مُنغّصات "يوم العراق" لجلاء القوات الأمريكية من العراق- جواد كاظم الخالصي

Mon, 2 Jan 2012 الساعة : 15:07

الكثير من دول العالم التي عانت الاحتلال والوقوع تحت سيطرة المستعمر مع الفارق في المكان والزمان فلكل بلد من تلك البلدان مرحلة استعمارية تختلف في شدتها ووقع ظلم الاستعمار عليها وقد عانت الكثير من شعوب العالم من هذه الفترة الزمنية الاستعمارية والتي جلبت الويلات عليهم ما دفع معظم شعوب الدول المقهورة استعماريا الى مواجهة الاحتلال والتخلص منه لتتنفس هواء الحرية والعيش بكرامة ، تلك الكرامة التي تبحث عنها شعوب الأرض لتجد إنسانيتها.

وفي وضع مثل وضع العراق كان واقع الاحتلال فيه أمرا واقعا مفروضا بسبب سياسات النظام السابق وما جرّه من ويلات على أبناء هذا الشعب المظلوم وهو يريد الخلاص من حاكمه الدكتاتور الذي نكل بالكثير من فئاته المجتمعية وان كان نصيب فئة أكثر من فئة أخرى، لذلك لاحظنا حالة من التفاوت الكبير بين من رضي بالقوات الامريكية وبين من رفضها رفضا قاطعا وهناك من اعتبرها امرا واقعا يجب التعامل معه لحين اخراجه من البلد، وفي جميع الحالات يبقى الجيش الاجنبي في كل بلد عنوانه محتلا وعليه الخروج عاجلا أم آجلا، ولكن عندما يخرج هذا المحتل الذي يمثل أكبر دولة في العالم اقتصاديا وسياسيا بموجب اتفاقية أمنية واقتصادية وعلمية تكون داعمة لعراق منهك دُمّرت بنيته التحتية في كل جانب من جوانبه السياسية والاقتصادية والتكنولوجية يكون مختلفا عن باقي الدول المتحررة من احتلالها.

رغم كل تلك التأويلات والتفسيرات في فهم الاحتلال بين الأطياف العراقية السياسية والاجتماعية فلا بد ان نسجّل ان العراق ما قبل 2003 غير العراق ما بعد هذا العام، أصبحنا اليوم نتكلم بما كان من المحرمات السياسية من قبيل الانتخابات، وحرية التعبير، وأن ننتقد الحاكم ونحاسب المسؤول وكل من يقصر بحق المواطن ونتظاهر،، وانتقل العراق الى وضع أقدامه ليجد ثقله في سياسة الدول الاقليمية والعالمية .

بعد مرور ثمانية سنوات نرى أن الجهود السياسية التي بذلتها حكومة العراق بحنكتها الدبلوماسية ومعها كل الكتل السياسية الممثلة لفئات الشعب العراقي ومن خلفهم مجلس النواب الذي يمثل كل طبقات المجتمع من أبناء العراق نلمس أن ما فرضته هذه الجهات على دولة الاحتلال الاميركي وانتزعت منه تلك الاتفاقية الأمنية والاستراتيجية والتي تخدم الجانب العراقي لابد ان نسجل للعراق هذا الانجاز وعندما تسجل انجازا مهما كان نوعه لا بد ان تحتفل بانجازك سواء على المستوى العام او على المستوى الفردي فجاء هذا اليوم وهو الآخر من كانون الأول والآخر من العام 2011 ليحفر في ذاكرة التاريخ جلاء القوات الامريكية من على أرض العراق وفق الأطر السياسية الصحيحة واحترام السيادة الكاملة والتي تعبّر بشكل واضح قوة المفاوض العراقي وقدرته على انتزاع حقوق الدولة العراقية من دولة كبيرة لم تتمكن دول اخرى كانت تحتلها انتزاع ما انتزعه العراق.

للأسف في المشهد العراقي الكثير من المنغصات التي رافقت خروج آخر الجنود الأمريكان من بلدنا ،
فالصراعات السياسية بين الكتل والأحزاب كانت واحدة من المنغصات ،
وإعلان الأقاليم عشوائيا تعتبر من المنغصات،
والإرهاب وداعميه من قبل بعض من لديهم قدم في العلمية السياسية وقدم خارجها تعتبر من المنغصات ،
والقضايا الجزائية القضائية بحق المسؤولين والتي تم تسييسها تعتبر من المنغصات ،
والاعلام الأصفر وتحذيراته من الحرب الأهلية وسوء الاوضاع الامنية والتهويل تعتبر من المنغصات،

كان الأولى ببعض السياسيين والتوجهات السياسية المتشنجة ان لا تستمع الى صوت دول الجوار فتُصدّع رؤوس العراقيين لأن هذه الدول تهرول خلف أجندات تفتيت العراق ولا تريد له الغلبة او الانتصار السياسي بل تجاهد من اجل الاطاحة بالعملية السياسية ، وهنا لا بد من التوقف مع هؤلاء الساسة لفحص نَبْضِهم الوطني ونرى ان كانوا يتنفسون الوطنية الحقيقية أم أنه التزييف والتسلق على أكتاف البسطاء من الناس.

لابد وان يكون العام الجديد 2012 بداية عراقية حقيقية تحمل معها روح التعايش بعيدا عن كل المنغصات أعلاه حتى يعيش العراقي حياته الطبيعية مثل باقي أقرانه من دول الجوار والمنطقة والعالم ويعيشوا كذلك فرحة "يوم العراق" من بلدنا الحبيب لجلاء القوات الامريكية  وآخر يوم من تواجدها الرسمي في العراق 31/12/2011 دون تعكير لتلك الأجواء. 

Share |