انتحار الفتيات في ذي قار.. اتهامات لقوات الأمن بالتواطؤ مع ذوي الضحايا
Wed, 18 Apr 2012 الساعة : 8:37

وكالات:
أبدى مواطنون ومنظمات مجتمع مدني في ذي قار مخاوفهم من ازدياد ظاهرة انتحار الفتيات دون الثامنة عشرة من اعمارهن، متهمين مديرية الشرطة بالتواطؤ مع عائلات الضحايا لكونها تعد قتل الفتيات عملية انتحار من دون ان تفتح تحقيقا لمعرفة تفاصيل دقيقة عن حالات الوفاة، فيما رفضت الشرطة الرد على الاتهامات.
وتعزو سارة جاسم (طالبة في كلية التربية-قسم الجغرافية)، اسباب لجوء الفتيات الى خيار الانتحار الى "اسباب عدة، اقتصادية واجتماعية لاسيما ما يتعلق بالقيود التي تفرضها بعض التقاليد العشائرية لتقييد حرية الفتاة والتحكم بها"، مشيرة الى ان "العنف الاسري الذي تتعرض له الفتاة بشكل مستمر والضغط النفسي والتمايز الذي تضعه العائلة بينها وبين الشاب يجعلانها تفكر مليا في كل اليوم بخيار الانتحار للتخلص من اعباء الحياة البائسة"، على حد قولها.
واضافت ان "الفتاة لا تمتلك حقوق حرية التعبير وابداء الرأي، وحتى في اختيار شريك حياتها، إذ تزوج في سن مبكرة، بالاضافة الى منعها من الاختلاط بالمجتمع الذكوري بوصفه جناية يعاقب عليها الاهل اوالعشيرة"، مؤكدة ان "معظم صديقاتها التي تعرفهن يفكرن كل يوم بالانتحار، مضيفة بالقول: "لا اعتقد ان هناك فتاة لم تفكر في الانتحار بسبب ما تتعرض اليه من مضايقات"، داعية الى "استخدام لغة الحوار مع الفتاة ومنحها حقوقها القانونية والشرعية ومسايرتها والاهتمام بها شأنها شأن الرجل".
ودعا المواطن احمد السعيدي الى "التوقف عند هذه الظاهرة، لكونها مشكلة يجب ان تعالج من قبل اخصائيين"، مرجحا ان "يكون مكمن المشكلة الاساسية في الافلام والمسلسلات التركية والمكسيكية التي غزت مجتمعاتنا الشرقية المحافظة".
وشدد المواطن رعد سالم (44عاما)، على "وجوب التدقيق في ما يعلن بين مدة واخرى من حالات انتحار باتت تتكرر في المحافظة، فنحن نعلم بأنها ليست حالات انتحار حقيقية وان 90 بالمئة منها جرائم قتل"، متهماً الشرطة بـ"التعاون مع الأهالي لتغطية معالم الجريمة"، داعيا الى "العمل على نشر الوعي والارشاد والتوجيه وابداء النصائح خاصة للصغيرات والمراهقات لان طريقة تفكيرهن مرتبكة كثيرا و تؤدي الى الاستعجال في اتخاذ قرارات خاطئة ولا ينفع الندم وهم يحتاجون الى النصح والارشاد".
تعاطف مع الجاني لا الضحية
بدوره، رأى رئيس جمعية حماية وتطوير الاسرة العراقية حقي كريم ،ان"ازدياد ظاهرة انتحار الفتيات يشكل تهديدا خطيرا للمجتمع".
وأضاف كريم ان "لجوء الفتاة للانتحار هو نتيجة لما تتعرض له من ضغوط كبيرة من قبل الاهل الذين يفرضون العادات والقاليد القديمة والبالية"، على حد وصفه، مشيراً الى ان "مديرية الشرطة سجلت في العام الماضي 13 حالة انتحار لفتيات تتراوح اعمارهن ما بين 15 الى 18 عاما"، مضيفا ان "نتائج التحقيقات التي اعلنتها الشرطة في مؤتمر الواقع الجنائي الذي عقد مؤخرا قيدت تلك الجرائم تحت جرائم القتل بإسم غسل العار".ولم يخف كريم مخاوفه من ان "يكون هنالك تعاطف من الشرطة والمحققين عند وقوع جرائم انتحار مع عائلات الضحايا على حساب الضحية وتقيد تلك الحالات تحت مسمى الانتحار"، داعيا الجهات المعنية ومجلس النواب الى "تشريع قانون يجرم مرتكبي جريمة الشرف او ما يسمى بغسل العار وعدها جريمة جنائية يعاقب عليها القانون مثلما يحاسب على جريمة القتل العمد". وشهد قضاءا الرفاعي والشطرة خلال الايام الماضية اربع حالات انتحار لشابتين وشابين في حوادث منفصلة شنقا في منازلهم.
انتحار أم قتل
وتقول الناشطة النسوية شذى القيسي: ان "مجتمعاتنا تنقصها الثقافة الاجتماعية، كما انه ليس هناك تواصل شفاف بين العائلات في حل النزاعات التي تنشب بين الاهل، يمكن ان ينهي ازمة قد تكون بسيطة بذاتها"، مضيفة ان "الشرطة دائما ما تاخذ قتل الفتيات على انه عملية انتحار من دون ان تفتح تحقيقا لمعرفة تفاصيل دقيقة عن حالات الوفاة التي تتعرض لها شابات تتراوح أعمارهن من 15 الى 18 سنة ومعرفة الأسباب الأساسية التي دفعتهن الى الانتحار".وتابعت القيسي ان "الشرطة تفتقر الى ملاكات مختصة في علم النفس والاجتماع لدراسة تأثيرات تلك الحالات وأسبابها، فضلا عن الجهل بآليات البحث في أسباب الجريمة التي قد تكون عملية انتحار او جريمة جنائية ارتكبها ذوو الضحية لطمس معالم جريمتهم بالتواطؤ مع بعض الجهات الأمنية"، على حد قولها.
من جانبها، رفضت مديرية الشرطة التعليق على الموضوع، مكتفية بالقول انها "غير مخولة بالتصريح وان هناك تعليمات محددة للإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام".
المصدر:الصباح