لأننا ابناء الحسچة ـ عقيل الموسوي
Sat, 31 Dec 2011 الساعة : 10:23

كثيرا ما تناقل الناس قصة ذلك الشخص الذي صدرت الاوامر بتعيينه مديرا لأحدى نواحي الفرات الاوسط , ذلك المدير القادم من احدى المدن التي تشتهر بأنتاج فيتامين الاستبداد في الحكم دون الاهتمام ببقية انواع الفيتامينات الاخرى ومنها فيتامين الاخلاق طبعا , ولم يتمكن هذا الشخص على ما يبدو من زيارة تلك المناطق في وقت سابق ولكنه سمع الكثير عن اهلها ولم يجلب انتباهه شئٌ اكثر من شهرتهم بكلام الحسچة دون ان يفهم معنى التسمية او دلالاتها .. وما أن استلم هذا المدير منصبه الجديد حتى ارتبط بعلاقة طيبة مع احد شيوخ العشائر التي تقطن تلك الناحية وهذه صفة كل مدراء النواحي اذ يتوجب عليهم اقامة علاقات خاصة ببعض المشايخ الامر الذي يسهّل عمل المدير ويعطي مكانة لوجهاء المنطقة ليكونوا حلقة الوصل بينه وبين الناس الغلابى امثالي وهم كثر , وفي احدى الصباحات وبينما كان احد وجهاء المنطقة جالسا في مكتب المدير راح الاخير يسأل الوجيه عن معنى الحسچة وامكانية تعلمها خصوصا وانه سمع هذه الكلمة واعجبه مصطلحها , وتشاء الاقدار ان يخرج كاتب المدير او سكرتيره لقضاء امر ما فيستغل احد الفلاحين المساكين هذه الفرصة ليدخل على مدير الناحية دون استأذان مسبق , الامر الذي ازعج المدير الى الحد الذي جعله ينهر ذلك القروي رث الملابس والهندام قائلا له .. ( اطلع برّه زمال ) اجلّكم الله ... وهنا ابتلع ذلك المسكين هذه الاهانة مع ابتلاع ريقه نتيجة للمفاجأة التي صدمته وقال للمدير مخاطبا ايّاه بكل ادب واحترام .. ( مقبوله منّك جناب المدير .. أنتَ مثل أبوي ) واستدار راجعا ادراجه .. وهنا استلم الوجيه زمام الحديث ليشرح الدرس الى جناب المدير بشكله التفصيلي اي على البلاط كما يقول المثل .. اذ قال له سيادة المدير اذا كنت تروم تعلّم الحسچة فهذا الفلاح هو خير استاذ لك .. فقال المدير وكيف ؟؟ فأجابه لقد اهنته بحكم منصبك ايها السيد ولكنه اعاد اليك الاهانة دون ان تشعر بذلك بل دون ان يترك لك ممسكا تمسكه منه , لقد قلت له ( زمال ) ولكنه قال لك انت مثل ابوي وهي كلمة تعبر عن الاحترام والانصياع للأمر ولكن انظر الى والد الزمال لتعرف من يكون !!! , نعم سيداتي وسادتي هي ذي الحسچة .. هي تلك الشهادة التي لا يُحضَّر لنَيلِها من مصادر بعينها ولا تمنحها كل جامعات العالم اطلاقاً , بل هي الشهادة التي تؤخذ ولا تُمنح .. تُؤخذ من جامعةٍ واحدةٍ فقط .. جامعة اسمها الحياة .. الحياة بكل ما تحمل من مواقف ومعاناة تتخذ من الشرف رحِماً لها لتُنجب من خلاله ابداعات يسطرها التاريخ بأحرف من نور , وهنا لابد من القول بأن للحسچة شروطاً اهمها ان تعرف القرين بشخصه وشخصيته ومستواه الادبي والعلمي والثقافي .. أذ ليس من المنطق ان تتعامل ( حسچياً ) مع شخصٍ متنكّر , مع الاخذ بنظر الاعتبار وجود الفرق بين المتنكر لفعل الخير وقول الحق وبين المتنكر باحثاً عن ماءٍ عكرٍ او ربما يعكّره بدسِّ انفه في صفائه ليجعل من نفسه صيادا حذقا ومتحذلقا .. لأننا ان لم نميّز بينهما فأننا سنكون كمن ينظر بعينٍ واحدةٍ الى من يحمل جَوربه متخفياً تحت جنح الظلام ليهب الفقراء مما وهبه الله له قاصدا بذلك صدقة السر المحمودة من الله سبحانه وتعالى وبين الاخر المتلثم ليلا للسرقة والسطو على الآمنين وشتّان بين الاثنين , لذا فحديثي عن المتنكر الذي ارتضى لنفسه ان يكون نكرةً ليرمي في الظلمة حجراً ان اصاب فله ثمرة اصابته وان اخطأ فلا احد يعرفه .. هكذا نحن لا نرد على النكرة وان تطاول علينا الّا بكلمة الخير والتشجيع ثم الدعوة له بالهداية , كما اننا لا نماحك اناساً لا نعرف مستواهم العلمي والاخلاقي ليس خوفاً من غلبة العالم الجليل والعاقل المستنير بل تحاشياً ( لتغليب ) الجاهل العليل والأرعن المستطير ولنا في القول المنسوب الى امام المتقين اسوة حسنه ( ما ناقشني عالم الّا غلبته وما ناقشني جاهل الّا غلّبني ) .. مع ضرورة الالتفات والتركيز على الشدة الموجودة على لام غلّبني , ولأننا ابناء الحسچة فأننا نقول لكل اولئك الذين يلوموننا او يستهجنون كتاباتنا او يتطاولون على المواقع الشريفة التي تحتضنها .. يا أيها المتصيدين والمتقولين علينا او على المواقع اعلنوا عن انفسكم قبل ان ترموا نحونا حجراً في ظلمة افكاركم وظلام دنياكم .. اعلنوا عن انفسكم لنكون على بيّنةٍ من امرنا هل نسموا بأنفسنا لمستواكم ام نتسامى عن النزول اليه ام اننا خصمان بغى بعضنا على بعض لنطلب الحكم بيننا بالحق وبدون شطط لنهتدي الى سواء الصراط , وبخلافه سيكون جوابنا الاول لكم يحمل كل التقدير والثاني سيكون ـ سلاما ـ