بين فدائيو مسعود ولواء الطالباني، الإرهاب ينعم بالأمان-أدهم أمين زنكنة
Tue, 27 Dec 2011 الساعة : 16:46

يقول تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ) (سورة البقرة)، يكاد ينطبق هذا القول على دكتاتورية مسعود في الحكم وحاشيته التي عاثت في الأرض الفساد، ومخادعتهم الناس بالكلمات المعسولة والشعارات الرنانة في الوقت الذي يلتفون فيه على الديمقراطية والعدالة بأساليبهم الإلتوائية. فما أشبه اليوم (مسعود) بالبارحة (صدّام).. حيث لم يقف مسعود عند استهتاره بأرواح الناس و تقريبه للجهلاء في الحُكم ولجم الأفواه وانتهاك حرية الصحافة والإستخفاف بالقضاء وحصر تعيين القضاة في الإقليم به شخصياً وتسليط الأبناء والأقارب على رقاب الشعب، بل ذهب أبعد في تشكيله مجاميع سرّية تدعى (فدائيو مسعود) وكما أعلن عن ذلك مؤخراً (الجاهل فاضل مطني) لوسائل الإعلام، بالتزامن مع جعل مناطق سلطته (مأوى للخارجين عن القانون) كما هو الحال مع إيواء (المتهم الهارب) عن وجه العدالة الارهابي طارق الهاشمي.
لم يكتفي ملك الاقليم في تثبيت سُننْ صدام داخل الاقليم واعتبارها منهجا للحُكم بل سعى ويسعى الى إحياءها في العراق عموما بالتكاتف مع أطراف داخلية (الطالباني والنجيفي والمطلك) وخارجية (تركيا والأردن). فقد كشفت الأزمة الأخيرة عن التعاون بين هؤلاء جميعا في عملية تهريب المطلوبين للقضاء العراقي حيث إستخدم الطالباني سلطاته الرئاسية لدعوة نائبيه للإجتماع في السليمانية بدلا من بغداد للمساهمة في إيجاد طريق آمن لإفلات نائبه من سلطة القضاء وكما صرّح بذلك موظف في رئاسة الجمهورية رفض الكشف عن اسمه "ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اتصل برئيس الجمهورية جلال طالباني طالبا منه العمل على توفير الحماية لطارق الهاشمي والعمل على ايصاله وعائلته الى الحدود التركية" .. ثم أكمل الخطوة الأخرى رئيس مجلس النواب (النجيفي) بتسخير المركبات الحكومية التابعة لمجلس النواب (ذو الحصانة القانونية) في نقل عوائل وأموال المطلوبين وبعض حماياتهم وعددا من الشيوخ المرتبطين بالمخطط ممن طالتهم الإعترافات، نقلهم بأمان الى إقليم كردستان العراق.. ومن ثم لتكتمل هذه الخطوات بإشراف مسعود شخصيا ومسؤول تركي رفيع المستوى على تخصيص طائرة تركية تعمل في النقل الجوي في العراق لنقل العوائل والأموال والمجاميع المطلوبة قانونيا الى كل ّ من تركيا والأردن وجهات أخرى. ولم تكن المرة الأولى في جعل الإقليم واحة آمنة للمطلوبين قضائيا ودوليا.
ففي معرض انتقادها الى مدير المخابرات الأردنية السابق محمد الذهبي كشفت إحدى الصحف الأردنية مؤخرا (إستنادا الى وثائق ويكيليكس) عن تواطئ سلطات اقليم كردستان في ايواء رجال أعمال وسياسيين عراقيين مطلوبين للإنتربول الدولي. حيث يدخلون ويخرجون بعلم سلطة الإقليم وبأسماء مستعارة الى مطار أربيل ويمارسون أعمالا تجارية (كما يدّعون)، ويعني ذلك بأن إيواء الارهابي الهاشمي المطلوب للعدالة، لم ولن يكن الأول أو الأخير في هذا المضمار مع بقاء رئاسة مجلس القضاء الأعلى في الإقليم وجميع القضاة معينّون بمرسوم اقليمي لايمتلك أي شخص عدا مسعود حق مصادقته والتوقيع عليه. ومع وجود ميليشيات سرية (فدائيو مسعود) كشف عنها مؤخرا ( الجاهل فاضل مطني) في قوله بأن "حزبه يمتلك عشرات الآلاف من المسلحين (البرزانيين ) الموالين للحزب موالاة عمياء والمستعدين للتضحية بارواحهم بمجرد ايماءة واحدة من قيادة الحزب". ليس هذا وحسب بل مع وجود لواء رئاسي مكتمل العدة والعدد تابع الى جلال الطالباني داخل بغداد يعمل هو الآخر بإيماءة من فخامة الرئيس. فكيف والحال هكذا أن يتسنىّ للمعارضة الكردية العمل من وضع مستريح لتوجيه النقد السياسي والأمني لأداء الحزبين الحاكمين في الإقليم.
لاشك أن التهديدات الصادرة من هنا وهناك وتوفير الملجأ الآمن للخارجين عن القانون ماهو إلا محاولة يائسة للتستر على جرائم وميليشيات أخرى وإرتباطات إقليمية مشبوهة تدفع بإتجاه إضعاف سلطة القضاء والقانون والإبقاء على سلطة العوائل والأحزاب.. وما نراه من دعوات لإقامة للأقاليم وفي هذا الظرف بالذات هي أيضا انعكاسات لرغبة البعض في ايجاد مناطق آمنة مماثلة لهذه الأنشطة المشبوهة.
في عام 1996 قام فاضل مطني بتوجيه من مسعود (دون أن يرفّ له جفن) بتسليم المخابرات العراقية أكثر من 140 معارضا لسلطة صدام معظمهم من الجنوب وفيهم من الوسط كالناشط السياسي خلف جياد خلف الزوبعي والدكتور علاء الناشط الإعلامي في المؤتمر الوطني بالإضافة الى أسماء أخرى إنتهى بها المطاف في المقابر الجماعية وتدور الأيام اليوم ليجعل مسعود من الإقليم منطقة آمنة للبعثيين والخارجين عن القانون والمطلوبين للقضاء من أمثال المطلك والهاشمي ومجاميعهم المسلّحة لكي يجتمع فدائيو صدام وفدائيو مسعود في إقليم واحد لإسقاط التجربة الديمقراطية في العراق وأيضا لوضع المعارضة الكردية بين سندان فدائيو مسعود في الاقليم ومطرقة اللواء الرئاسي التابع للطالباني المنتشر في معظم مناطق بغداد. ولكي تنعم أيضا ميلشيات الهاشمي بالأمان فيما بينهما ومن ثم تنفيذ مايعجز عنه الإثنين.