ذي قـــار.. «ترانزيـــت» المخـــدرات
Sat, 1 Dec 2012 الساعة : 10:25

وكالات:
الأرقام والاحصاءات التي تعلنها الأجهزة الأمنية والمنظمات المعنية والقضايا التي تنظر فيها المحاكم في جرائم الاتجار بالمخدرات في ذي قار تشير بوضوح الى خطورة هذه الظاهرة والى انها لم تعد طارئة ودخيلة على المجتمع، وانما اخذت بالاتساع لتمتد على مساحة كبيرة في هذه المحافظة، وتجند شبابها للعمل في الترويج لها، مستفيدة من الأرضية الملائمة التي يعزوها المختصون والمراقبون الى غياب الوعي والتوجيه والارشاد، والأهم من ذلك هو تفشي
البطالة.
وتقول رئيسة منظمة أور للمرأة والطفل منى الهلالي: إن الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص إلى العمل في تهريب وتعاطي المخدرات كثيرة ومتنوعة، منها تفشي البطالة والفقر وغياب الوعي لدى الشباب وفقدان التوجيه والارشاد من قبل الاسرة والمدرسة التي عادة ما تؤدي الى الانحراف، اضافة الى المشكلات الأسرية والجهل بعلوم الشريعة وضعف الوازع الديني.وتشير الى ان منظمتها أحصت العشرات من حالات تعاطي المخدرات والمتاجرة بها، وأكدت ان هذه الظاهرة أخذت تستشري بشكل كبير، ومنها حالات سجلت ضد عدد من الفتيات.
وبينت الهلالي ان بعضاً من مروجي المخدرات ومتعاطيها بدأوا يبتكرون خططاً وأساليب جديدة في عمليات التهريب والتوزيع، من خلال المقاهي، وهو ما ضبطته الأجهزة الامنية في أكثر من مقهى.
ودعت الناشطة المدنية الأجهزة الأمنية الى نشر مخبرين سريين بين بعض الشرائح الاجتماعية التي يكثر فيها تعاطي وتهريب المخدرات لمتابعتها بشكل دقيق واطلاق حملة توعية وطنية شاملة من قبل دائرة الصحة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان للتوعية بمخاطر المخدرات.
وقد لا يعرف الكثيرون مخاطر المخدرات وتأثيرها في أعضاء جسم الانسان، مثلما يقول الباحث النفسي كريم الفارس، الذي يحذر من ان المخدرات تؤثر بشكل مباشر في وظائف العقل كالاحساس والتفكير أو الأفعال والسلوك، مبينا ان المواد المخدرة تشمل الافيون والحشيشة والكوكائين والهيرويين ومواد أخرى كالكحول والتبغ والمنبهات ذات التأثير القليل مثل المورفينات والمهلوسات والارتين من الصنف المنتشر حاليا.
الموقع الجغرافي
لعل الموقع الجغرافي لذي قار التي تتوسط ثلاث محافظات حدودية هي ميسان والبصرة والمثنى، والتي تحاذي بدورها دولاً مجاورة تعد من أكبر الدول المصدرة لأنواع المخدرات، جعلها الممر الآمن لعبور المخدرات والمواد التي تحظر تلك الدول تصديرها.
ويرى نائب رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة ذي قار جميل يوسف شبيب ان الموقع الجغرافي الذي يربط ذي قار بعدة محافظات حدودية مجاورة لدول تشتهر بزراعة أشهر أنواع المخدرات جعلها معبرا آمناً للعديد من المهربين لنقل كميات كبيرة من المخدرات الى الدول والمحافظات الاخرى، فضلا عن أن المحافظة تضم مساحات صحراوية شاسعة تصعب السيطرة عليها، الامر الذي يحتاج الى جهد أمني وتخصيص مالي لمتابعة تلك الحالات التي باتت تهدد أمن المحافظة.
وأقر شبيب بوجود خروقات وثغرات أمنية استغلتها بعض المجموعات وعصابات الجريمة المنظمة والمهربين، لكنه أكد أن هذه الخروقات تم تشخيصها وحددت من قبل الجهات الامنية، مؤكدا ان المحافظة سجلت تلك الملاحظات وعرضتها على جلسة مجلس الوزراء التي عقدت مؤخرا في الناصرية.
أساليب متطورة
تنوعت اساليب تهريب ونقل المخدرات بعد أن أخذ التجار والمهربون يبتكرون طرقا وأساليب جديدة ومتطورة في عمليات التهريب سواء كانت بين المحافظات أو الى خارج البلاد، وآخرها المحاولة التي احبطتها السلطات السعودية بالتنسيق مع الاجهزة الاستخبارية العراقية لما وصفته مديرية جمارك ذي قار بأنها من أكبر عمليات تهريب المخدرات بواسطة طائرة شراعية كانت تنقل حمولتين تضم كل منها طناً من الكوكائين والافيون.
كما ان تجار المخدرات قاموا بفتح طرق ومسالك جديدة في حدود المحافظة المحاذية لحدود محافظة المثنى باتجاه السعودية لتهريب كميات كبيرة من المخدرات مختلفة الأصناف، وفقا لمصدر في الجمارك، الذي لفت الى أن ذي قار أصبحت موزعا رئيسا للمخدرات لكونها تقع بين المحافظات ذات الحدود المشتركة مع دول مصدرة لأصناف المخدرات، مشيرا الى أن معظم هذه المخدرات تأتي عن طريق محافظة ميسان وتذهب باتجاه مناطق شمال الناصرية وتحديداً عن طريق ناحية الفجر ومنها الى الديوانية وعمليات أخرى تتم عن طريق قاطع حدود السماوة.
الاصلاح والردع
يقول الناطق باسم محكمة استئناف ذي قار الاتحادية ناظم الوائلي: ان قضايا المخدرات تعرض على المحاكم التي تنظر فيها وفقا للقانون وتصدر أحكاما قضائية ضد المتعاطين للمخدرات والمتاجرين بها بعد احالتهم الى محكمة الجنايات وفقا لأحكام المادة (39).
ويرى ان اغلب الاحكام التي تصل الى الحبس الشديد لمدة ثلاث سنوات هي عقوبات قانونية تحمل في طياتها جانبين مهمين هما الردع والاصلاح.
وقلل الوائلي من أهمية الارقام التي تتداول بشأن ظاهرة تعاطي المخدرات والمتاجرة بها في المحافظة، الا أن مصادر من داخل المحكمة كشفت عن ان المحكمة نظرت في (132) قضية مخدرات خلال العام 2011، يتعلق أغلبها بالمتاجرة والتهريب، مضيفا أن مكتب مكافحة المخدرات أحبط من جانبه عشرات العمليات لتهريب المخدرات من والى المحافظة خلال المدة الماضية.
كما أكدت مصادر أمنية أن عدد المتهمين الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية في قضايا مخدرات تجاوز (100) متهم منذ مطلع العام الجاري وحتى الان، مضيفة ان التحقيق مازال جاريا الان مع (10) متهمين آخرين في قضايا مماثلة، لكنه يشير الى ان ما يجري الان هو تداول أصناف من الحبوب المخدرة وحبوب الهلوسة والمؤثرات العقلية.
ويؤكد قائد شرطة ذي قار اللواء الركن حسين عبد علي ان مكافحة المخدرات لا تقع على عاتق اجهزة الشرطة فحسب بل هي مسؤولية مشتركة بين وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين، اضافة الى الاجهزة الامنية.
وكشف عن ان الأجهزة الأمنية اعتقلت منذ بداية العام الجاري (295) شخصا من المهربين والمتاجرين ومتعاطي المخدرات.
المصدر:الصباح