من دون ان يبالي وهو يقول قبل استشهاده بعد أن ودع أهله (تركت الخلق طرا في هواكا/ وأيتمت العيال لكي أراكا/ فلو قطعتني في الحب إربا/ لما مال الفؤاد إلى سواكا) وبعد استشهاد الإمام الحسين (ع) أخذت زينب عليها السلام دورها التاريخي في إيصال صدى المعاني السامية لثورة الحسين إلى العالم من خلال دورها الإعلامي الذي كان مقدرا لها إن تؤديه بعد استشهاد الإمام فكانت خطبها وخطب الإمام زين العابدين في الكوفة والشام صرخات تخيف الطغاة على مدى السنين وتفضح السياسة الأموية الفاسدة، وكانت كفيلة بالقضاء على التعتيم الإعلامي الذي مارسته السلطة الأموية آنذاك ضد الثورة الحسينية وكشفت للأمة أن هذه الثورة تحمل في عمقها فلسفة مفادها إن الإسلام محمدي الوجود وحسيني الامتداد والبقاء، ولذلك سنبقى على المبادئ التي تعلمناها من الحسين والتي ضحى من اجلها سيد الشهداء بأعز ما يملك وصار بذلك رمزا وقبلة للأحرار في العالم.
 

Share |