نساء الأهوار في ذي قار غياب أبسط الحقوق
Tue, 11 Oct 2011 الساعة : 8:51

وكالات:
تسعى المرأة في اهوار محافظة ذي قار الى تحسين واقعها الاجتماعي بعد عقود من الحرمان والتهميش الاجتماعي والاقتصادي في زمن النظام المباد ، الا ان طموحها بالتغيير غالباً ما يصطدم بواقع مرير فرضته عليها التقاليد الاجتماعية الصارمة والاهمال من جانب المؤسسات التي تعنى بحقوق المرأة لذا فان مشكلات النساء هناك، بدأت تتفاقم في ظل غياب الرعاية والدعم من قبل الحكومة على الرغم من الجهود التي تبذلها الاخيرة لاعادة الحياة الى طبيعتها في الاهوار، الا ان هذه الجهود اقتصرت على الجوانب البيئية المتعلقة باعادة المياه وانشاء المحميات الطبيعية . فيما بقي واقع المراة والطفل هناك متأزما ومتأخرا عن ركب الحضارة عقودا ً طويلة .
مستقبلها مهدد !
تصف الناشطة في مجال المجتمع المدني واحدى موظفات منظمة الهجرة الدولية في محافظة ذي قار زينب الميازي واقع المرأة في الاهوار بأنه واقع مرير اغتال فرحتها بتغيير النظام وعودة المياه الى قرى موطنها ،فبعد مضي اكثر من ثمانية اعوام لم يطرأ اي تحسن ملموس ينتشلها من الامية والعوز والحرمان . فحتى الجفاف وملوحة المياه عادت تهدد مستقبل وجودها وعائلتها على هذه البقعة من الارض بسب "شحة المياة" التي تصل الى الاهوار وبذلك تكون عرضة من جديد للجوع والحرمان ، وهي مجبرة اليوم على العمل ساعات طويلة من اجل توفير لقمة العيش ،مشيرة الى ان غالبية النساء هناك يعملن في جمع القصب بكميات كبيرة وبعدها يقمن بنشره لكي يجف فيما يجمع قسم منه علفاً للحيوانات الى جانب ذلك تعمل بعض النساء في صناعة القصب حيث يتجمع عدد منهن لكي يحكن مايسمى بالعامية (البارية ) وهو فراش يستعمل لوضعه سقفا لبعض البيوت هناك ويكون اجره بسيطا جدا وياخذ وقتا وجهدا طويلين .
تقاليد صارمة
التقاليـــد والاعراف الاجتماعية حاضرة بقوة في اهوار العراق وهي احدى العقبات التي تعيق تطور واقع نساء الاهوار بحسب ما توضح الباحثة الاجتماعية خولة النصار حيث تشير الى ان النساء هناك ضحية لعدد من التابوهات التي يفرضها الاب او الاخ وحتى زعيم العشيرة او كبير القوم في عائلتها ، لذا فهي محرومة من ابسط حقوقها المتمثلة بالتعليم واختيار شريك الحياة . مشيرة الى الفتيات هناك على سبيل المثال لا يمكن ان يذهبن الى المدارس حتى وان افتتحت هناك مدارس ومراكز تعليمية ،لان الفتاة تجبر على الزواج في سن صغيرة مايحرمها من متابعة دراستها او تعلم القراءة والكتابة على اقل تقدير، وفضلا عن مشكلة حرمان الفتيات هناك من التعليم فان هناك مشكلة مرادفة لها وهي الاجبار على الزواج من احد ابناء العمومة او العشيرة واذا ما رفضت هذه الزيجة فأن حياتها مهددة بالقتل.
الزواج المبكر
العرف الاجتماعي السائد في مناطق الاهوار القائم على تعدد الزوجات بهدف انجاب عدد اكبر من الاطفال كمصدر قوة للعشيرة الى جانب الاستفادة منهم في العمل فرض على المرأة معاناة اخرى تتمثل بالحمل والانجاب المتكرر وفي هذا الصدد توضح الناشطة زينب ميازي التي تقوم بزيارات دورية الى مناطق الاهوار ان اغلب النساء المتزوجات ينجبن اطفالا في اعمار متقاربة ما يرهق المرأة صحيا ويعرضها لمخاطر تكرار الحمل والولادة في مدة زمنية قصيرة، كما ان ازدياد حالات الزواج من الاقرباء وهي ظاهرة شائعة في منطقة الاهوار نتج عنه العديد
من حالات التشوه وكثرة زواج الاقارب ومايسببه من امراض وراثية وتشيـــر الميازي ان هنـــــــــــاك
90 بالمئة من الوفيات في مناطق الاهوار والريف في محافظة ذي قار بسبب الحمل والولادة كما ان اعمار المتزوجات من سن "15 الى 30 " ينجبن اطفالا كل عام و 75 بالمئة من النساء هناك ينجبن في المنازل على يد القابلات الغير المأذونات بعيدا عن اي اشراف طبي بسبب عدم وجود مستشفيات قريبة او بسبب التقاليد الاجتماعية، الامر الذي يؤدي الى خسارة الام او الطفل او كليهما .
انتشار الامراض
لم يقتصر العامل الوحيد لوفيات النساء في مناطق الاهوار على الحمل والانجاب المتكرر في سن مبكرة بل هناك امراض كثيرة تزهق ارواح النساء هناك ابرزها الامراض السرطانية والامراض المزمنة. وفي هذا الصدد توضح الدكتورة ندى العسكري "متخصصة بامراض النساء والتوليد " انها تستقبل في عيادتها العديد من النساء المصابات بالسرطان لاسيما "سرطان الثدي " في مراحله المتاخرة مايصعب علاجه وايقاف انتشاره في الجسم . وتعتقد العسكري ان الجهل بابسط الامور الطبية الذي تعاني منه النساء في الاهوار ساهم في انتشار عدد من الامراض المستعصية . الى جانب ذلك تعاني العديد من النساء من امراض الحساسية نتيجة ملامستهن الحيوانات كما ان امراض الضغط والسكري شائعة بين نساء الاهوار نتيجة زواج الاقارب .
أحلامهن
صينية عناد عباس صبية في السادسة عشرة من عمرها تحاول جاهدة تعلم القراءة والكتابة بمساعدة احدى المنظمات الانسانية التي تزور القرية بين الحين والاخر.
تقول : اكثر ما اتمنى في هذه الحياة هو تعلم القراءة والكتابة وكم اصاب بالخبية والحزن حيما لا استطيع قراءة ما تقع عيناي عليه عندما نذهب الى المدينة ، وتلقي صينية باللوم على المنظمات الانسانية الكثيرة التي تزور الاهوار ولاتقدم اشياء ملموسة للفتيات هنا، تقول كل ما نحصل عليه بضعة وعود لاترى النور ابدا وصور "فو توغرافية " للذكرى .صينية تعرفت مؤخرا على وسائل الاعلام التي اصبحت تزورهم باستمرار في الاونة الاخيرة لتسجيل افلام وثائقية ، احدى الصحفيات الذي التقت بها صينية اهدتها" تلفزيون وستلايت " غيرت وجهة نظر صينية بشان قضايا العالم الخارجي الذي وصفته بانه عالم " مجنون وساحر " .
مركز صحي
على الرغم من انها لم تتجاوز الثلاثين من عمرها الا انها بدت اكبر من ذلك بسنوات فقد ترك التعب ومجابهة اعباء الحياة القاسية في الاهوار بصماته على وجهها وجسدها النحيل .تقول خيرية عبيد متزوجة من ابن عمها منذ ان كانت في الرابعة عشرة من عمرها انجبت منه خمسة ابناء قبل ان يتم اعدامه من قبل اجهزة النظام المباد التي كانت تداهم وتطارد ابناء الاهوار ، ثم تزوجت اخيه بعد ذلك وانجبت من اربعة ابناء ،اقضي ساعات طويلة في اعمال شاقة داخل وخارج المنزل ،وقد ذهبت كل مناشدات اهالي الاهوار عبثاَ في تحسين واقعهم المرير واليوم لا نطلب الا القليل ولم يوفر لنا . خيرية مصابة بمرض السل وتتمنى ان يتم انشاء مركز صحي قريب من اكواخهم المتهاوية لتوفير العلاج لها ولغيرها من نساء الاهوار .
المصدر:الصباح - نجلاء الخالدي