نقمة الدين أم جهل المتدينين -مصطفى العمري

Sat, 31 Dec 2011 الساعة : 10:25

 المتابع المنصف في حركة الدين الاسلامي , يجد أن هذا الدين الذي ننتمي إليه على أنه دين واحد و أمة واحدة و جسد واحد , سيجد أن هذه شعارات واهمة , داهمة على كل مفاصل المسلمين , دون أي تطبيق , فالكثير من المسلمين اليوم يعيشون حالة من الانشقاق مع أقرب المقربين أليهم من حيث اللغة والوطن . نترنم كثيراً بقول الرسول : ( المسلمون كالجسد الواحد ) , شعار جميل و رائع , لكننا نبحث عن ذلك المشترك الذي يتألم و يشعر حقاً أننا كالجسد الواحد فلم نجده فتعّسر الشعار حينما إرتطم بالواقع وخار عنفوانه حينما صار مكشوفاً عارياً  . الدين الذي ننتمي أليه يجب أن نبحث في تفاصيله , في فتاواه ,  حركة علمائه ,  أمواله نبحث عن المنتفعين بإسمه . إما أن نسكت فهذا اللادين فعلاً . أحببت أن أسأل سؤالاً :
 هل الدين نقمة ؟ أعيد السؤال هل الدين الاسلامي نقمة ؟ بالتأكيد سوف يجيب الكثير منكم , لا , الدين رحمة وليس نقمة . بالتأكيد سيكون هذا جواب الاكثرية لكنني سأتماشى مع الجميع , على أن لا أغفل حق المنتقدين للدين الاسلامي أو المادحين له .
  الذين يؤمنون أن الدين رحمة وليس  العكس , هل هناك شعور أو إحساس بين المسلمين بتلك الرحمة التي تتحدثون عنها  ؟ هل هناك شعور بالمودة بيننا ؟ هل تشعر أنت اخي المنتمي الى المذهب السني بأخيك المنتمي الى المذهب الشيعي أو بالعكس , كأنكم كالبنيان المرصوص  ؟ .  بالتأكيد لا ثم لا .
  الكثيرون من المسلمين يعترفون بأن الخلل ليس بالاسلام إنما بالمسلمين . نفهم من هذا التصريح أن هناك حالة تشويه تشوب الدين عندما يُنقل من الله الى الناس . إذاً الاشخاص الذين يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم رجال دين قد فشلوا في مهمتهم في نقل روافد الدين الى مجراها الصحيح , وانساقوا خلف أهوائهم التي كثيراً ما ينص الدين عن الابتعاد عنها , إن الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أصحاب سماحة وفضيلة وقداسة , ماهم إلا أصحاب متاجر تختلف دهاليزها عن دهاليز التاجر الحقيقي . فكل تلك الوجوه الحالكة البائسة , التي تخرج علينا من الفضائيات لتشعل ناراً هنا وتوقد النار هناك وتكفر هذا وتلعن ذاك , كلهم يتقاضون أموالاً ورواتباً وهدايا , بالتأكيد بأسم الدين , ليقولون للناس ما تشاهدونه أو ما تسمعوا به من كيد , وزيف وتحريف وتخريف . الغريب أن أحدهم , رجل دين معروف جداً , سؤل سؤالاً :  فضيلة الشيخ يقال أنك تتعاطى راتباً شهرياً قدره عشرة ألاف دولار ؟ فجاوب فضيلته مشكوراً ( والله العظيم لم أتقاضى فرنك واحد ) وعندما أعلنت الفضائية بعد فترة أن مرتب صاحب الفضيلة هو عشرة الاف دولار سؤل مرة أخرى , شيخنا أنت قلت لم تتقاضى راتباً من الفضائية وهم أعلنوا حسابك . قال سماحته مشكوراً أيضاً ( أنا أقسمت لم أتقاضى فرنك واحد لاني أستلم العشرة الف بالدولار الأمريكي وليس بالفرنك  ) !!! بالتأكيد هذه حيلة شرعية , يعني شرعية !
 
المشهد نفسه عندنا بالعراق لكنه أثقل وزناً أكثر أمولاً أعنف تدميراً , فمعظم رجال السياسة يخرجون علينا ليلقوا علينا المواعظ و الارشادات الدينية إنهم متدينون , متمسكون بتعاليم الله , سائرون على نهج الرسول . بالوقت نفسه يحرضون على قتل الناس , يسرقون أموال الوطن يعبثون بخيرات الامة يسلبون ينهبون , لكنهم متدينون !!! .
 
 
 
ليست هذه مازوخية لجلد الذات الاسلامية , لكنها لجلد أولئلك المنتفعين بأسم الاسلام , المشوّهين لصورته العابثين بإرثه ومجده .
إنها دعوة للمكاشفة أو المفاتشة , دعوة لكي يحاول الجميع فتح عينيه لا أن يستعين بأعين الاخرين .
الخلاصة : ليس هناك اسلام واحد بل هناك أنواع منه , وهناك عدة مناهج تدعي أنها الاسلام الصحيح , وهناك خرائط متعددة ترشدك الى حيث الجنة , هناك التدليس و النفاق والكذب  هناك كل شيء , لكن من هو العاقل الواعي الراشد الحاذق الذي يستطيع أن يكشف ألاعيب السياسة بالدين و رجل الدين بالدين ؟هنا نستطيع ان نلخص أن الدين الاتي من الله نعمة لكنه حينما حُرف صار نقمة    .

Share |